[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

الخطط الاستراتيجية لحروب اليمن

الملاحظ لتصريحات المسؤولين اليمنيين وعلى رأسهم رئيس الدولة، يتبين مدى خطورة ‏‏الخطط والمؤامرات من الداخل والخارج لتحقيق أجندة معادية ضد الأمة العربية وليس ‏اليمن ‏فقط، ولذا نجد أن هناك تفاهماً على تقسيم المصالح بين الدول الكبرى وإيران في ‏المنطقة ‏فأصبح الأمر مكشوفاً. إن وضع اليمن وإثارة الفتن فيه له أبعاد كبيرة وهو ما لا ‏يدركه - ‏للأسف - اليمنيون الذين انساقوا وراء المخططات والفخ المرسوم لهم تحت ‏مسمى أحلام‎‏. ‏

ولعلنا إذا وجدنا ما جرى في السودان من انفصال الجنوب ظن أهل جنوب السودان أن ‏هناك ‏رفاهية وسعادة تنتظرهم فإذا بالغرب يتخلى عنهم وتتحول بلادهم لحروب أهلية ‏وفقر ومجاعة ‏ومشردين ولاجئين، وأصبح الوضع صعباً جداً وأسوأ مما كان‎‏. ‏

ولذا فإن السعي لإقامة دولة طائفية بصعدة وفق المصالح الإيرانية والتي تتقاطع مع ‏مصالح ‏الغرب، لإشعال المنطقة بصراعات تبعد هذه المنطقة عن دورها في المشروع ‏الحضاري تعيق ‏جهود المخلصين وكذلك تأمين تفوق إسرائيل بأقل التكاليف، ولذا ‏فوجود كانتونات ودويلات ‏ذات أهداف طائفية وعنصرية يخدم ما يريده خصوم الأمة، ‏أما فيما يتعلق بالجنوب، فإن إيران ‏مهتمة جداً بانفصال الجنوب وتعتبره قضية ‏استراتيجية من حيث كون انفصال الجنوب ‏سيؤمن لإيران تواجداً في البحر الأحمر من ‏جهة ميدي قرب صعدة ومن ميناء عدن، وكذلك ‏بحر العرب من خلال سواحل ‏حضرموت والمهرة وهذا سيحقق الهدف الغربي بتدويل ‏الممرات في البحر الأحمر ‏وبحر العرب، وكذلك فإن أنصار الشريعة والصراعات سيشجع ‏على وجود أرض ‏لوجود الجماعات الموالية لإيران في صعدة‎‏. ‏

ولعل المهتم سيطرح سؤالاً ما فائدة الغرب من هذا؟ إن هناك قواعد كبيرة أهمها ‏استنزاف ‏دول المنطقة في صراعات جانبية وحروب إقليمية مما يخفف أو يبعد أي دعم ‏للفلسطينيين، ‏إضافة إلى القبول بوجود إسرائيلي كأخف الضررين من خطر إيران ‏الوحشي البعبع الذي ‏يخوف به الغرب دول المنطقة، وأيضا فإن شركات الأسلحة ‏والشركات الأمنية ستحقق هدفها ‏من زيادة المبيعات لمنطقة استهلاكية وغير منتجة‎‏. ‏

إن المنطقة اليوم تواجه ضغوطاً كبيرة وأبعاداً من خلال خداع العوام واستغلال فقرهم ‏‏ومعاناتهم فهؤلاء المساكين الذين عانوا من ظروف قاسية من فقر وجوع وأمراض ‏وبطالة، ‏إضافة لمحنة القات وقلة المياه وعدم استخدامها في المكان الصحيح وعدم ‏الإنتاج وتوزيع ‏مبالغ من المال لإثارتهم وتعبئتهم بأفكار الحقد والحروب والقتل والدم ‏لصالح أجندات خارجية ‏ما هي إلا خدعة، وبتنفيذ ساسة فاشلين يبحثون عن المجد بأي ‏طريقة، خاصة أن عند العرب ‏صمغ يلصق القادة بالكراسي وجنون السلطة والشهرة ‏وعدم الاقتناع بثقافة تداول السلطة ‏سلمياً، وأكبر مشكلة اليوم هي استغلال الطائفية ‏والعرقية والمناطقية في أمة دينها واحد ونبيها ‏واحد ولغتها واحدة، والمصيبة الكبرى أن ‏الأحزاب والقبائل والتجار والعلماء ورجال الإعلام ‏قد وقعوا حلفاً لتدمير شعوبهم، وهذا ‏ما نراه في اليمن وهو جزء مما يجري في ليبيا والعراق ‏وغيرها‎‏. ‏

القضية اليمنية لم تعالج بطريقة صحيحة، ويئس العرب الخليجيون من اليمن فابتعدوا ‏عنها ‏كردة فعل، إضافة إلى عدم قدرة المسؤولين اليمنيين على تقديم برنامج أي مشروع ‏واضح ‏يساعد على استقرار اليمن وخطة مشاركة واقعية بين اليمن وجيرانه، فقد سعت ‏جهات عديدة ‏لرسم سياسة عدم الثقة بين اليمن وأشقائه الخليجيين من خلال التشكيك في ‏عمق هذه العلاقة، ‏من خلال الإعلام والقنوات والصحف وشبكات التواصل حيث نجد ‏الشائعات والحملات ‏المغرضة والأكاذيب المفبركة والإساءة لهذه العلاقة في ظل غياب ‏دور إعلامي خليجي، ‏وحرصت أجهزة الإعلام وبعضها معروف ومشهور في دعم هذه ‏العناصر وتلميع أشخاص ‏معروفين بجهلهم وحقدهم لتحقيق هذه الأهداف.. ‏

