قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الحوثية في اليمن اعتقلت تعسفيا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص في العاصمة صنعاء. وأكدت أن على السلطات الحوثية حماية حقوق كل المعتقلين، والإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفيا، ومنح أفراد العائلة والمحامين ومراقبين مستقلين إمكانية الوصول الفوري إلى مواقع الاحتجاز، للحد من مخاطر سوء المعاملة.
وحسب بيان حصل نشوان نيوز على نسخة منه فقد وثّقت هيومن رايتس ووتش الاحتجاز التعسفي أو المسيء لما لا يقل عن 35 شخصا على يد الحوثيين في الفترة من أغسطس/آب 2014 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015، منهم 27 ما زالوا رهن الاحتجاز. لم تكن الأسر قادرة على معرفة أماكن وجود 7 يعتقد أنهم اختفوا قسرا. العديد اعتقلوا، على ما يبدو، بسبب صلاتهم ب "التجمع اليمني للإصلاح" (الإصلاح)، وهو حزب سياسي سني يعارض الحوثيين وهم من الشيعة الزيدية. الحوثيون، المعروفون أيضا ب "أنصار الله"، يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "نجم عن الاعتقالات والاختفاءات القسرية لأنصار الإصلاح المزعومين على يد الحوثيين خوف ملموس في العاصمة. السياسيون والنشطاء والمحامون والصحفيون يقولون لنا إنه لم يسبق أن كانوا خائفين، مثلما هم الآن، من الاختفاء".
حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخ من 4 رسائل مؤرخة في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2015، من 2 من المدعين العامين في صنعاء، موجهة إلى مدير عام الشرطة والمحامي العام، ومدير أمن العاصمة، والقائم بأعمال مدير المنطقة الشرقية في صنعاء. هذه الرسائل تثير قضايا معتقلين محددين بالاسم دون تهمة، فضلا عن قضية الاعتقالات عموما، وتدعو السلطات المعنية للالتزام بأوامر الإفراج القضائية.
عبد الباسط غازي، وهو محام يمني يرأس "هيئة الدفاع عن المعتقلين والمختطفين"، الممثل القانوني للمعتقلين، قال ل هيومن رايتس ووتش إن منظمته موكلة عن أكثر من 800 من المعتقلين والمختفين، معظمهم ينتمي إلى الإصلاح. قال غازي إن المعلومات التي جُمعت من مصادر مطلعة حول الاعتقالات، تفيد أن الحوثيون يحتجزون ما لا يقل عن 250 في سجن الثورة الاحتياطي، و180 في سجن هبرة الاحتياطي، و167 في سجن دائرة البحث الجنائي، و165 من الشخصيات المعارضة في سجن صنعاء المركزي، و73 في مقر جهاز الأمن السياسي، و20 في مركز شرطة الجديري، و10 في منزل يملكه قائد الفرقة المدرعة الأولى السابق اللواء علي محسن الأحمر، وعدد غير معروف في مسجد الإمام زين العابدين في حي حزيز.
وثقت هيومن رايتس ووتش ما يبدو أنها حالات اعتقال تعسفي في كل من تلك المواقع إلا في سجن هبرة الاحتياطي، ومنزل الأحمر، والسجن المركزي في صنعاء. رفضت السلطات طلب هيومن رايتس ووتش زيارة السجن المركزي في صنعاء. السلطات الحوثية راقبت تحركات موظفي هيومن رايتس ووتش في صنعاء خلال أبحاثهم في هذه المسألة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
بالإضافة إلى المعارضين السياسيين، استهدف الحوثيون صحفيين في وسائل إعلام معارضة. الساعة 4 صباح 9 يونيو/حزيران، اعتقل نحو 20 عسكريا وعنصر أمن 9 صحفيين يعملون لصالح وسائل إعلام معارضة عدة. كان الصحفيون يستخدمون كمكتب غرفةً في فندق قصر الأحلام في صنعاء، لأنه مزود بمولد كهربائي. احتجزتهم السلطات يومين قبل نقلهم إلى إدارة المباحث الجنائية، ثم إلى سجن الثورة الاحتياطي، حيث بقوا حتى وقت كتابة هذا التقرير. اعتقلت السلطات أيضا 4 صحفيين مستقلين بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول. بقيت أسرتا معقتلَين دون معرفة مكانهما، بينما كان أحدهما محتجزا في إدارة المباحث الجنائية والآخر في سجن هبرة الاحتياطي. لم توجه سلطات الحوثيين اتهامات إلى أي من الصحفيين الـ13 المحتجزين.
أكد مصدر من السجن المركزي في صنعاء ل هيومن رايتس ووتش أنه قبل تنفيذ عملية كبيرة لتبادل الأسرى في 16 ديسمبر/كانون الأول، كان الحوثيون يحتجزون فيه ما لا يقل عن 450 معتقلا. قال المصدر إن هؤلاء السجناء يُحتجزون بمعزل عن السجناء الآخرين، ولا يشرف عليهم إلا حراس حوثيون، ولا يتواصلون مع موظفي السجن العاديين. أضاف المصدر أنه – على حد علمه – لا يتلقى السجن أي حصص إضافية من الغذاء لهؤلاء السجناء، كما لا يوفر لهم موظفو السجن الحوثيون البطاطين والفرش والوسائد.
لم يتسن ل هيومن رايتس ووتش التأكد من عدد الأشخاص المحتجزين في مواقع أخرى.
عبد الله قائد (32 عاما) ناشط في مجال حقوق الإنسان في صنعاء وقريب لشخص اختفى قسرا، حصل على نسخة قدمها ل هيومن رايتس ووتش، من تعهد وقع عليه ضامنون نيابة عن بعض السجناء في مراكز الاحتجاز في صنعاء لإطلاق سراحهم. ينص التعهد على ألا ينتمي المعتقل لأي "جماعة مشبوهة". أما إذا فعل ذلك، فعلى الضامن أن يقدم هذا الشخص إلى السلطات "أسير أو قتيل" وينص التعهد أيضا على أن من حق الدولة "مصادرة كل أموالنا [أي المملوكة من الضامن] وعقاراتنا التجارية دون الحاجة إلى محاكمة".
في حين قد تتخذ السلطات الحوثية تدابير مناسبة لمعالجة المخاوف الأمنية أثناء النزاع المسلح في اليمن، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي الحقوق الأساسية، بما فيها الحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي، أو سوء المعاملة، أو الاختفاء. كحد أدنى، يتعين إطلاع المعتقلين على أسباب محددة لإلقاء القبض عليهم، وأن يُمكَّنوا من الطعن في اعتقالهم أمام قاض مستقل ونزيه، وأن يُمكَّنوا أيضا من الوصول إلى محام وأفراد الأسرة، وأن تُراجع قضيتهم دوريا.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحدث الاختفاء القسري عندما تحتجز السلطات شخصا ما، وتنكر احتجازه، أو ترفض الكشف عن مصيره، أو مكان وجوده. المختفون هم أكثر الناس عرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، لا سيما عندما يُحتجزون خارج مرافق الاحتجاز الرسمية، مثل مراكز الاحتجاز والسجون الشرطية.
قال ستورك: "بينما يقاتل الحوثيون للمحافظة على السلطة في اليمن، عليهم الإدراك أن زرع الخوف في السكان ليس طريقة حكم بأي حال. على الحوثيين اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان ألا يُحتجز أحد بطريقة غير قانونية، وأن تُمكَّن الأسر من الوصول إلى أحبائها".