[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

من يحرر «جمهورية البردوني» من أسر تحالف الحرب في اليمن؟

في مقام الذكرى البردونية، هل أتجرأ فأقول إن البردوني ذاته وقع بعد رحيله ضحية مؤامرة؟ أتذكره حفياً بأعماله الجديدة (قيد الانجاز) ساعة التقيته في منزله بعد 3 سنوات (ابريل 1998). حدثني عن «الجمهورية اليمنية» الكتاب الذي شارف على الانتهاء منه، ليكون بمثابة جزء ثان لكتابه «اليمن الجمهوري» الذي صدر مطلع الثمانينات. قال إن «جمهوريته» يتعرض بالتحليل والتقييم لمرحلة الوحدة والحرب، متوقعاً أن يثير حفيظة كثيرين. وبقلب شاب يجرِّب للمرة الأولى ركوب بحور الشعر، تكلم بشغف عن مجموعته الجديدة «العشق في مرافئ القمر»، لافتاً انتباهي إلى حرف الجر، قبل أن يقطع بأنه في هذه المجموعة سيلوح مغايراً. كان على الدوام مخلصاً لانشقاقيته حتى في «ملكوت الشعر».

الذي يرى بأذنيه، كما داعبني في حوار أجريته معه في جلسة لاحقة، كشف عن مجموعة شعرية أخرى قيد الطبع هي «ابن من شاب قرناها». على ما فهمت فإن قصائدها تسير على منوال قصائد مجموعته الأخيرة «رجعة الحكيم ابن زايد». إلى الأعمال الثلاثة، تحدث عن عملٍ روائي لما ينجزه بعد.

الحاصل أن أعمال البردوني الأربعة اختفت قسرياً فور رحيله قبل 9 سنوات. وإنني لأعجب كيف تمر ذكراه بسلام دون أن يتحرك أحدُ من المعنيين، وبخاصة في اتحاد الأدباء والكتاب، الذي كان البردوني من أبرز مؤسسيه وترأسه في دورته الأولى مطلع السبعينات، لوضع حد لهذه المؤامرة.

غداة وفاة البردوني ترددت شائعات عن خلافات بين زوجة البردوني وآخرين من أسرة البردوني بشأن تركته. وظهر لاحقاً أن الخلاف امتد إلى موروثه الإبداعي، بما فيه أعماله غير المنشورة. في مجتمع الشفاهة بامتياز، تسربت أنباء عن اختفاء هذه الأعمال، قبل أن يظهر أحد مساعديه (مرافقيه) لاحقاً ليؤكد أن أعمال الراحل في الحفظ والصون، مدللاً على ذلك بدفع إحدى قصائده الجديدة للنشر في إحدى الصحف المحلية. على أن الغموض يلف «جمهورية» البردوني، إذ لم يبادر أحد، بمن فيهم السيدة الفاضلة زوجته، إلى تقديم إيضاحات بشأن الكتاب.

المحقق أن إساءة بالغة ومستمرة تُوجه لليمنيين جراء ما يسميه البعض «إشكال عائلي»، فيما يشبه تصفية حسابات مع البردوني في غيابه. ولئن بدا مفهوماً موقف (لا موقف) المؤسسة الرسمية اليمنية حيال هدر تراث شاعر لم يوفرها يوماً في إبداعه ومواقفه السياسية، فإن موقف اتحاد الكتاب والأدباء ليس مفهوماً ولا لائقاً. والمنتظر أن ينتصر الاتحاد لنفسه قبل أن ينتصر للإبداع، فيبادر إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ تراث أبرز مؤسسيه.

زر الذهاب إلى الأعلى