الاشتراكي والناصري يقدمان رؤية مشتركة حول قضية صعدة: التاريخ وسياسيات النظام السابق (النص)
قدم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني رؤية مشتركة لفريق عمل قضية صعدة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن حول قضية صعدة، مرجعين جذورها إلى غياب الدولة والتاريخ والجغرافياً، وسياسات الإقصاء والتهميش وإنتاج الصراعات والتهيئة للتوريث التي انتهجها النظام السابق.
وفيما يلي نشوان نيوز ينشر نص الرؤية:
إن قراءة تاريخ صعدة وتتبع مكانتها ودورها في التاريخ اليمني يكشف الأهمية الإستراتيجية لهذه البقعة من اليمن التي تتجاوز مساحتها الـ10000 كم2 .
وأن أي قراءة لهذا التاريخ لا ينبغي أن تقف عند محطة من المحطات السلبية أو الإيجابية التي شهدتها، بل لا بد من القراءة العميقة والموضوعية لما كابدته هذه المحافظة العريقة وعانت منه، سيما في الخمسة العقود المنصرمة .
إذ أن ما جرى في صعدة وثيق الصلة وشديد الارتباط بأزمة الحكم في اليمن. وغياب المشروع السياسي الوطني وعدم وجود العدالة الاجتماعية واستمرار التهميش التاريخي لصعدة وتكريس النفوذ القبلي والعشائري على حساب دور الدولة ومكانتها وهيبتها.
فضلاً عن عجز الدولة عن تحقيق التنمية الشاملة والعادلة والمتوازنة وترسيخ نهج الحكم الفردي العصبوي على قاعدة إدارة الصراعات بالأزمات والحروب انطلاقاً من أهداف سياسية.
إن هذه الأفكار والرؤى المختصرة التي تتناول جذور وأبعاد قضية صعدة ، تأتي في إطار الإسهام في تشخيص جذور المشكلة وتوضيح أسبابها ، والتي ستكون بلا شك إضافة متواضعة إلى بقية الرؤى والأوراق المقدمة من مختلف القوى والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار حول هذه القضية الحيوية الهامة . بهدف تشخيص الجذور والأسباب وتقديم الحلول والمعالجات المناسبة لاحقاً وتحديد الضمانات الكفيلة بعدم تكرارها وإعادة إنتاجها مستقبلاً .
كما أن ما يرد في السطور التالية لا يهدف إلى إدانة طرف أو تبرئة آخر ، وإنما يأتي في سياق القراءة التاريخية لجذور المشكلة التي كان : التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني سباقا ومبادرا للتنبيه لمخاطرها والتحذير من تداعياتها . والذي عملا في مختلف محطات ومراحل الصراع على كشف الأعيب النظام المستبد وتعرية أهدافه التسلطية العصبوية بل ومواجهتها بمختلف الوسائل والأساليب المشروعة ونجمل بإيجاز أهم جذور وأبعاد قضية صعدة فيما يلي :
1 ) غياب الدولة :
يمثل غياب الدولة ومشروعها الوطني القائم على المواطنة المتساوية والعدالة الإجتماعية جذر معظم القضايا الوطنية ومنها قضية صعدة .
ومنذ قيام ثورة سبتمبر 1962م التي أطاحت بالنظام الملكي الأمامي المستبد وحتى العام 2004م لم تعرف محافظة صعدة حضوراً فاعلاً للدولة سواء على صعيد بناء المؤسسات وتوفير البنى التحتية أو على صعيد القيام بوظائفها تجاه المواطنين وفرض سلطتها وتحقيق سيادة القانون ، باستثناء الفترة من74-78 التي شهدت اهتماماً ملحوظاً بصعدة انطلاقاً من المشروع الوطني لحركة 13يونيو التصحيحية في بناء الدولة المدنية . وقد ضلت صعدة مهمشة ومحرومة من أبسط الخدمات الأساسية من تعليم حديث وصحة ومياه شرب نقية وتحولت إلى بيئة للحرمان وسوق مفتوحة لتجارة السلاح والتهريب والثارات والاحتراب القبلي.
وكان حضور الدولة مقتصرا على الجباية والتسلط ، واثارة الصراعات بين أبناء المحافظة ، واستمرت المحافظة تحت سطوة وسيطرة القوى التقليدية والمتنفذة لتصبح هي صاحبة الفعالية والتأثير في تسيير مجريات الحياة وتغييب الحقوق والمواطنة المتساوية .
