[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

ثغرات خطيرة في النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني

بقراءة أولية للنظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني نجد أن هناك ثغرات خطيرة لهذا النظام ‏‏تتناقض والأهداف العامة للمؤتمر. وفيما يلي أهم هذه الثغرات: ‏
‏1-‏ في المادة 34 البند الثاني الفقرة ج والتي تنص على{{عند عدم توافر ‏اغلبية ثلاثة الارباع في ‏الجلسة العامة يعاد الأمر للجنة ‏التوفيق لبذل كافة الجهود المطلوبة للتقريب بين وجهات ‏النظر المختلفة ‏وإلزام الفعاليات بالتوافق ، وعند عدم التوصل ‏ إلى التوافق ترفع القرارات المختلف عليها في الجلسة ‏العامة ‏ إلى رئيس المؤتمر الذي يقوم بالعمل على تحقيق التوافق ‏حولها وذلك ببذل المزيد من الجهد ‏والتشاور مع المكونات ‏والفعاليات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وله ان يقدم ‏مشاريع قرارات ‏بعد التشاور لحسم هذه الخلافات إلى لقاء ‏يضم رؤساء كل المكونات والفعاليات المشاركة في الحوار ‏‏شريطة ان يكونوا مفوضين من مكوناتهم وفعاليتهم تفويضاً ‏مكتوباً}}‏

وثغرات النص السابق يمكن تحديدها في النقاط التالية:‏
أ‌-‏ في الشق الأول من الفقرة تم استخدام كلمة إلزام الفعاليات بالتوافق، وهنا ‏نجد تناقض واضح ‏بين الإلزام والتوافق، وكان الأحرى استخدام كلمة حث ‏الفعاليات بالتوافق.‏

ب‌-‏ في الشق الثاني من الفقرة والتي تتحدث عن تقديم رئيس المؤتمر (رئيس ‏الجمهورية) مشاريع ‏قرارات لحسم الخلافات حول القرارات التي لم يتم الاتفاق ‏حولها، لم تشر الفقرة إلى الآلية التي سيتم ‏بها إقرار هذه المشاريع، حيث ‏أكتفت بذكر اللقاء برؤساء المكونات والتفويض المكتوب. وغياب ذكر ‏لآلية ‏إقرار مشاريع القرارات هذه، يفتح الباب لتأويلات عديدة منها؛ إن اللقاء ‏سيطلع على مشاريع ‏القرارات دون أن يكون له حق رفضها، ومن ثم فإن ‏رئيس الجمهورية (رئيس المؤتمر) سيتمتع ‏بصلاحيات اتخاذ القرارات ‏المختلف حولها، وهذا الأمر ينسف فكرة المؤتمر من أساسها، لأن تفويض ‏‏رئيس المؤتمر بإصدار القرارات ينزع السلطة من أعضاء المؤتمر ويجعل ‏مشاركتهم في المؤتمر ‏وكأنها مجرد جلسات للحوار وللاستماع ليس إلا. ‏وعلى هذا الأساس ينبغي تعديل هذه الفقرة لتشير بكل ‏وضوح إلى الآلية ‏التي سيتم فيها إقرار مشاريع القرارات الرئاسية خلال اجتماع اللجنة المكونة ‏من ‏رؤساء المكونات والفعاليات.‏

ت‌-‏ أشارت الفقرة السابقة إلى رؤساء الكتل والفعاليات، وحيث أن هناك عدد ‏من الكتل والفعاليات ‏التي ليس لها رئيس من قبيل: النساء والشباب ‏المستقلين ومنظمات المجتمع المدني وكتلة رئيس ‏الجمهورية، فإن هذه الكتل ‏لن تمثل في اللقاء الخاص بإقرار مشاريع القرارات الرئاسية، وعدم ‏حضورها ‏هذه اللقاءات الحاسمة يعني بأن وجودها في المؤتمر لا يعدوا من أن يكون ‏وجوداً صورياً ‏وديكوراً يزين المؤتمر ليس إلا.‏

‏2-‏ ‏ في المادة (37) والتي تنص على‎ ‎‏{‏‎ ‎يتم اختيار رئاسة فرق العمل بالتوافق ‏في أول يوم تلتقي ‏فيه}‏.‏

