[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

كلمة الرئيس عبدربه منصور هادي في افتتاح مؤتمر الحوار (فيديو)

افتتح الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية - رئيس مؤتمر الحوار الوطني صباح اليوم بدار الرئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي ينعقد على مدى ستة أشهر تحت شعار "بالحوار نصنع المستقبل..شركاء في المسئولية الوطنية.. شركاء في صناعة المستقبل".

وبحضور كبار مسئولي الدولة، وضيوف اليمن من الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمتهم أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر، وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ورؤساء وأعضاء بعثات السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمدين بصنعاء.

رحب الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي بضيوف اليمن في حفل افتتاح مؤتمر الحوار الوطني وفي مقدمتهم أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن.

ووصف الأخ الرئيس هذا اليوم بالاستثنائي والكبير والخالد الذي يلتحم فيه اليمانيون جميعاً في قاعة واحدة ليبدأوا كتابة صفحة بيضاء جديدة في تاريخهم المعاصر ويطوون فيه صفحات كالحة السواد كادت أن تجعلهم اشتاتاً متفرقين لولا رحمة الله التي تداركتهم بعنايته وفضله وأحيت فيهم روح الحكمة والإيمان وأحاطتهم برعاية الشقيق القريب والصديق البعيد ".. مؤكداً في هذا السياق ضرورة مغادرة الماضي بكل تفاصيله والخروج من خنادق العصبيات الصغيرة والتخلص من موروثات الصراع ورمي أثقالها وراء الظهور.

وقال الأخ رئيس الجمهورية " تشاء الاقدار ان ينعقد هذا المؤتمر الكبير في الثامن عشر من مارس الذي كان قبل عامين يوماً فارقاً في ملحمة التغيير اليمانية باستشهاد ذلك العدد الكبير من شباب اليمن الطاهر، في الحدث الذي زلزل ضمير اليمنيين جميعاً والعالم كله، فكان البذرة الأولى للحل السياسي، الذي تعارفنا عليه لاحقاً بالمبادرة الخليجية، ناتجاً عن ذلك اليوم الدامي".

وأضاف لقد كانت المبادرة خطوة جادة وحاسمة في دوران عجلة التغيير إلى الأمام ، حيث وصلت بناء إلى هذا اليوم الذي سيكون هو الآخر لحظة مفصلية خالدة، لن يكون اليمن بعدها كما كان قبلها بكل تأكيد، فإما أن يمضي اليمانيون نحو فجرٍ جديدٍ ومستقبل مشرق أو العودة لا سمح الله إلى نفق مظلم لا تقوم لهم بعده قائمة ولا يجدون منه مخرجاً ولا مفراً".

واستطرد الأخ الرئيس قائلاً "إننا اليوم أمام لحظة فارقة تتطلب منا جميعاً ارادة قوية في تغيير طرق تفكيرنا العقيمة وآليات أداءنا السقيمة التي ما جلبت لليمن إلا الشر والفساد والاستبداد والبؤس وتسيد المشاريع الصغيرة.

وقال" يجب علينا ان ندرك ان تغيير اساليب الادارة وعادات السلطة التي سرنا عليها طوال العقود الماضية واثبتت فشلها بشكل قطعي، هو قرار صعب لا مفر منه حتى لا نصطدم بسنة الحياة في التغيير والتطور، وإلا فاتنا الزمن ووجدنا أنفسنا في ذيل القافلة كما هو حالنا الآن.

وأضاف: من ظن ان الحياة لا تمضي الا بتلك الأساليب المتخلفة والعادات البائسة فليعلم أنه اسير للماضي واسير للإمامية وعبادة الذات التي تجعل من مصلحة فرد كان ام جماعة فوق مصلحة الشعب والوطن" .

