[esi views ttl="1"]
arpo28

القاعدة ترد على استراتيجية أوباما في اليمن وتتأهب لصد عمليات أميركية محتملة

أكدت مصادر مقربة من تنظيم "القاعدة" في اليمن بأن قيادات التنظيم تعيش حالة استنفار غير مسبوق في مناطق قبلية شرقي اليمن، وأنها اتخذت الاحتياطات الأمنية اللازمة خشية استهدافها في عمليات استخباراتية أميركية محتملة..

في وقت تشهد مدينة مأرب استعدادات حكومية أمنية منذ يومين سبقها نشاط استخباراتي لافت لطائرات تجسس مجهولة الهوية جابت سماء المحافظة خلال الأسبوع الماضي.

ونقلت صحيفة "الغد" عن شهود عيان بمحافظة مأرب إن طائرات تجسس يحتمل أن تكون أميركية جابت سماء المحافظة الأسبوع الماضي بصورة مكثفة، خصوصاً أثناء الليل، مشيرين إلى أن تلك الطائرات كررت طلعاتها الجوية في مناطق صرواح ووادي عبيدة بصورة متكررة قبل أن تنتقل إلى مناطق أخرى.

ووصفوا تلك الطائرات بأنها تختلف عن طائرات التجسس الأميركية التي عثر على بعض منها قبل أشهر في شواطئ جزيرة سقطرى على البحر الأحمر، وأوضحوا بأن هذه الأخيرة من الحجم الكبير وأنها تطير ببطء شديد على مستوى مرتفع لكن يمكن مشاهدتها بالعين المجردة ولها صوت يشبه إلى حدٍ ما أصوات مولدات الكهرباء.

في ذات الوقت حذرت مصادر قبلية بمحافظة مأرب من "أي انتهاك للسيادة الوطنية (حسب وصفهم) في عمليات عسكرية أميركية تستهدف مواطنين داخل الأراضي اليمنية على غرار حادثة اغتيال زعيم "القاعدة" السابق أبو علي الحارثي مطلع نوفمبر 2002.

وعبر مصدر في (ملتقى أبناء مأرب) عن قلقه إزاء تلك الطلعات المشبوهة للطائرات التجسسية، التي قال إنها "أثارت الفزع والإزعاج لدى المواطنين"، كما "أثارت استنكار كافة شرائح المجتمع في مأرب على مختلف اتجاهاتها"، مطالباً الجهات الحكومية "سرعة الكشف عن هويتها، ولماذا يسمح لها بانتهاك الأجواء اليمنية وما الأهداف التي تبحث عنها؟".

وقال غالب الزايدي، وهو أحد المطلوبين أمنياً على ذمة "القاعدة"، قال في اتصال هاتفي مع "الغد"- "لدينا معلومات مؤكدة حول مهام هذه الطائرات التجسسية"، مشيراً إلى أن هذه الطلعات الجوية لهذه الطائرات الأميركية جاءت بناءً على اتفاق أمني أبرم بصنعاء قبل شهرين بين مسؤليين يمنيين وقائد العمليات الخاصة الأميركية.

وأوضح الزايدي بأن "قائد العمليات الخاصة الأميركية خلال زيارته الأخيرة لليمن قبل شهرين اتفق مع القادة اليمنيين تحت الضغط على السماح لثلاث طائرات تجسسية أميركية أن تعمل في اليمن انطلاقا من القواعد الأميركية في جيبوتي وأثيوبيا وتنفيذ بعض العمليات الخاصة على غرار ما يحصل في باكستان والصومال"، مضيفاً بأن "هذه الطائرات الثلاث شوهدت إحداها في محافظة مأرب الأسبوع الماضي ورآها الكثير من الناس وهي تخترق الأجواء اليمنية دون أي اعتبار لشعب مسلم"، حد تعبيره.

