الفدرالية هي المفرزة السحرية التي أستخدمت كأداة لتفتيت وحدة اليمنيين التي جسدتها ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية،ولفرزهم على أسس ليس لها أدنى علاقة بتطلعاتهم وآمالهم الحقيقية.
فمن الواضح،أن أهم أسباب التقارب بين صالح وأتباعه والحوثي وجماعته تعود أساسا إلى محاولة عزلهم في ما أسمي ب" إقليم آزال" الذي صمم ليشبه زنزانة إنفرادية في سجن كبير،ما دفعهم إلى تجميع إمكانياتهم،صراحة وضمنا،للحيلولة دون حشرهم في الزنزانة التي صممت لهم تلك.وهو الأمر الذي يفسر،أيضا،إصرارجماعة الحوثي على الإنتشار في محافظات الشمال،وعدم إكتفائها بإجتياح العاصمة فحسب.
من جهة أخرى،فأن تكتل المشترك الكان تأسس ضدا على نظام علي صالح مهدد حاليا بالتفكيك،والفرز وفق عوامل لاعلاقة لها البتة بعلي صالح ونظامه ولا بأي من المشتركات الأخرى التي تأسس من أجلها عموما.
فوفقا لتصريح الأمين العام الجديد للحزب الإشتراكي د.عبدالرحمن السقاف،أثناء لقائه مؤخرا،بأمين حزب التجمع الوحودي اليمني فإن المشترك لم يعد فيه مشتركات وأن الحاجة قائمة لتحالفات جديدة تقوم على أساس نبذ إستخدام السلاح في الصراعات السياسية الداخلية.(وهو التصريح الذي يتفق مع ماكان قد قاله،بخصوصه،الأمين العام السابق د.ياسين في افتتاح مؤتمر المجلس الوطني للحزب).
ولا يمكن فهم مضمون هذا التصريح الا بأخذ الفدرلة إياها كعنصر في التحليل.ذلك أن القول بالحاجة إلى تحالفات جديدة على أساس رفض استخدام السلاح في الصراعات السياسية هو قول يقتضي،بالنظر إلى الحالة القائمة،الإبقاء على المشترك وليس إنهاؤه.
ولكن لأن الأمر،في حقيقته،له علاقة بالفدرالية"من إقليمين" وليس بالسلاح وإستخدامه،جاء القول بانتهاء المشتركات لدى المشترك،وبالحاجة إلى تحالفات جديدة.والقول بنبذ استخدام السلاح ليس سوى غطاء لتبرير التحالفات الجديدة تلك.
الفدرالية إذآ،وماتنطوي عليه من مصالح ومطامع صغيره،هي "الحشيش السياسي" الذي أستخدم ليحرك الساسة،موحدا "الأعداء"ومفرقا "الأصدقاء"منهم.
وهي نفسها الأفيون الذي أستخدم ليلهي اليمنيين ويصرفهم،جميعا،عن قضاياهم الأساسية الكبرى،المتمثلة بالحرية والعدالة والمساواة،وبكل ما يتصل بدولة القانون، التي ناضلت وتناضل،وضحت وتضحي،من أجلها،الحركة الوطنية اليمنية،جيلا بعد جيل.
الحلول الإنسحابية مشكلات جديدة.ففي لحظة صحو سيدرك الحالمون ب"فراديس" الفدرالية،بأن عليهم،إن أرادوها فعلا،فرضها بالسلاح،أوإستئجارها ممن تركوهم يمسكون السلاح،هذا إن قبل هولاء بتأجيرها أصلا.