حبيش الثائرة الأولى ضد الإمامة
محمد عبدالله القادري يكتب: حبيش الثائرة الأولى ضد الإمامة
قبل مائة عام من يومنا هذا ، حدثت اول ثورة ضد حكم الإمامة في اليمن ، انطلقت تلك الثورة من داخل مديرية حبيش في محافظة إب وحررت المديرية لمدة ستة اشهر من فلول الإمامة ، وظل الثوار متمركزين داخل مديرياتهم في مواجهة مع الجيش الامامي حتى انهزموا داخل المديرية الوحيدة في اليمن التي اعلنت الثورة وظلت تواجه لوحدها .
لم تتطرق كتب التأريخ لهذه الثورة كالمؤرخين المهتمين بثورة 26 سبتمبر ، ربما لأنها حدثت بوقت مبكر خلال بضع سنوات من تولي الامام يحيى الحكم وقبل مدة اقل من نصف قرن من قيام من زوال حكم الإمامة عبر ثورة سبتمبر الخالدة .
وانما تطرق لهذه الثورة بعض كتاب التأريخ الامامي كالمجاهد ومطهر الذين وصفوا ثوارها بالبغاة ورصدو الزهو والافتخار بعد القضاء عليها مما يدل على ان تلك الثورة هزت عرش الإمامة في صنعاء ولعل قول الشاعر الامامي الذي انشد فرحاً عند القضاءعليها من حيث قصيدته التي قال فيها.
وسل عن حبيش حين زاغ عقابه
فمالت عليه بالدمار صقور
وطار بمن ساواه في البغي هائماً
وما ضمه بعد البوار ذكور .
ويقصد الشاعر هنا بزيغ عقاب حبيش الشيخ محمد عايض العقاب احد مشائخ المديرية الذي قاد تلك الثورة.
من خلال ما تطرق له المؤرخون الاماميون وما حدثنا عنه بعض الاجداد في منطقتنا التي قامت بها الثورة وان كانت معلوماتهم يسيرة كون تلك الثورة قامت بعهد اباء الاجداد أو اجدادهم قبل مائة عام ، إلا اننا من خلالها نجمع معلومات كافية لتأريخ ثورة يجب ان تكون لها مكانتها التأريخية .
مما يرويه الاجداد انهم سمعوا ان هناك افراد من بعض الاسر من اقاربهم الذين كانوا مشاركين بالثورة فروا لمدينة عدن بعد الهزيمة ووصلوا لهناك وغيروا القابهم وعاشوا بسرية خوفاً من الاحتلال الذي كان يقبض على كل من يقف ضد الإمامة وفق اتفاق بين الإنجليز والإمامة .
حسب احفاد احد الثوار الذي عاد للمنطقة التي فر منها جده وهو من مواليد عدن انه هناك من ابناء حبيش ولدوا في عدن وتربوا فيهم و تغيرت القابهم اثناء هروب اجدادهم لهناك ولا يعلمون شيئاً عن سبب هجرة اجدادهم لعدن ومن امثلة اولئك الاستاذ نجيب محمد سعيد احد محرري الاخبار في اذاعة عدن وهو حفيد احد رجال تلك الثورة حيث ان جده الثائر من ابناء عزلة قحزة مديرية حبيش.
تلك الثورة حدثت عام 1919 ، حيث ان ابناء حبيش وعلى رأسهم الشيخ محمد عائض العقاب ، رفضوا الاذعان لحكم الإمامة ، وهجموا على عسكر الامام في مدينة ظلمة مركز المديرية وقتلوهم وشردوهم .
على اثرها ارسل الامام يحيى جيشاً كبيراً من صنعاء بقيادة وزير دفاعه ووصل ذلك الجيش إلى المخادر وهناك ارسل مندوباً لمفاوضة الثوار وقائدهم بالانسحاب وطاعة الامام أو الحرب ، وعند وصول المندوب رفض الثوار وقائدهم الاذعان واعطوه طلقة رصاص بندق شيكي وقالوا له قل لامامك ليس معنا سوى هذا ، عاد المندوب لقائد جيش الإمامة بتلك الرصاصة التي كانت جواباً يحمل تحدي الثوار للامامة وجاهزيتهم للمواجهة ، تحرك جيش الإمامة نحو حبيش وكان الثوار قد تمركزوا في جبل مشاعر وحصن خدد وهو المكان الاستراتيجي الذي يقع وسط حبيش ومن يتمركز فيه يستطيع ان يصد اي زحف قادم من الامام ومن اليمين والشمال ، بينما تمركزوا في جبل العقاب الذي يقع في غرب حبيش.
تقدم جيش الإمامة نحو حبيش وهناك تفاجأ بكمين محكم نصبه الثوار في منطقة المشيرق ودارت هناك مواجهة عنيفة استند فيها الثوار لهجوم مباغت تمركز من اعالي جبل مشاعر لمساندة زملاءهم الذين يخوضون المعركة تحت الجبل بالمشيرق لتنتهي المعركة بخسارة جيش الإمامة وقتل اعداد كبيرة منهم وتم دفنهم في منطقة المشيرق حيث دارت المعركة بمقبرة منفردة خصصت لاولئك القتلى تسمى مقبرة الثمين تقع بين قرية الميناء وصمع والنجر بعزلة المشيرق .
عناوين ذات صلة: