أرشيف الرأي

بين موقفي المؤتمر والإصلاح من "الإعلان الدستوري" للحوثي

موقف المؤتمر من "الإعلان الدستوري" هو أوضح وأقوى موقف سياسي صدر عن حزب ضد هذا الإعلان الإنقلابي حتى الآن. ولا تأتي أهمية هذا الموقف من أهمية العلاقة بين المؤتمر والحوثي فقط، وإنما أيضاً من وضوح الموقف المؤتمري ودقته في وصف ما يشكله "إعلان الحوثي" المنفرد.

المؤتمر، في بيانه الصادر الليلة، اعتبر "الإعلان الصادر عن انصار الله (...) تعديا على الشرعية الدستورية، ومخالفا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، واتفاق السلم والشراكة الوطنية". وأكد "أن دستور الجمهورية اليمنية النافذ والمستفتى عليه هو عقد اجتماعي بين جميع أبناء الوطن اليمني الواحد، والمساس به هو مساس بكل مكتسبات الوطن والشعب وفي مقدمتها الوحدة اليمنية".

رفض واضح وصريح بنبرة هادئة لـ"الإعلان الدستوري" الذي شكل عنواناً لإنقلاب الحوثي المتكامل على الدستور والدولة. فهو لم يمثل إنقلاباً على الإتفاقات السياسية المبرمة في مرحلة مابعد 2011 فقط، بل شكل إنقلاباً على "كل مكتسبات الوطن والشعب وفي مقدمتها الوحدة اليمنية"، وهو مايمكن ترجمته ب: انقلاب على الواقع السياسي اليمني منذ بدأت مرحلة التعددية السياسية في البلد عقب إعلان الوحدة عام 90 على الأقل، وهذا مايشكله "الإعلان الدستوري" فعلاً.

لم أطلع على موقف حزبي رافض لـ"الإعلان الدستوري" بوضوح ودقة موقف المؤتمر. بيان الإصلاح مثلاً رفض "الإعلان الدستوري" باعتباره "خطوة انفرادية" انقلبت "على حوارات حل الأزمة". وأكد الإصلاح، في بيانه الصادر اليوم، رفضه "لتلك الخطوة الأحادية وما يترتب عليها"، وطالب "بإلغاء كافة الخطوات الانفرادية والعودة للحوار".
أي خطوة انفرادية ياإصلاح؟ إنه انقلاب كامل ياعزيزي..

لست هنا بصدد المقارنة بين موقفي المؤتمر والإصلاح أو إبراز تفوق أحدهما على الآخر، لكنّ المؤتمر بدا مدركاً لما يشكله "الإعلان الدستوري" بخلاف الإصلاح الذي لم يرَ في هذا الإعلان سوى انقلاب "على الحوار السياسي الجاري بين الحوثي والأحزاب"، وإنقلاب "على التوافق السياسي". بل إن الإصلاح بدا كما لو أنه لايرى في إعلان الحوثي وإنقلابه أيّ خطأ سوى أنه أتى ك"خطوة إنفرادية" دون مشاركة بقية الأطراف. وهذا خطأ كبير على الإصلاح مراجعته وتصويبه، حيث المشكلة ليست في أن الحوثي انقلب على المفاوضات والتوافق السياسي بل في أنه انقلب على الدستور والدولة ككل، هذا أولاً. وثانياً المشكلة ليست في أنه انقلب منفرداً بل في أنه انقلب على الدولة أصلاً، بمعنى أنه حتى لو باركت سائر الأحزاب إنقلاب الحوثي، فهذا لن يجعله إنقلاباً شرعياً.

بيان المؤتمر الرافض لإعلان الحوثي بدا دقيقاً حتى في وصفه للإعلان. فهو لم يصفه ب"الإعلان الدستوري" بل وصفه دوماً ب"الإعلان الصادر عن أنصار الله". ومن يريد فهم سبب اعتماد بيان المؤتمر لهذا الوصف، عليه مراجعة ما نقله الزميل نبيل الصوفي على صفحته من لقاء صحفيين مصريين وسويديين مع صالح اليوم. سألوه عن "الاعلان الدستوري"، فقال: "الاعلان الدستوري يأتي من رئيس دستوري يعلن الاعلان مستندا لذات الدستور، وليس أي إعلان سياسي، يمكن تسميته اعلان دستوري". وحين سئل عن موقفه منه، قال: "هو إعلان سياسي، أعلنته جماعة الحوثي، من طرف واحد".

بدون تشخيص جيد للمشكلة، كيف سنعرف الحل؟ وبدون رؤية الإنقلاب كاملاً، كيف سنتمكن من رفضه؟

زر الذهاب إلى الأعلى