هذه ‏المحطات والقنوات والصحف لا تفتح صفحاتها لأي برنامج أو منهج توافق وأخوة ‏‏وتراحم، وإنما ما يخدم أجندات الفتنة والفرقة وإيجاد شرخ في العلاقات بين اليمن ‏وجيرانه ‏والبحث عن الجوانب والأخبار والتحليلات التي تؤجج نار الفتنة.. ولا تحبذ ولا ‏توافق هذه ‏القنوات والمجلات على العناصر التي تحمل برنامج الأخوة والشراكة لأن ‏هذه بعيد عن الإثارة ‏لتحقيق سبق إعلامي وإنجاز إعلامي، لقد سقطت هذه الصحف ‏والمواقع والقنوات في وحل ‏الفتنة وشق الصف وبتمويل من جهات ذات أهداف ‏سيكولوجية نفسية ضد شعوبنا‎‏. ‏

ومن العوامل التي ساعدت على الوضع السيئ هو أن عدداً من القائمين على السلطة في ‏‏اليمن ممن يحرصون على بدل السفر والشهرة وعدم خبرتهم قد اهتموا كثيراً بالشكليات ‏‏والفنادق والصور والظهور في أجهزة الإعلام، ولا نجد لهم أي عمل في الميدان سوى ‏أنهم ‏قدموا لشعبهم مليون سمكة بالبحر ومليون طائر بالهواء، ولم يقدموا برنامجاً عملياً ‏واقعياً ‏للشراكة وحل المشاكل العالقة، وكان بالإمكان حل مشكلة العمالة من خلال لجان ‏مشتركة ‏بتأهيل العمال اليمنيين وفق حاجة السوق والتعاون وتبادل المعلومات الأمنية ‏لعدم تسرب ‏عناصر معادية، وإن ذلك سيطمئن دول المنطقة من الهواجس الأمنية وذلك ‏من خلال تعاون ‏عمالي مصحوب بتطمينات وضمانات أمنية، وكذلك عدم وجود شفافية ‏في آلية تنفيذ البرامج ‏التنموية والمساعدات، وكذلك فإن عدم وجود تعاون مع أهل الخبرة ‏والتجربة، إضافة إلى إيجاد ‏خطة واقعية لتطمين المانحين لوصول مساعداتهم لأهدافها، ‏فللأسف مازالت العقلية والمنهج ‏السابق الذي ساعد في عدم تشجيع الشركاء والأشقاء ‏في دعم اليمن، ومن هنا نجد أن هؤلاء قد ‏وقعوا في أخطاء كبيرة منها أن التعامل مع ‏الجيل الجديد من حكام المنطقة لا يتم بالعواطف ‏مثل السابق، ويجب مراعاة اختلاف ‏المنهج والتطور في التعامل والنظر إلى القضايا وفق ‏التغييرات التي هي من سنة الكون، ‏أضف إلى تغيير أوضاع اليمن والمنطقة.. وعدم قراءة ‏الأحداث يضر كثيراً‎‏. ‏

وللأسف لقد صدم الجميع بأسلوب وطريقة بعض الوزراء الجدد في اليمن الذين نظروا ‏‏للأمور بطريقة لا تتفق مع الواقع وعدم انفتاحهم على أهل الرأي والخبرة واعتمادهم ‏على ‏الطرق القديمة واهتمامهم بأشخاصهم الذاتية وقلة الخبرة مما فوت على اليمن ‏فرصاً كثيرة، ‏وقد صدمت مثل غيري بوزراء أردت أن أقدم لهم نصائح مثل غيري ‏فوجدت فيهم نوعاً من ‏الكبر والاستعلاء، وهو عكس ما كان في عدد من المسؤولين فيما ‏قبل التغيير في اليمن، ‏وللأسف خاب ظن الناس في هؤلاء ووصلت البلاد إلى ما ‏وصلت إليه، وكان الأولى أن يتحلوا ‏بالشجاعة وينسحبوا حرصاً وحباً لليمن وسيجل ‏التاريخ لهم ذلك، اليمن فقدت عبدالعزيز ‏عبدالغني وحسن مكي والجنيد وفرج بن غانم ‏وغيرهم، وفقدت شيوخاً كعبد الله بن حسين ‏الأحمر، نحن بحاجة في اليمن إلى مصالحة ‏وطنية برعاية خليجية وعربية، ونحن بحاجة إلى ‏حكومة ذات خبرة بعيداً عن ‏المحاصصة وإلى إشراك الجميع في العمل للنهوض بالبلاد ‏ووضع خطة أمنية محكمة ‏وتحالف شعبي وقبلي للقضاء على المظاهر المسلحة من الجميع ‏لإنقاذ البلاد من الفقر ‏والبطالة، وتحمل دول مجلس التعاون دوراً أكبر في دعم اليمن ‏واستقراره ومنع أجهزة ‏الإعلام من إشعال نار المهاترات وإثارة الفتنة فالوضع لم يعد يتحمل‎.‎

زر الذهاب إلى الأعلى