داعياً إلى استحضار تجارب الشعوب المعاصرة التي نهضت من كبوتها وحققت نقلات هائلة في حياة فترات زمنية محدودة.. وشدد في الوقت ذاته على أننا في اليمن قادرون على السير في نفس الطريق اذا تجاوزنا كل عوامل التخلف.

وعبر الأخ رئيس الجمهورية عن ثقته بقدرة اليمنيين على عمل المعجزات اذا تغلبوا على النوازع الصغيرة والمصالح الضيقة وقرروا تخليد أسمائهم ليس فقط في ذاكرة اجيالنا القادمة بل في ذاكرة العالم كله.

وخاطب أعضاء مؤتمر الحوار الوطني قائلاً: باقتناعكم الكامل بأن هذا المؤتمر الوطني ليس أمامه سوى خيار واحد هو خيار النجاح والنجاح فقط، ستتجاوزون تعقيدات الماضي وعاداته الأسيرة وأساليبه الجامدة وستضعون اللبنات الاساسية لبناء يمن جديد موحد وآمن ومستقر.. وقال إن ذلك يتطلب من المشاركين في المؤتمر منذ هذه اللحظة التي انطلقت فيها اعمال هذا المؤتمر الاتفاق على نقطة البداية الصحيحة بكل تجرد وصدق واخلاص، وبما يكفل الوصول بنا بشكل تلقائي ومنطقي وواقعي إلى النقطة التالية التي تليها، ولكي تتكلل أعمالنا بالنجاح الكبير، وحتى لا نخيب ظن شعبنا بنا ولا آمال العالم فينا".

وأردف الأخ رئيس الجمهورية قائلاً " تدركون ان فرقاء كثيرين كانوا منذ عام مضى فقط، يقفون خلف متارسهم ويترصدون لبعضهم بعضاً، هم اليوم يجتمعون في هذه القاعة تحت سقف واحد، هو مصلحة اليمن والشعب اليمني وهي نعمة من الله بها علينا.

واشاد بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي رسمت لنا خارطة طريق واضحة للخروج ببلادنا من ازمته المستفحلة إلى رحاب التوافق والتصالح والتسامح والمحبة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الانانية والخاصة.

وطالب الأخ الرئيس من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة بأن يغادروا الماضي بكل تفاصيله ، وان يخرجوا من خنادق العصبيات ويتخلصوا من موروثات الصراع ويرموا أثقالها وراء ظهورهم فلا يستحضرون من كل ذلك الا العبر والعظات والدروس التي يمكن أن تساعدهم على الانتقال إلى آفاق مستقبل افضل ينشده الشعب اليمني منهم.

وحث الأخ الرئيس أعضاء مؤتمر الحوار الوطني على فتح صفحة بيضاء جديدة بقلوب صادقة وعقول متوقدة ونفوس مخلصة، وأن يتركوا مكايد السياسية ووسائلها السلبية خارج قاعات الحوار ويتمسكوا بقيم واخلاقيات ونبل شباب اليمن الأطهار الذي انطلقوا في مختلف الساحات والميادين ليعبروا عن رغبتهم الصادقة النقية في بناء دولة مدنية حديثة.

وقال إن طموحنا وهدفنا الذي فشلنا في إنجازه طوال العقود الماضية، يتمثل في بناء دولة مدنية حديثة، تقوم على اسس الحكم الرشيد ومبادئ الشورى وآليات الديمقراطية المعاصرة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، دولة مدنية حديثة تحكمها الانظمة والقوانين المستمدة من شريعتنا الاسلامية الغراء التي تتصف بالمرونة والعدالة وترفض الغلو والتطرف وتواكب احتياجات العصر وتلتزم بحقوق الانسان وتكفل الاجتهاد وتحترم العقل وتشجع التفكير وترتكز على مكارم الاخلاق وتكرس قيم العدل والحرية والمساواة والكرامة الانسانية.

