[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

مقترح لمناسبة ترشيح الأسد

التقيتُ، في الأسبوع الماضي، شخصية عربية سورية في أحد فنادق الدوحة، ودار بيننا حديث عن الشأن السوري، وما وصل إليه حال الشعب والبلاد من دمار وخراب وتشريد وقتل، وفوق هذا الدمار وهذه المآسي، يتقدم بشار الأسد مرشحاً نفسه لولاية جديدة ليحكم سورية، بدعم روسي إيراني ومن آخرين.

في هذه الأجواء التي تمر بها سورية الحبيبة، طرحت تلك الشخصية السورية مقترحاً يهدف إلى إجراء انتخاباتٍ موازيةٍ في المناطق المحررة والمهاجر ودول اللجوء، لأن أكثر من نصف الشعب السوري يعيش فيها. يحتاج الشعب السوري، اليوم، كما قال، قيادةً مؤقتةً منتخبةً انتخاباً مباشراً من الشعب، تنتخب من بين أعضائها رئيساً للمرحلة الانتقالية، يتمتع بشرعية مستمدّة من اختيار شعبي. هذا الرئيس تستمر مسؤوليته إلى أن يتم تحرير البلاد من النظام القائم وبراثنه، أو لفترة زمنية محددة، يتّفق عليها أعضاء مجلس القيادة المنتخبة.

سألت محدثي: وماذا سيكون مصير ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية ومؤسساته، وأهمها الجيش الحر؟ أجاب: تكون مؤسسات الائتلاف تابعة للرئيس المنتخب، والذي يتمتع بصلاحيات رئيس الائتلاف. وسيؤدي هذا المقترح إلى إنهاء أزمة قيادة الائتلاف، ويخرجها من دائرة التوافق والتفاهمات والإملاءات الإقليمية والدولية والمناوبة والتجديد وقصر مدة تحمّل المسؤولية.

( 2 )
قلت لمحدثي: هذا تنظير جيد. لكن، كيف الوصول إلى إقناع السوريين بهذه الفكرة؟ رد: نحتاج حملة إعلامية، تُستخدم فيها كل الوسائل في مخيمات اللجوء في دول الجوار والشتات، وبين إخواننا وأهلنا النازحين عن منازلهم ومدنهم ويعيشون على السفوح والمخيمات داخل سورية، وعلى "الائتلاف" ومؤسساته القيام بتبني الحملة، والتبشير بنتائجها الإيجابية.

قلت لصاحبي: تعلم أن الشعب السوري كله مسيّس، وكل فرد يعتقد أنه أحق برئاسة الدولة من غيره، ومن ثم مَن هو/ أو هم الذين سيكلّفون بهذه المهمة؟ قال: تُرشّح أسماء من المؤسسات القائمة، أعني الائتلاف والجيش الحر والقيادات الاسلامية والعلمانية، وكذلك من الأفراد، على ألا يكون المرشح/ المرشحون من قواعد نظام بشار الأسد، أو قياداته ممّن ارتكبوا جرائم ضد الشعب، أفراداً أو تنظيمات. في حالة اتفقنا على أسماء مَن ترشّح، على كل مرشح أن يقدم برنامجه السياسي وخطة تنفيذه.

علينا جميعاً أن نستخدم كل وسائل الاتصال الاجتماعي ووسائل الإعلام المتوفرة، بهدف التوعية، وحضّ الناس على المشاركة في العملية الانتخابية التي نحن بصددها.

على "الائتلاف" دور يجب أن يؤديه، وهو أن يطلب من الدول الصديقة والدول العربية ودول المجموعة الإسلامية، مع التركيز على دول الجوار التي يوجد فيها معظم السوريين خارج بلدهم، وتقديم الدعم الإعلامي والتثقيف السياسي بأهمية الانتخابات الموازية، والتصويت لقوى الثورة والمعارضة، لإفشال مشروع بشار الأسد الانتخابي وزبانيته، وتمكين "الائتلاف" من الوصول إلى جميع مكونات الشعب السوري، خارج مخيمات اللجوء، وفي داخل الدول المعنية.

يجب أن ينظّم "الائتلاف" الانتخابات عبر مكاتب خاصة، في الدول التي يوجد فيها السوريون، بالتعاون مع الجهات الأمنية ومنظمات حقوق الإنسان، كما تجري الانتخابات في المناطق المحررة عبر مكاتب المجالس المحلية. وفي حالة توصل الناخبين إلى انتخاب شخص لرئاسة بلدهم، فيما هم يعيشون خارج سيادة نظام بشار الأسد، فعلى جميع الدول العربية والصديقة الاعتراف بالزعامة الوطنية الجديدة، وتقديم الدعم بكل مكوناته للرئيس وحكومته التي سيشكلها. وعند تشكيل الحكومة المؤقته بعد الانتخابات، واعتراف الدول العربية والصديقة بها، يتحوّل "الائتلاف" إلى "مجلس شعب مؤقت"، أي برلمان، كما يعيّن الرئيس المنتخب قائداً عاماً للجيش ومجلساً عسكرياً يضم الفصائل المقاتلة وقوى الثورة ومجلس قضاء له كامل الصلاحيات القضائية.

(3)
السؤال الواجب طرحه، هل ستقبل الفصائل المتصارعة اليوم في سورية، في ما بينها أولاً، وفي ما بين بعضها والنظام السياسي القائم، بهذه المقترحات؟ النظام القائم في دمشق حقّق اختراقات داخل هذه المنظمات المتقاتلة، ويعين بعضها على بعض، كما أن جُدُرَ "الائتلاف" ليست محصّنة من التفكّك والتنابذ، على الرغم من "الدافعية" الجديدة التي حظي بها من واشنطن حديثاً، وقوى الجيش الحر ليست منسجمة مع بعضها، فكيف العمل في ظل هذه التركيبة؟

وتجادل أوساط سورية بأن الحال في السنوات الثلاث الماضية، حتى في المناطق المحررة، ليس أحسن منه قبل انفجار الثورة. هل النازحون واللاجئون والمغتربون سيؤيدون مقترح إجراء انتخابات حرة خارج أطر حكم بشار الأسد؟

يؤكد محدثي أن الرأي العام السوري سيؤيد مقترحاته تلك، ولكن، لا بد من عملية إعلامية جادة، وتواصل مع كل القوى، وإنه في ظل المؤسسات المنتخبة لن يُنكَر حق الفرد، أو الجماعة، أياً كان اتجاههم، طالما كلهم يرفضون حكم بشار الأسد.

آخر القول: نؤكد عبرة التاريخ، نصرٌ مع الوحدة، وهزيمةٌ مع التفكّك والتشاحن والبغضاء والتسابق من أجل المصالح الذاتية.

زر الذهاب إلى الأعلى