وفيما قال الزايدي إنه "لا يستبعد قيام هذه الطائرات بضرب بعض الأهداف"، طالب "العلماء بأن يبينوا الحكم الشرعي في ذلك"، حد قوله، معبراً عن "استغرابه لموقف بعض العلماء ومشائخ القبائل الذين (قال إنهم) هبّوا في وقت قياسي للإفراج عن المهندس الياباني المخطوف في أرحب قبل أيام، بينما الشاب المعتقل الذي خطف بسببه ذلك المهندس الياباني وغيره من الشباب يقبعون خلف قضبان الأمن السياسي منذ عامين ولم يحرك أولئك العلماء والمشائخ ساكناً"، حد تعبيره.

ويخشى السكان المحليون أن تكون طائرات التجسس التي كانت شوهدت قبل أشهر في سماء مدينتهم، ثم اختفت، قبل أن تعاود الظهور الأسبوع الماضي، يخشون أن تقوم بمهام تجسسية في المحافظة، ترصد من خلالها أهدافاً معينة وتقوم بتصويرها تمهيدا لضربها.

وكانت صحيفة "الغد" اليمنية نشرت في يونيو الماضي معلومات حول تصاعد وتيرة النشاطات الاستخباراتية الدولية في اليمن، في أعقاب تقارير أميركية تحدثت عن تحول الأراضي اليمنية إلى مركز إقليمي لتنظيم (القاعدة)، بالإضافة إلى استمرار أعمال القرصنة البحرية على السفن في المياه الإقليمية والدولية في خليج عدن والبحر الأحمر، على مرأى ومسمع من الأساطيل والبارجات العسكرية الأميركية والأوربية المنتشرة في المنطقة بذريعة مكافحة القرصنة.

وفي يونيو الماضي أيضاً أعلنت وزارة الداخلية اليمنية العثور على جهاز مجهول حلزوني الشكل يبلغ طوله حوالي المتر والربع وعرضه 8 إنشات مزروعاً في البحر في منطقة تقع بين ساحل جله وبلحاف بمديرية رضوم الساحلية بمحافظة شبوه، حيث تشير المعلومات التي أمكن التوصل إليها إلى أن الجهاز الغريب لا يبعد أن يكون جهاز رادار تجسس زرعته جهة أجنبية على السواحل اليمنية لأغراض استخباراتية عسكرية، فيما تشير بعض الاحتمالات إلى تورط أميركي في تصاعد عمليات التجسس التي تشهدها السواحل اليمنية منذ أشهر، كان آخرها سقوط طائرتي استطلاع أميركيتين من دون طيار في غضون أسبوعين في فبراير الماضي، إحداها عثر عليها في منطقة رأس العارة بمحافظة لحج من قبل المواطنين، والثانية في قرية فالنج منطقة مومي التابعة لجزيرة سقطرى على مقربة من شواطئ الجزيرة، كانت "الغد" نشرت صورها وقصة سقوطها ومعلومات أخرى حول الصنع والمواصفات.

لقاءات يمنية أميركية

ورغم توتر أجواء العلاقة بين صنعاء وواشنطن خلال الأشهر القليلة الماضية، كما يبدو، على خلفية تقاطع وجهات النظر إزاء بعض الملفات الأمنية الساخنة في اليمن، إلا أن العاصمة صنعاء احتضنت منذ مطلع العام الجاري لقاءات عديدة للمسؤولين اليمنيين مع قيادات عسكرية أميركية، كان أحدها اللقاء الذي جمع الرئيس علي عبدالله صالح مطلع أكتوبر الماضي قائد العمليات الخاصة المشتركة بالولايات المتحدة الأمريكية الأدميرال، وليام مكرافن، بحث خلالها الجانبان مجالات التعاون بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية وفي طليعتها التعاون في المجال العسكري ومكافحة الإرهاب، فيما كان المسؤولون اليمنيون وفي مقدمتهم الرئيس صالح استقبلوا في وقت سابق قائد القيادة العسكرية الأمريكية المركزية الوسطى الفريق أول ديفيد بترايوس والوفد المرافق له، حيث بحث الجانبان أوجه التعاون المشترك وفي مقدمها التعاون في المجالين العسكري والأمني وعلى وجه الخصوص في مجال التدريب وخفر السواحل ومكافحة الإرهاب، حسبما بثته وسائل الإعلام الرسمية في حينه.