وخاطب الأخ الرئيس المشاركين والمشاركات في المؤتمر قائلاً: لقد تم اختياركم بعناية كبيرة من كل اطياف وتيارات ومكونات المجتمع اليمني لا لتكونوا فرقاء متخاصمين بل لتكونوا فريقاً واحداً يعمل بكل صدق واخلاص لإخراج اليمن من ازماته السياسية والامنية والاقتصادية ولتجعلوا التنوع الخلاق في آرائكم سبيلاً لتغليب الرأي الأكثر صحة والاقرب تعبيراً عن مصلحة الوطن ولتتمكنوا من وضعه على عتبة القرن الواحد والعشرين وتجنبوه الانجرار إلى أي نوع من انواع الصراعات الداخلية التي لن تؤدي الا إلى هدم هيكل الدولة الذي حافظنا عليه، رغم هشاشته طوال الفترة العصيبة الماضية.

وأضاف: يجب ان تستمروا في ذلك وأن يكون ما عملناه منطلقاً في بناء جوهر وأسس وقيم النظام الجديد، وأن تستحضروا دوماً ان اليمنيين نجحوا رغم التنوع السياسي القائم في تشكيل حكومة متوازنة تعمل على انجاز مهامها بقدر كبير من الانسجام والتوافق مما جعل المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي يتأملان هذه التجربة الفريدة بالكثير من الجدية والعمق ويعتبرها نموذجاً في التغيير يمكن الاقتداء به كأسلوب سلمي حضاري يجعل من عملية التغيير وسيلة لتقريب الرؤى وتوحيدها عبر استيعاب مختلف الاطراف المتنازعة وتمكينها من الشراكة في بناء الدولة المدنية الحديثة.

ومضى الأخ الرئيس في كلمته قائلاً: علينا ان نعتز ونفتخر بتجربتنا التي ستترسخ من خلال حرصنا جميعاً على انجاح اعمال مؤتمرنا هذا، وأن ندرك ان كل القضايا المطروحة للنقاش في المؤتمر تتطلب من جميع الاطراف تقديم تنازلات قد تبدو مؤلمة بمعايير اليوم لكن الاجيال القادمة ستعتبرها بمعايير الغد انجازاً تاريخياً في السجل السياسي لهذه الاطراف وستحكم تلك الاجيال على كل من في هذه القاعة بقدر ما يستحقونه من الانجاز.

وحث الأخ الرئيس أعضاء مؤتمر الحوار على الاستفادة من المساندة غير المسبوقة التي تحظى بها بلادنا سياسياً واقتصادياً من المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي عبر هذا الاجماع النادر لإنجاح اعمال هذا المؤتمر الوطني الكبير.

وقال إن الإرادتين الاقليمية والدولية قد توفرتا لإنجاح المؤتمر وتبقى الارادة الوطنية بأيديكم انتم لكي تعبروا عنها من خلال حرصكم على تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الضيقة بمختلف اشكالها وتنتصرون للمشروع الوطني الكبير على حساب المشاريع الانتهازية الصغيرة فتصلون بسفينة الوطن إلى بر الامان بسلام وحكمة وبصيرة.

وأشاد الأخ الرئيس بأعضاء مؤتمر الحوار الوطني، قائلاً إن ما يزيد عن ثلثي اعضاء المؤتمر هم من حملة الشهادات العليا، وهذا يبعث على الاعتزاز والطمأنينة، لأن هذا المؤتمر الوطني الكبير أحوج ما يكون لأصحاب التخصصات العلمية، المختلفة، لأنهم لن يناقشوا قضايا سياسية فقط بل سيناقشون الكثير من القضايا الجوهرية والملحة التي تشكل حاجة ضرورية لأبناء شعبنا.

وشدد في الوقت نفسه على أن القضية المحورية والجوهرية للحوار والتي ستكون المفتاح الأساسي لمعالجة سائر القضايا هي القضية الجنوبية والتي يجب ان يقفوا امامها بمسؤولية واحساس وطني عميقين بعيداً عن العواطف والحلول المطبوخة والجاهزة والتصورات غير المدروسة والضغوط السياسية وكل انواع الابتزاز وردود الفعل.

