[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الرسالة الرابعة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الرسالة الرابعة

- 1 -
إلى أينَ أكتبُ يا (سيفُ) ؟
أينَ غداً ستكونْ؟
أتحيا طليقاً أمِ احْتَجَزَتْكَ البحارْ،
وألقَتْ عليكَ السُّجُونُ شِباكَ الحِصارْ؟!
تقرَّحَ وجهُ الحياةِ
تقرَّحَ لونُ العيونْ!

- 2 -
يقولونَ: ماتْ
أقامَ له اللَّيلُ قبراً على شاطئِ البحرِ
في (زِنْجِبارْ)،
بلا كفنٍ تحتَ وجهِ النَّهارْ
ومنْ حولِهِ ترقدُ الذِّكرياتْ،
ومقبضُ سيفٍ عليهِ نقوشٌ
تحدِّثُ عنْ (مأربٍ)
عنْ (ظَفارْ)
تَمُرُّ عليهِ النَّوارسُ مرعوبةً
ويعانقُ جثَّتَهُ الموجُ، يحملُهُ الجَزْرُ كلَّ مساءْ
ويرجعُهُ المدُّ ثانيةً للعراءْ
فتبكي رمالُ الشواطئِ
تغرقُ أمواجُهُ في البكاءْ.

- 3 -
يقولونَ: عندَ (ثلوجِ الشَّمالْ)
وفي ليلةٍ منْ ليالي الشِّتاءِ الحزينْ،
وفي منجمِ الفَحْمِ ماتَ يصارعُ وَحْشَ السُّعالْ
وماتتْ بعينيهِ أشواقُهُ والحنينْ،
وأطفالُهُ عندَ أقصى الجنوبِ عرايا
يطلُّونَ منْ خَلْفِ كوخِ الرِّمالْ،
وينتظرونَ الهدايا.
- 4 -
يقولونَ: في بلدِ (العَمِّ سامْ)
وفي مَنْزِلٍ ضائعٍ
خَلْفَ حيِّ الزُّنُوجْ،
قضى نَحْبَهُ..
لم يكنْ شاهدُ الموتِ
غيرَ الظلامْ،
وأطيافَ قريتِهِ لحظاتِ الخروجْ،
وفي رأسِهِ تتهشَّمُ أصواتُ أبنائِهِ
تختفي في الزَّحامْ.

- 5 -
وبالأمسِ عادَ أخوهُ
وكانَ ب (دَرْبانَ ([1])) بائعَ خبزٍ سعيدْ،
وقالَ لهم: إنّهُ قد رآهْ
يسيرُ شَمالاً
يوزِّعُ أسلحةً للعبيدْ،
ويزرعُ عاصفةً في طريقِ الطُّغاةْ،
ولكنّهُ رغمَ هذا النشيدْ
ورغمَ الأماني التي أورقَتْ منْ جديدْ،
فما زالْ عنوانُهُ اللاّمكانْ
وتاريخُهُ اللاّزمانْ..
وما زلتُ نَهْباً لخيلِ الظنونْ.
إلى أينَ أكتبُ يا (سيفُ) ؟
أينَ غداً ستكونْ؟
أتحيا طليقاً،
أمِ احْتَجَزَتْكَ البحارْ
وألقَتْ عليكَ السُّجُونُ شِباكَ الحِصارْ؟!
تقرَّحَ وجهُ الحياةِ
تقرَّحَ لونُ العيونْ!
([1]) دربان: مدينة في جنوب أفريقيا كان بها عدد كبير من المهاجرين اليمنيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى