[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

قدس الأقداس صنعاء والفارق بين الخطر والمصير

كانت النخبة السوفيتية قد اعدت منشورات تقول سنحرر موسكو، بينما كان الشعب الروسي العظيم على بعد ثمانين ميلا من مدينته يعطب الآلة النازية بمعزل عن خيار النخبة الواهنة.

هذه صنعاء يقطنها اكثر من مليوني يمني لا يمثلون تحالفات قبلية ولا حزبية بقدرما يلوحون بوجودهم كصخرة صلبة ستتفتت عليها بربرية التحالفات القذرة.

لدي ايمان مطلق بصميمية الذات اليمنية فالمدينة بشخصيتها التاريخية ستحيل مدافع المليشيا لشكل من الهمجية المتبطلة التي لن يترتب على وجودها تقرير مصير اليمن المكتظ داخل العاصمة.

قد يخالجك ذلك الحس الوجل وانت تشم رائحة الخيانة بينما تلكزك حقائق الوجود وتوجهك صوب ادراك الفارق بين الخطر والمصير.

ثمة خطر ، لكنه لن يجد ما يفعله مالم تذعن لشخصيته وخياراته.. وطالما ابقيت المسافة كافية بينك وبين عربة الديناميت فهي لن تذيبك في هويتها.

كانت صنعاء تسقط بيد كل إمام بعد الحصار لأن اليمن كانت مذعنة لمن تبايعه صنعاء بعد دخوله وكانت الذات اليمنية قابلة لمبايعة الفرد.

الان لا يستقر فيها رئيس منتخب تبين بعد انتخابه انه غير منسجم مع الارادة اليمنية وتنوعها الممثل في العاصمة لبقية اليمن، ما بالك بمليشيا قد اقترفت للان كل ما يجعل من التعايش معها أمرا متعذرا تماما، ناهيك عن أن يتحكم بخياراتها فرد راقبه بعض اليمنيون بحياد حتى عمران، لكنه الان يتلمس قدس الأقداس، صنعاء التي اختبرنا فيها كل الأحلام والخيبات والأمجاد والخيانات ومحصلات ذلك كله من اذعان المدينة اخر المطاف للذاتية اليمنية متنوعة المزاج وواحدية الهوية، فكيف يظن أحدكم انها الان ستذعن لمليشيا الفرد مفارقة لكل هذا الوجود اليمني كلي الإرادة.

لن يتمكن من التهام صنعاء لأنها روح اليمن وهي أبدية ووجوده المستذئب طارئ ، وإن التهم شيئا فستكون حظوظ وأيام من تواطأ معه وتبقى بلادنا.

وان نصب مدافعه في دار الرئاسة فهو لن يظل وهو فقط سيقدم مناورة سريعة وعرضا اخيرا لوهم الاسترداد. لكنه لن يصل هناك على كل حال وأنا فقط أوردت المثال من قبيل احتمال الأسوأ المستحيل ، وان تخطى الاستحالة فلن يصمد أمام الواقع.. واقع أننا قد تغيرنا، وأننا قد درسنا وتحزبنا واقترعنا وقرأنا وتسيسنا وحلمنا ونجحنا واخفقنا لكننا لم ولن نرتد.

غير هذا كله، يمكنك استقراء حالة الجيش اليمني لتخلص إلى جملة احتمالات، لن يكون من بينها الانهيار أو الالتحاق ولو جزئيا بمليشيا يمثل وجودها الحصري تهديدا ارعنا لوجوده!

في محصلة كل تفكير بالمخاطر عليك ادراك جوهر المصير لكن لا تدع للخطر تجريب كل امكاناته وان كنت متيقنا من فشله الحتمي.

يجب ردعه ولو من قبيل الاستجابة لنزعتك كإنسان أولا وكيمني تجرأ عليه الوهم.

زر الذهاب إلى الأعلى