والثغرة في هذه المادة أنها لم توضح آلية الاختيار في حال لم يكن هناك توافق ‏على اختيار رؤساء ‏بعض الفرق، وهذا الأمر متوقع ومحتمل جداً، فكثير من ‏الفرق لن تتوافق بسهولة على اختيار رئيس ‏لها، لأهمية منصب الرئيس ودورة ‏في تسيير عمل الفريق وتوجيهه الوجهة التي يريدها. والنتيجة ‏المتوقعة من هذه ‏الثغرة أن كثير من اللجان لن يكون لها رئيس أو أن التوافق على الرئيس ‏سيستغرق ‏وقت وربما جلسات عديدة حتى يتم التوافق عليه، وقد تصبح بعض ‏اللجان بدون رئيس لفترة طويلة ‏ومن ثم لا تنعقد هذا اللجان وفق الجدول الزمني ‏المقر.‏

‏3-‏ المادة رقم (41) البند (2) الفقرة (ب) والتي تنص على {‏‎ ‎عند تعذر ‏التوافق يرفع القرار ‏المختلف فيه إلى لجنة التوفيق لتقوم ‏بالتواصل مع المكونات والأفراد للتقريب بين وجهات النظر ‏‏المختلفة، وفي حال تعذر التوافق بين الفريق بعد الاحالة ‏للجنة التوفيق يصوت على القرار ويعتبر ‏القرار نافذا بأغلبية ‏ثلاثة أرباع الحضور من اعضاء فريق العمل ، وعند عدم توافر ‏اغلبية ثلاثة ‏الارباع في الفريق ترفع القرارات المختلف عليها ‏ إلى رئيس المؤتمر الذي يقوم بالعمل على تحقيق ‏التوافق ‏حولها وذلك ببذل المزيد من الجهد والتشاور مع المكونات ‏والفعاليات المشاركة في مؤتمر ‏الحوار الوطني وله ان يقدم ‏مشاريع قرارات بعد التشاور لحسم هذه الخلافات إلى لقاء ‏يضم رؤساء كل ‏المكونات والفعاليات المشاركة في الحوار ‏شريطة ان يكونوا مفوضين من مكوناتهم وفعاليتهم تفويضاً ‏‏مكتوباً}‏‎ ‎
تكرر الفقرة السابقة نفس الثغرة المذكورة في الفقرة ج من المادة (34) والتي سبق ‏شرحها.‏
‏ ‏
‏4-‏ ‏ في المادة (44) والتي تنص على {يجب أن لا تقل نسبة ‏الحضور عن 75% عند التصويت ‏على القرارات الموضوعية ‏في كافة هيئات المؤتمر، مع مراعاة عدم تغيب مكون بصورة ‏كاملة}‏
الثغرة في هذه المادة تعارضها مع الكثير من المواد الخاصة بإقرار القرارات التي ‏أشتملها النظام ‏الداخلي للمؤتمر، خاصة الفقرة (أ) في البند رقم (2) في المادة ‏رقم (34) والتي تنص على { تتخذ ‏قرارات الجلسة العامة بالتوافق الذي يتحقق ‏بموافقة 90% من الحضور على الأقل، على ألا يكون ‏جملة المعترضين من مكون ‏واحد} فنص هذه الفقرة يتعارض مع نص المادة (44) غير أن الثغرة ‏الخطيرة ‏تتعلق بما ذكرته المادة حين استخدمت كلمة مراعاة عدم تغيب مكون بصورة ‏كاملة، فهذا ‏الأمر يفتح الباب لتأويلات خطيرة منها: أن كلمة مراعاة قد تفهم ‏بأنه لن يتم التصويت على القرارات ‏الموضوعية في حال كان هناك غياب كلي ‏لأحد المكونات، وهذا يعني بأن المؤتمر منح جميع ‏المكونات حق الفيتو (حق ‏الاعتراض) على أي قرار موضوعي، فوفقا للتأويل الذي ذكرناه، سيصبح ‏‏بإمكان أي مكون تعطيل إصدار إي قرار من خلال الانسحاب أثناء جلسة ‏التصويت أو قبلها. والنتيجة ‏أن هذه المادة أوجدت شروط يصعب، إن لم يكن ‏يستحيل، توفرها لإقرار القرارات الخطيرة والمختلف ‏حولها، حيث أن من ‏المستحيل أن تقبل جميع المكونات بالكثير من القرارات التي ترى بأنها في غير ‏‏صالحها. ‏
والنتيجة الخطيرة لهذه المادة أن القرارات المهمة للمؤتمر لن يتم إقرارها، وهو ما ‏يعد نسف ‏لفكرة المؤتمر من أساسها.‏

يمكن القول من كل ما سبق بأن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني تمت ‏صياغته وفقا ‏لتوافقات الأطراف المتصارعة، ودون تمحيص حقيقي من قبل ‏الخبراء. أو أن عامل الوقت والتسويات ‏السياسية أدت إلى هذه الثغرات التي ‏ينبغي تعديلها إن كان ذلك ممكن. ‏

زر الذهاب إلى الأعلى