مات القاضي عبد الرحمن الإرياني في مثل هذا اليوم، والقاضي الإرياني هو ثاني رئيس للجمهورية بعد الرئيس السلال رحمهما الله جميعاً.
كان الإرياني عالماً وأديباً وسياسياً محنكاً وثائراً من الذين ثاروا على حكم الأئمة، لأنهم كانوا يدركون خطورة الحكم الإمامي على الدين والدنيا ....
بعد الثورة تولى الحكم، والقلاقل مستمرة والمؤامرات على أشدها، فاليمن كدولة حرة ومستقرة يخافها الكثير ومازالوا، وستظل الدولة اليمنية القوية حلم اليمنيين وإرادتهم حتى تبنى دولة لا يتسيد فيها أحد على أحد ولا تستأثر القلة بثروة الشعب، ومهما كان المعرقلون، فإن المسيرة الشعبية ستصل بإذن الله وسينتصر اليمن مادامت الدولة الكريمة قضية اليمنيين الأولى والمعركة مستمرة والثورة منتصرة .
مالم يعلمه البعض أن القاضي الإرياني كان أول رئيس عربي يقدم استقالته طواعية لمجلس الشورى، وقد أخفيت الاستقالة وأظهروا الأمر كأنه إطاحة وكأنهم يخافون من الاستقالات الطوعية والتصرفات المدنية.
كان يخاف على اليمن ويحرص على الدم اليمني ولديه مقولة شهيرة «لا أريد أن يذبح طائر دجاج بسببي» بينما نرى من يدفع بالآلاف للموت ويتسبب بقتل عشرات الآلاف من أجل الوصول إلى الكرسي أو الحفاظ عليه، وهنا يُعرف الفرق بين الأوغاد والعظماء ممن يحبون وطنهم ويحرصون على أهلهم.
يقول الشيخ سنان أبو لحوم في مذكراته: اتصل القاضي عبدالرحمن الإرياني بإبراهيم الحمدي، فوصل إلى القصر الجمهوري وقال للإرياني: «لا يمكن القبول بالاستقالة، ونحن جنودك، وأنا بيد عمي سنان، وإذا كان هناك مجانين، فهذا أبونا أقدر الناس على حل المشاكل، ونحن تحت أوامرك، ولا نريد أن نفرض عليك أي شيء، وفيك الخير والبركة»، فرد الإرياني على إبراهيم الحمدي بالقول: «لا أرضى أن يسفك دم من أجلي وهذه استقالتي» .
في عهده تم انتخاب أول مجلس شورى وصياغة أول دستور يمني حديث، وفي عهده بدأ التفاوض حول الوحدة اليمنية وأسسها من خلال اتفاقيتي «القاهرة» و«طرابلس» التي وقعتا بين شطري اليمن آنذاك.
كان عبدالرحمن الإرياني مصلحاً وأديباً وشاعراً وهو الذي خاطب الإمام يحيى بقصيدة مطلعها:
إنما الظلم في المعاد ظلام
وهو للملك معول هدام
ومنها البيت الذي اشتهر بين الناس كحكمة:
أنصف الناس من بنيك
وإلا أنصفتهم من بعدك الأيام
وبسببها سجن في سجون الإمام يحيى من عام 1945م إلى 1948م.. رحم الله عبدالرحمن الإرياني والرحمة تغشى أبطال وشهداء الثورات اليمنية من 1948م إلى 26سبتمبر إلى ثورة11فبراير التي ستؤسس لنظام شعبي مدني يستأصل فكرة الاستبداد والطغيان، سواء باسم السلالة أو الأسرة أوالغلبة أوالطغيان بأي ثوب ولون.