[esi views ttl="1"]
arpo28

الجوع في اليمن..

تبلغ انيسة من العمر 18 عاما فقط، لكنها ارملة و ام لطفلين. في الثالثة عشرة تزوجت من رجل يعمل صيادا. تقول عن زوجها انه سقط في البحر و لم يعد. تجلس في حضن امها, ابنة انيسة الاصغر، امينة، طفلة توشك على اكمال الربيع الثالث من عمرها. بدى حجمها اقرب إلى الطفل الرضيع منه إلى الطفل الصغير. و تغطي جبينها العريض طبقة رقيقة من العرق. تتنفس بسرعة و تبرز بطنها المنتفخة من الجوع من خلف قميص قصير متسخ. كما هو حال العديد من المناطق النائية الاخرى في اليمن، عانت انيسة و امينة من سلسلة صدمات، قد لا تتمكنا من التعافي منها.

كانت الحياة قاسية على فقراء اليمن ، حتى قبل العام 2011 عندما قامت الثورة التي اطاحت بعلي عبدالله صالح، الرجل الذي حكم اليمن 33 عاما، و قبل الصراع بين الفصائل العسكرية و القبلية الذي كاد يمزق البلاد.

رباط، هو اسم القرية الداخلية الصغيرة التي تعيش فيها انيسة، و تقع في محافظة الحديدة الساحلية حيث تاثرت الزراعة باعوام من الجفاف و ارتفاع اسعار الوقود. و يهاجر الرجال إلى اماكن بعيدة بحثا عن اعمال خطيرة لقاء اجور زهيدة في مراكب الصيد أو يحاولون التهريب إلى السعودية.

كان بالامكان تحمل اعباء الحياة قبل الازمة السياسية. والد انيسة الذي يعمل حلاقا، ساعدها بحسب قدراته، كما ان جيرانها ساعدوها بالطعام و المال. ان روح التعاون الموجودة في ذلك المجتمع، خففت من معاناة الناس في بلد يصفه عمال الاغاثة لعقود بانه "على شفا"

كل شئ في اليمن يتم نقله عبر الطرق، و معظم المياه يتم استخراجها من الارض عبر مضخات تعمل بالديزل. و خلال فترة الاضطرابات، كثيرا ما قطعت كل من الطرق و امدادات الوقود، و سرعان ما ادى ذلك إلى ارتفاع اسعار السلع الاساسية. كثير من الاعمال اغلقت بشكل نهائي، و عانت الزراعة من عام اخر من شح الامطار. و ارتفع معدل البطالة إلى ما يزيد عن 50 بالمائة. و بحلول نهاية العام 2011 قررت الحكومة وقف دعم المشتقات النفطية.

مستوى دخل الاسرة انكمش، و من يشكلون حالة افضل من اليمنيين لم يعد لديهم الكثير ليقدموه لجيرانهم الاكثر منهم فقرا. العديد منهم يشترون الطعام مع وعد بالدفع الاجل. لا تستطيع انيسة دفع عشرون الف ريال – تسعون دولار - المستحقة عليها للمياة، و هي قلقة من عدم قدرتها على شراء المزيد منه. تتناول انيسة و ابنتها الان وجبتين غذائيتين في اليوم اذا تفضل عليها اخرين بالطعام و المال: شاي و خبز و ارز، و ربما بعض السمك ان كان الحظ حليفهما.

في شهر مارس اصدر برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة تقريرا ذكر فيه ان مستويات انعدام الامن الغذائي في اليمن تضاعفت منذ 2009. هناك اليوم خمسة مليون مواطن يعانون من الجوع الذي يؤثر على صحتهم على المدى البعيد. و و وفقا لصندوق الامم المتحدة للطفولة – اليونيسيف – فان ثلث عدد الاطفال في محافظة الحديدة يعانون من سوء تغذية حاد، و مهددون بتوقف النمو و ضعف الادراك. و يمثل المعدل 30 بالمائة، ضعف المؤشر المستخدم لقياس حجم الازمة من قبل الامم المتحدة، وفقا لما ذكرته ليديا تينكا، الخبيرة في معالجة عدة ازمات افريقية، و التي تعمل لدى منظمة اوكسفام الخيرية البريطانية في الحديدة.

تستعد كبرى وكالات المساعدات إلى اطلاق نداء استغاثة، لكنها تخشى من صعوبة جمع المساعدات حتى يكون هناك دليل على ان الناس يموتون بسب الجوع. و يحب اليمنيون ان يخفوا معاناتهم خلف الابواب المغلقة، لان الناس هنا يرون ان الفشل في تقديم الرعاية اللازمة للاطفال امر مخز، و اللقاء باناس امثال انيسة يعد امرا نادرا.

وحتى يتحدث فقراء اليمن بصراحة عن فقرهم أو تبدا حالات الوفاة نتيجة للجوع، فان محنتهم قد يتم تجاهلها.

زر الذهاب إلى الأعلى