2 ) الموقع الجغرافي على الشريط الحدودي مع السعودية :
تقع صعده في منطقة جغرافية استراتيجية هامة تمتد على الحدود الشمالية للجمهورية اليمنية مع المملكة العربية السعودية ابتداء من المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر غرباً وحتى مناطق الربع الخالي شرقاً. وهو ما جعلها محط أنظار الفاعلين في الداخل والخارج ، ومحاولتهم توظيف ما يحدث فيها لخدمة أجندة خارجية وساحة للصراعات والحروب بالوكالة . فيما سعت بعض الأطراف الإقليمية للاستفادة من حالة اللا دولة وغياب الاستقرار للتوسع ومد النفوذ . وما حصل من تدخل سعودي سافر وتوسع في اقتضام أجزاء من أراضيها شاهد على ذلك في ضل غياب الدولة ودورها في حماية السيادة الوطنية . فضلاً عن محاولات النظام السابق استخدامها للابتزاز لبعض الأطراف المحلية والدولية للحصول على مكاسب مالية وسياسية .
وقد مثلت اتفاقية ترسيم الحدود في عام 2000م تفريط في السيادة الوطنية زادت الأوضاع احتقاناً . وكانت محل اعتراض ورفض من أبنائها الذين عملوا على التصدي لأعمال الترسيم المجحفة . ورفضوا ممارسات السعودية في إقامة الجدار العازل ، وعملوا على إعاقتها عن تثبيت ما حققته من مكاسب في اتفاقية ترسيم الحدود وهي الاتفاقية التي رفضتها كافة الأنظمة والحكومات المتعاقبة ووافق عليها النظام السياسي السابق .
3 ) نهج الإدارة بالإزمات وإذكاء الصراعات :
اعتمد النظام السابق خلال الثلاثة العقود الماضية اسلوب الإدارة بالأزمات ، وإذكاء الصراعات ، واللعب على التناقضات وتغذية الخلافات وإشعال الحروب بين الجميع وضد الجميع . فدعم القبيلة ضد القبيلة والأسرة ضد الأسرة . واحيا النزعات المناطقية والطائفية . وأفسد الحياة السياسية من خلال اختراق الأحزاب وتفريخها وابعادها عن ممارسة دورها الجوهري في العمل السياسي ودعم بعض الجماعات الدينية والمذهبية لضربها ببعضها البعض وتصفية حسابات سياسية مع بعض الأطراف وتأجيج الصراع المذهبي والطائفي .
وفي هذا الإطار تم استغلال الجانب الفكري والثقافي في صراع مراكز القوى المحلية والدولية وممارسة ثقافة الإقصاء ضد الأخر وتهميشه وتأجيج الصراع لخدمة أهداف وأطماع داخلية وخارجية في ظل التضييق على الحريات الاجتماعية وفرض قيود على حرية الفكر والتعبير .
4 ) تقويض الشراكة الوطنية والتهيئة لمشروع التوريث :
مثلت قاعدة الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة اليمنية الضمانة الأساسية للمشروع الوطني لبناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة ، إلا أن مغامرة الاستحواذ على السلطة والإنفراد بها بدأت مع بواكير العهد الجديد لدولة الوحدة ووصلت ذروتها نهاية المرحلة الانتقالية 1993م التي أنتجت حرب صيف 94م التي عمقت منطق الأغلبية والأقلية بديلاً عن الشراكة الوطنية . وجاءت النتائج الكارثية لحرب 94م لتعزز الشعور لدى الطرف المنتصر بأنه يمتلك من القوة والقدرة التي تمكنه من إخضاع كل الخصوم والمنافسين وحتى تصفيتهم والاستفراد بالسلطة ، وان الوقت قد حان لإعادة تشكيل خارطة القوى وتغيير معادلة الصراع بما يخدم استمرار رأس النظام في الحكم والتهيئة لتوريث أبنائه والحيلولة دون صعود أي منافس .
حيث وجد النظام من حرب صعدة وسيلة لتحقيق أهداف عدة في استبعاد القوى التي كانت على علاقة به وحليفة معه عسكرية وقبلية ، وكذلك القوى الأخرى الرافضة لمشروع التوريث ليبقى النظام العائلي هو سيد الموقف والمتحكم بمجريات الأمور .
هذه باختصار أهم الجذور والأبعاد لقضية صعدة من وجهة نظر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني ، والتي لاشك أنها تشكل مع عدة عوامل ثانوية أخرى مقومات نشأتها وتصاعد وتيرتها لتتحول إلى قضية وطنية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية جسدت الجوهر السياسي والوطني للصراع وليس الصراع الديني والمذهبي .
بقية الرؤى:
رؤية المؤتمر الشعبي وحلفائه لقضية صعدة: تمرد حوثي مسلح دفع الدولة للقيام بواجبها (نص الرؤية)
رؤية حزب الرشاد لقضية صعدة: الحوثيون حركة مسلحة تهدف لكيان سياسي خارج الجمهورية اليمنية (النص)
نص رؤية الحوثيين لقضية صعدة في مؤتمر الحوار.. غياب العدالة ودخول فكر غريب