وخلال لقاء صالح – بترايوس هذا أواخر يوليو الماضي بدا واضحاً تأكيد الجانب اليمني على ضرورة أن يشمل الدعم الأميركي لليمن الجوانب التنموية، لا أن يقتصر على الجانب الأمني في إطار مكافحة "الإرهاب"، فيما أكد المسؤول العسكري الأميركي "التزام بلاده وحرصها على استمرار الدعم والتعاون مع اليمن في شتى المجالات ومنها التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية ومكافحة الإرهاب، مبدياً في ذات الوقت حرص الولايات المتحدة على دعم أمن واستقرار اليمن باعتباره ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة بشكل عام"، طبقاً لما نشرته المصادر اليمنية الرسمية.

وتشير معلومات شبه مؤكدة إلى أن العمليات الأميركية المحتملة في اليمن، سوف تكون عمليات خاطفة ومحددة، يتولى القيام بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي آي إيه)، التي كان عدد من مسؤوليها زاروا اليمن خلال الأشهر الماضية والتقوا عدداً من المسؤولين اليمنيين.

وكانت تقارير أميركية تحدثت قبل أعوام بأن العمليات الاستخباراتية ضد عناصر مشتبه بانتمائهم إلى "القاعدة" تأتي بناء على جهود حثيثة تشترك فيها العديد من وكالات الاستخبارات الدولية، ويتم التخطيط لها في مركز يسمى (مركز التحالف القاعدي)، يضم نخبة من الخبراء الاستخباريين وضباطاً ميدانيين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا واستراليا والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا المركز لا نظير له في العالم لأنه متعدد الجنسيات، ويقوم بتنفذ عمليات بدلا من تبادل المعلومات بين الدول.

وقالت تلك التقارير إن هذا المركز اشترك خلال عامه الأول في تنفيذ 12 عملية ضد عناصر مشتبه بانتمائها لـ"القاعدة" في مختلف أنحاء العالم، كانت أولاها عملية اغتيال "أبي علي الحارثي" في صحراء مأرب في الثاني من نوفمبر 2002، بطائرة من طراز "بريدايتور" من دون طيار، اعترفت فرنسا بأنها من سمحت لوكالة (سي. آي. ايه) باستخدام هذه الطائرات، انطلاقاً من قاعدة جوية فرنسية في جيبوتي.

استراتيجية أوباما في اليمن

وإذا كان يدور حالياً الحديث حول عمليات استخباراتية أميركية وشيكة ضد عناصر من "القاعدة" في مناطق قبلية في اليمن، فإن ما يعزز ذلك الاعتقاد هو مجيئه متزامناً مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما نهاية الأسبوع الماضي عن استراتيجيته الجديدة للحرب في أفغانستان وباكستان، وهي الاستراتيجية التي كشفت صراحة عن نية الولايات المتحدة بأن تشمل الحرب مناطق أخرى من العالم بما فيها اليمن.

حيث أكد أوباما في خطاب إعلانه الاستراتيجية الثلاثاء الماضي في معهد وست بوينت العسكري بأن "القاعدة لا تزال تشكل خطرا"، مضيفاً "لن يكون في وسعنا اعتقال أو قتل جميع المتطرفين الموجودين في الخارج .. علينا أن نتصدى للقاعدة وحلفائها حيثما يسعون للتمركز سواء في الصومال أو في اليمن أو في أماكن أخرى، من خلال ممارسة ضغوط متزايدة وإقامة شراكات متينة".

واعتبر أوباما أفغانستان وباكستان هما "مركز التطرف العنيف الذي تخوضه القاعدة، من هناك تمت مهاجمتنا في 11 أيلول/سبتمبر وهناك يجري التحضير لاعتداءات جديدة في اللحظة التي أتكلم فيها إليكم".

