رئيسية

هل غيرت إيران خطتها نحو اليمن، وما هي فرص نجاح خطتها الجديدة؟

المحرر السياسي

تنظر إيران إلى اليمن منذ مئات السنين كعدو يحظى بنسبة من الكراهية تفوق كراهيتهم لباقي العرب، وذلك لأن ثلثي جيش القادسية كانوا من اليمن، لهذا يضمر الفرس حقداً كبيراً لليمنيين والعرب عموماً، ولهذا فقد أفردوا لليمن برنامجاً خاصاً به.

وبعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر 1962 اكتوبر 1963 في اليمن أصبحت الدولة الجديدة بطبيعة تكوينها معادية لإيران، ولم يتقارب البلدان تقارباً بشكل حقيقي منذ ذلك الوقت، سواء إيران الشاة أو إيران الخميني.

لكن إيران الخميني كانت أحرص على إعادة المشروع الشيعي في اليمن وإنعاش وسائله التقليدية وفق أجندة تعمل على هدم الدولة من الداخل، من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على إضعافها من الخارج، وهذا ما هو حادث حتى اليوم.

كان التوسع الإيراني في اليمن في مرحلته الذهبية ما من العام 1993 إلى 2003، حيث وقعت العديد من الاتفاقيات الخطيرة والضارة بالأمن القومي اليمني والعربي عموماً وأشدها خطورة كان في 15يونيو2003 توقيع 40 اتفاقية تعاون يمني إيراني في مجالات متعددة منها السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية..

ففي يناير مثلاً 1966م، عقدت جلسة مباحثات اللجنة اليمنية الإيرانية المشتركة، التي تم خلالها التوقيع على مذكرتي تفاهم تضمنتا التعاون في العديد من المجالات التنموية خاصة في مجالات الصحة، الزراعة، البيطرة، البريد، البرق والهاتف، الكهرباء والمياه، وكذا التعاون في مجالات النفط والثروة السمكية والاسكان والتجارة والصناعة والثقافة والتعليم والعلوم. ومكنها هذا من التغلغل في كل عروق مؤسسات الدولة.

وفي 97 وقعت اللجنة الاقتصادية اليمنية الإيرانية المشتركة على مذكرة التفاهم بين إيران واليمن شملت الجوانب الثقافية والتعلمية والتجارية والاقتصادية والفنية والخدمية المختلفة.

وتحرص إيران في علاقاتها مع اليمن دائما على التعاون الثقافي والتعليمي لتتمكن من التغلغل في المجالات الهامة، التي تستطيع عن طريقها الثأثير على اليمنيين وطمس التاريخ اليمني.

ففي العام 98م وقعت بصنعاء مذكرة تفاهم بين إيران واليمن والتي تضمنت التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال طباعة فهرسة المخطوطات للمكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء، وكذا الاستفادة من الخبرات الإيرانية في مجال تطوير المخطوطات بالميكروفيلم وتدريب الكوادر اليمنية للقيام بهذه الاعمال. وهذا ما مكن إيران من التحكم بالتاريخ اليمني وطمس المخطوطات..

في يناير 2000 وقعت الجنة الوزارية اليمنية الإيرانية المشتركة على مذكرة التفاهم التي اكدت على اهمية توطيد علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات... وكان أهمها البرنامج التنفيذي للتعاون الاعلامي الذى أكد في محتواه على تبادل التجارب والخبرات وتقديم كافة التسهيلات يما بين الجانبين في كافة مجالات الخدمة الاعلامية، كما تم التوقيع على البرنامج التنفيذى للتعاون التربوى والعلمي.

مكن ذلك إيران من التغلغل في وسائل الإعلام اليمنية لتوتير العلاقات بين السلطة والمعارضة من جهة، وتوتير العلاقات بين اليمن والسعودية وبقية الدول العربية. والأهم من ذلك هو التهيئة لفتنة الحوثي، وإرباك الإعلام الرسمي والمستقل والمعارض في إيجاد تعريف واضح لطبيعة التمرد في صعدة.

ولا مجال هنا لذكر تفاصيل الاتفاقيات اليمنية الإيرانية التي هيئت اليمن لحرب حصدت أرواح الآلاف من أبناء الشعب اليمني سواء من الجيش أو المتمردين أو المتطوعين في محافظة صعدة شمال اليمن.

وتبدو العلاقات اليمنية الإيرانية في أحسن صورها عندما أرسل الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي زوجته إلى صنعاء لمقابلة الرئيس صالح والمناقشة معه حول قضايا المرأة المسلمة في 2003.

إيران الآن منهمكة في جمع المعلومات اللازمة لتغيير خطتهم ازاء اليمن. وهذا واضح من خلال التصريحات أثناء جلسة المباحثات التي تتم في صنعاء حالياً.

برنامج خاتمي للتغلغل الناعم عن طريق الاتفاقيات الثنائية مع الحكومة اليمنية تجمد بعض الشيء لأسباب عديدة عديدة دولية ويمنية. وبرنامج استكمال تكوين حزب الله اليمني أصبح مرصوداً من قبل الحكومة اليمنية.