مؤكداً في هذا السياق أن أي تفكير لفرض أي تصور لمعالجة هذه القضية الوطنية بالقوة المسلحة لن يقود الا إلى فشل ذريع واخطاء كارثية ودمار كبير، وهو الدرس الذي تعلمناه من الحروب السابقة التي ما تزال ماثلة امامنا ولا نريد تكرارها في اي اتجاه لأننا في النهاية شعب واحد يجمعنا من القواسم المشتركة اكثر مما يفرقنا ناهيكم عن قضايانا واحتياجاتنا ومعاناتنا هي ذاتها في شمال الوطن في شرقة أو غربه، ولم نلج بعد إلى حياة الرفاة والرخاء والديمقراطية والحرية والعدل والاستقرار والتنمية الحقة، وما يزال ثالوث الشر الجهل والفقر والمرض يفتك بنا ويفترس مواطنينا بعد خمسين عاماً من الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر التي جاءت لتقضي عليه دون جدوى.

وقال الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي: إن التوافق على رؤية عقلانية واقعية وطنية حول القضية الجنوبية تحديداً سيقودنا حتماً لصياغة عقد اجتماعي جديد من خلال دستور يكفل معالجة الاختلالات التي ادت إلى كل المحن التي عشناها والحروب التي خضناها والبؤس الذي فرض علينا وسيادة مفاهيم القوة ومعاني الفوضى وقيم التخلف وامراض العصبيات الاسرية والقروية والقبلية والمذهبية والمناطقية التي عانينا منها.

واضاف نريد منكم دستوراً يخرجنا من كل ذلك ويكفل لأبنائنا واحفادنا اسس حياة كريمة سوية ترتقي بناء إلى مستويات المعيشة الانسانية الراقية التي ارادها الله سبحانه وتع إلى لعباده وان ثقتي بالله ثم بكم كبيرة وتفاؤلي بجديتكم ومصداقيتكم لا حدود له رغم كل المصاعب التي ما زلنا نعاني منها والعراقيل التي ما زالت تواجهنا.

وتابع قائلاً إن إرادة البشر إذا مضت في الطريق السوي طريق بناء الانسان واعمار الوطن فإنها نفحة من ارادة الله الذي لا يرضيه شيء مثلما يرضيه ان يرى العدل والسعادة والرخاء والمساواة والحرية تسود بين عباده..

معبراً عن يقينه أن أعضاء وعضوات مؤتمر الحوارسيبذلون كل جهودهم لإخراج اليمن من محنته ومعاناته وسينجزون الكثير في هذا المؤتمر الذي يرقبه كل مواطن يمني باهتمام ويتطلع إليه بآمال لا يأس فيه ويثق بهم كنخبة راشدة واعية تشكل الطليعة التي ستمضي به إلى مستقبل افضل وحياة جديدة واستقرار منشود.. كما عبر عن ثقته بأن أعضاء المؤتمر لن يخيبوا حسن ظن شعبهم بهم ولا حسن ظن العالم كله بحكمتهم.

وتوجه الأخ رئيس الجمهورية في ختام كلمته بالشكر والعرفان للأشقاء دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود، وللأصدقاء في المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على رعايتهم الكبيرة ومتابعتهم الحثيثة ووقفتهم الجادة إلى جانب بلادنا في محنتها التي مرت بها.

معتبراً شراكة الاشقاء والأصدقاء مع اليمن نموذجاً يحتذى به، ونوه بأهمية هذه الشراكة التي قال إنها أوصلتنا إلى هذه اللحظة التاريخية، التي نأمل ان تستمر حتى يقف اليمن مجدداً على قدميه.

فيديو

http://www.youtube.com/watch?v=6gRBTMsAIgU

زر الذهاب إلى الأعلى