بالمقابل، لا يبدو أن عناصر تنظيم "القاعدة" في اليمن يجهلون طبيعة الحرب الجديدة القديمة التي تخوضها الولايات المتحدة ضدهم، وبالتالي سعيهم إلى رفع مستوى الجاهزية في صفوفهم والاستعداد لأي احتمالات ممكنة، وفي هذا السياق جاء أول رد على استراتيجية أوباما الجديدة في مقال نشره منذ أيام أحد مواقع الإنترنت التي يستخدمونها، أكد من خلاله كاتب المقال بأنه "ليس بجديد اختراق الطائرات الأمريكية التجسسية للأجواء اليمنية والتحليق يوميا على مأرب وشبوة وأبين والجوف ومناطق السنة في صعدة وكأنها تحوم في إحدى ولاياتها ولا يستبعد أن تطلق صواريخها على أي هدف وإن كان في أغلبه سيكون مدنياً".

وفيما أوضح كاتب المقال الذي رمز لاسمه ب(بخْصروف الدنْقلوه) بأن "اليمن لا يختلف شعبها عن الشعب الأفغاني كما لا تختلف أرضها عن أرض أفغانستان"، توعد بأن "ثورتها (اليمن) لن تحصر في مناطق القبائل ولا المدن الرئيسية ( صنعاء - الحديدة - تعز - عدن - حضرموت ) وإنما ستشمل ثورتها الجزيرة العربية ككل وسيأتيها المقاتلون من كل مكان كما سيخرج منها المقاتلون إلى كل مكان"، حسب تعبيره، مضيفاً في مقاله الذي عنونه ب(السي آي إيه يحفر قبر لأمريكا في اليمن): "ستتكرر الصورة المشرقة لأفغانستان ووزيرستان والعراق والصومال التي هدد أمراؤها ببعث السرايا لدك معاقل الكفر".

ويزعم كاتب المقال بأن "القاعدة تسوق القوة العظمى أمريكا إلى حتفها, وتجرها إلى مقبرة جديدة لا تدع جسداً محتلاً إلا ابتلعته", وتابع "إنها اليمن التي استعصت على جميع المستعمرات وحولت مخططاتهم إلى ذكريات".

وخاطب الشعب الأميركي قائلاً إنه "لا يرجى من الشعب الأمريكي أن يعقل مؤامرات الشركات الكبرى التي تدير البلد ويعتمد دخلها على إشعال الحروب والصراعات لأنه مخمور أبعد ما يكون عن ما يقوم به ساسته من سوقهم سوقا إلى المحرقة والنهاية كما هو حال الاتحاد السوفيتي سابقاً".

وفيما اعتبر المقال أنه "لا توجد سيادة للحكومة اليمنية على أرضها، بل هي أرض مباحة لكل من يريد اختراقها مقابل دفع المال"، حد تعبيره، أعاد التذكير ببيان سابق للتنظيم زعم أن "للحكومة السعودية جواسيس يعملون دون علم الحكومة اليمنية"، مهدداً بأن الشعب اليمني يمتلك "من مؤن السلاح ما يكفيه لمواجهة الجيوش العربية بكاملها فكيف بجيش منهار" في إشارة إلى الجيش اليمني، "مع الأخذ بالاعتبار أن منبع الاستشهاديين في مختلف الجبهات هم من أبناء جزيرة العرب"، كما جاء في المقال.

وبصرف النظر عن مدى نجاح أي عمليات استخباراتية أميركية محتملة داخل الأراضي اليمنية في تحقيق هدفها وتوجيه ضربة موجعة لتنظيم "القاعدة" في اليمن، غير أنه من المؤكد أن تداعيات مثل هكذا عمليات ستكون "كارثية" حسبما يرى مراقبون، ليس على صعيد ردة الفعل المتوقعة لأعضاء "القاعدة" في اليمن والخليج بشكل عام، والتي لن تستثني المصالح الأميركية في المنطقة، ولكن على مستوى العلاقات اليمنية الأميركية من جهة، وزيادة تعميق الهوة بين الحكومة اليمنية وشعبها من جهة ثانية، والأهم من ذلك استعادة رسم الصورة السيئة للولايات المتحدة الأميركية التي خلفتها إدارة بوش في أذهان اليمنيين والعالم، في وقت تزعم إدارة أوباما أنها تحاول إخراج بلدها من هذه الدائرة.

زر الذهاب إلى الأعلى