برنامج التغلغل في هياكل ومرافق الدولة عن طريق كوادرهم اليمنية (يقايا الإسرة الإمامية وغيرهم) أصبح هو الآخر مجمداً ومرصوداً.

برنامج التغلغل المذهبي لاقى مناعة شعبية ناتجة عن حرب الحوثي والجرائم الطائفية في العراق.

أخطاء الإدارة الحالية في طهران في مسألة تعاملهم مع العرب ومحاولة زعزعة النسيج العقائدي وخلق البلابل السياسية بين الحكام والمحكومين ساهمت بدورها في خفوت نبرة المدافعين في اليمن عن إيران وسياسة إيران.

حرب الحوثي أسهمت في إنتاج رصيد فكري من الكتب والأشرطة والمقالات تهاجم إيران والتشيع داخل أوساط الجيش وأوجدت أقلام تحترف مقارعة المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة..

التقارب الذي حدث بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي أعفى صنعاء من التهافت على فتات طهران من المساعدات..

كل هذا ولاشك يستوجب من إيران تغيير خطتها في اليمن.. ويكاد المراقب يجزم أنهم حالياً لا يزالون في مرحلة جمع البيانات اللازم توفرها لرسم الخطة.. ذلك أنه من الواضح أن إيران وأصابعها في اليمن ليسوا مطمئنين إلى صدقية الهدنة بين الحكومة والحوثي وأن صالح يرتب أوراق الانتقام من إيران بطريقة لا تلفت الاهتمام.

وحالياً يعد أهم مسار لإيران في اليمن مفعّل بشكل كبير في ظل معظم المسارات. هو التأجيج السياسي بين فرقاء الساحة السياسية في اليمن ومواصلة عملية نهب المال العام،وإفراغ الرسالة الإعلامية والتعليمية من أي محتوى مفيد.. مع الحفاظ على وتيرة عالية من ضخ المخدرات لليمن ومنها إلى السعودية.

ولا يستبعد بعض المراقبون أن إيران هي اللاعب الرئيس في أحداث الجنوب الاحتجاجية والانفصالية. وأنها تمتلك برنامجاً تصعيدياً ً من شأنه استنزاف الجهد الأمني والإجتماعي اليمني بحيث يكون من السهولة إحكام سيطرة الحوثيين على صعدة وأجزاء من عمران لتكون منطلقاً عسكرياً للتخريب وإسقاط النظام المتشتت بين الجنوب وصعدة.

توقف التغلغل الإيراني مذهبياً في اليمن ً. لكنه بنظر المراقبين نوم مقصود وليس موتاً نهائياً.. وبالتالي فإنه من قبيل إضاعة الوقت أن يحاول الإيرانيون ترميم هذا المجال في هذا التوقيت..

ولهذا السبب تعمل إيران على تأليب عوامل الانقلاب الأمني والسخط الجماهيري والتشاطن السياسي هو السبيل الناجح في الماضي القريب وحتى الآن لم تكتمل خطتهم الجديدة التي ينبغي أن لا تتأثر بنتائج الانتخابات القادمة في إيران (برلمانياً ورئاسياً).

وحسب قراءة الكثير من المراقبين فإن إيران تفشل في اليمن لكنها لم تيأس إلى الآن من قدرتها على احتواء النتائج المضرة لمجازر العراق وحرب الحوثي.

إمكانية نجاح مشروع السيطرة الإيرانية على الأوضاع في اليمن لم تعد واردة في المدى المتوسط.. لكن إمكانية زعزعة الأوضاع جارية على قدم وساق.

أصبح اسم إيران في اليمن يثير الاشمئزاز لدى الكثير من اليمنيين وأصبح لديها الكثير من نقاط الضعف.

ويرى المراقبون أيضاً أن احتواء اليمن في منظومة مجلس التعاون سيبعد اليمن أكثر عن إيران وتلزم الجانب اليمني بالمضي في اتجاه مغاير لرياح إيران وخصوصاً إعلاميا ومذهبياً وثقافياً.

وكان لافتاً في هذا الأسبوع الذي شهد اجتماعات اللجنة الوزارية اليمنية الإيرانية التصريحات التي صدرت عن الرئيس اليمني بخصوص البحرين، وكذا البيان الذي أصدره مجلس النواب اليمني لإدانة التصريحات الإيرانية.

وتبدو الخطوات التي تقوم بها إيران حالياً في اليمن من خلال محاولتها تحسين العلاقة مع النظام في اليمن تمت وفق خطط مدروسة تنبئ عن الحكومة الإيرانية بدأت بتنفيذ خطة الرئيس القادم (الذي يرجح أن يكون خاتمي) من الآن.

ويبدو من خلال الاجتماعات أن إيران و"المتوكل"،الذي يرأس الجانب اليمني، في طرف والحكومة اليمنية في طرف آخر.

_____________
نشوان - خاص

زر الذهاب إلى الأعلى