الحوثيون وتجريف الهوية
وليد الشعوري يكتب: الحوثيون وتجريف الهوية
منذ أن خرج الإماميون الجدد من كهوف الظلام في صعدة، ومساعيهم مستمرة بوتيرة عالية نحو تجريف الهوية الوطنية لليمنيين، فاتجهوا بسذاجة لا نظير لها نحو محاولة القضاء على أهم عناصر تكوين الهوية وهو التاريخ العريق لحضارات اليمنيين الممتدة لآلاف السنين (سبأ وحضرموت ومعين وقتبان وأوسان وحمير) ومجد أجدادهم الذين قادوا الفتوحات والبطولات وغيروا مجرى التاريخ منذ الألفية الثانية قبل الميلاد وحتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962.
ثمة شواهد كثيرة تؤكد حقيقة عدوان الحوثيين على التاريخ اليمني وللتأكد من ذلك يمكننا العودة إلى إحدى محاضرات مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي وهو يقلل من حضارة سبأ وحمير بقوله: في اليمن يشد اليمنيون إلى التاريخ الحميري والسبئي ويجعلونهم يقدسون بقايا أعمدة في مارب ويعظمون بقايا آثار دولة سبأ ومعين في مارب والجوف أو غيرها، وأن هذا تاريخنا وأنا كنا اصحاب حضارة وكنا وكنا. انتهى كلام حسين الحوثي الذي أغضبه تمسك اليمنيين بتاريخهم، وليس هناك تفسير منطقي لانزعاج حسين الحوثي من هذا الأمر غير أنه تأكيد صريح ان السلالة التي ينتمي إليها ليست يمنية وهي دخيلة على شعب عظيم كاليمن.
استمر الحوثيون في تجريف التاريخ من خلال تهريب أقدم مخطوطة أثرية وإرسالها إلى دولة اسرائيل، ونهب الآثار القديمة، وعقب الانقلاب المشؤوم بادرت جماعة الحوثي للنيل من مقدسات ثورة سبتمبر التي أطاحت بآخر ممالك الهادي الرسي، فعمدت إلى تغيير أسماء معالم ترتبط بالثورة والجمهورية منها محاولة تغيير اسم شارع الزبيري في صنعاء ومجمع الشهيد الزبيري التربوي في مدينة العدين، وقامو بتغيير اسم ميدان التحرير في العاصمة صنعاء الذي يرمز إلى تحرير اليمن من ربق الإمامة إلى ميدان الصمود، وايضاً اعتدو على النصب التذكاري للجندي المجهول وحولوه إلى قبر للهالك صالح الصماد وجعلوا منه مزاراً لأتباعهم.
وفي الأمس قامو بتغيير اسم مدرسة في بلاد الروس تحمل اسم مهندس الثورة وكاتب أهدافها الشهيد علي عبدالمغني وتغييره باسم مدرسة الحسن بن علي.
لم تبق جماعة الانقلاب على شيء من تكوينات الهوية الوطنية إلا ونالت منه، استبدلوا العلم الوطني بشعار الصرخة الذي يحمل الموت لليمنيين، وهو شعار إيراني رفعه الخميني إبان الفوضى التي قادها للإطاحة بنظام الشاه.
الاقتصاد الوطني وهو أحد عناصر الهوية دمره الإماميون ونهبوا مقدرات الوطن، ونهبوا ثرواته، وعطلوا موارد الدولة، وصادروا حرية اليمنيين وحقهم في التعبير عن الرأي والكرامة والعمل، وكافة الحقوق المكفولة لليمنيين التي تجسد الهوية الوطنية.
كل ما تقوم به جماعة الحوثي السلالية ضد الأرض والإنسان في اليمن يبرهن أنها جماعة دخيلة وطارئة على اليمنيين، ويكشف وضيفتها الأساسية التي تقوم على قتل اليمنيين وتوطين سلالتها العنصرية، وسلخ اليمن عن عمقه العربي، وبذلك تصبح اليمن إقطاعية إيرانية، ومنطلقاً للتمدد الفارسي في الجزيرة العربية.
إن هذا اللغم الإيراني لا يشكل خطورة على اليمن فحسب بل أصبح يهدد المملكة العربية السعودية التي تتلقى صواريخ الحقد الحوثية بشكل مستمر، إذ أن إيران تجتهد عبر تهريب الصواريخ وإرسال الخبراء إلى صنعاء لتطوير قدرات عملائها ليصبحوا قادرين على تنفيذ المخطط الإيراني، ولا مجال أمام العرب اليوم إلا قطع هذه اليد الإيرانية التي امتدت في اليمن وستمتد إلى دول الجور إذا لم يسرع الجميع في بترها.
وفي هذه المعركة التي يخوضها اليمنيون ضد جماعة الحوثي الإيرانية يجب أن يدرك اليمنيون أن الحوثية لم تخرج ضد حزب أو فئة معينة، بل خرجت ضد كل أبناء اليمن، ضد الثورة والجمهورية والتاريخ والهوية الوطنية، خرجت ضد كل العرب الذين لا يتبعون ولاية الفقيه، وادراك حقيقة خروج السلاليين وحده لا يكفي، بل يتطلب من كل يمني أن يخوض المعركة ضد هذه الجماعة القادمة من غبار الماضي، ولا سبيل لليمنيين كي يعيشوا بسلام إلا بالقضاء على مشروعها الطائفي والعنصري.
عناوين ذات صلة: