[esi views ttl="1"]
arpo28

2010.. عام المواجهة المفتوحة بين اليمن والقاعدة

بدأ عام 2009م بمواجهات متفرقة ومحدودة بين السلطات الأمنية وتنظيم القاعدة، لكن أحداث بارزة تصدرت العام وكان لها ما بعدها من تأثيرات وتداعيات وردود فعل مختلفة. ومثلما كان الإعلان عن اندماج القاعدة في اليمن والسعودية تحت مسمى ما بات يعرف ب

"تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، هو الحدث الأبرز والانعطاف المهم الذي تصدر عام 2009م، فقد اختتمت السلطات اليمنية هذا العام بتنفيذ أكبر غارات جوية تستهدف التنظيم في محافظات أبين وشبوة وأمانة العاصمة ومنطقة أرحب بمحافظة صنعاء.

ولاتزال هذه العمليات تستقطب العديد من الاهتمامات والتداعيات المستمرة والمتواصلة، والاهم أنها تأتي في ظروف حساسة ودقيقة، قلما توفرت ظروف مثلها في السابق، حيث تشهد البلاد في وقت متزامن معارك عسكرية شديدة في صعدة واحتجاجات متصاعدة في الجنوب، وإذا أضيفت هذه فقط إلى عوامل أخرى، فان التوقعات جد متشائمة، والمواجهة بدون شك مفتوحة على شتى الاحتمالات.

لقد كان إعلان زعيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري عن اندماج التنظيم بفرع "القاعدة" في السعودية، وذلك في منتصف يناير الماضي، فاتحة التطورات، ومبعث مخاوف كبيرة وردود كثيرة.

وقد دفعت تلك الخطوة رئيس المخابرات الوطنية الأميركية إلى القول أن اليمن أخذ يعود إلى الظهور بوصفه ساحة جهادية وقاعدة إقليمية محتملة لعمليات القاعدة. وبرهنت العمليات اللاحقة وتطورات الأوضاع الداخلية كثيرا من تلك المخاوف والتوقعات التي عكستها عدة تقارير إقليمية وغربية، ولم يقتصر تنفيذ العمليات على مستوى الداخل فحسب، بل بدت اليمن بالفعل في التحول تدريجيا وبصورة متصاعدة إلى "قاعدة القاعدة" ومحطة انطلاق لتنفيذ الهجمات في الخارج.

ففي أغسطس الماضي نفذ التنظيم الموحد أولى تلك المحاولات الجريئة والمثيرة في تفاصيلها ضد مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، ووصفت العملية بأنها اكبر هجوم تشنه القاعدة داخل السعودية منذ تفجير استهدف وزارة الداخلية في الرياض عام 2004م، كما كانت أول عملية تستهدف فردا من العائلة المالكة منذ بدأت القاعدة هجماتها في الأراضي السعودية.

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت المصادر السعودية مقتل رجل أمن وعنصرين للقاعدة بعد محاولتهما التخفي بأزياء نسائية والتسلل داخل أراضي المملكة، وهي العملية التي عرفت ب "اشتباك جازان"، وأوضحت تلك المصادر أن المعدات التي عثر عليها في سيارة الرجلين، واشتملت على متفجرات ومدافع رشاشة وقنابل يدوية وسترتين واقيتين إضافيتين، توحي بضخامة العملية التي جرى إحباطها، وكانت ستتسبب في إزهاق حياة كثيرين.

وبين الحادثتين، شهدت الساحة اليمنية عدة تطورات، غير أن اللافت في قصة إعلان الاندماج القاعدي، هو تأكيد زعيم القاعدة ناصر الوحيشي بأن اليمن تحولت "مدد لأهل الإسلام والمسلمين في كل مكان وإلى أرض مدد للحملة الصليبية الصهيونية"..

مؤكدا أنه على الرغم من الحصار الأمني المفروض على تنظيم القاعدة محليا وعالميا "نرسل المدد إلى العراق وإلى أفغانستان وإلى الصومال والحمد لله، وحتى إلى فلسطين، لكن حركة حماس للأسف رفضت استقبال مجاهدين ذهبوا إليها فترة تفجير معبر رفح".

وفي الوقت الذي عد فيه السياح جزءا مباشرا من الحملة الصليبية، جاءت حادثة شبام بحضرموت في وقت لاحق وتحديدا في شهر مارس الماضي، ترجمة لذلك الخطاب. فقد أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الحادث الذي أودى بحياة أربعة سياح كوريين جنوبيين ومرشد سياحي يمني، كما أصاب آخرين، وكشفت التحقيقات الأمنية أن منفذ العملية لم يكمل الـ18 من عمره.

وبعد نحو أربعة أيام على الحادث الأول، نجا وفد تحقيق كوري جاء للتحقيق في الحادث الأول، من عملية تفجير ثانية على طريق مطار صنعاء، وجاء في بيان لتنظيم القاعدة أن الأمر يتعلق ب "عملية استشهادية استخباراتية نوعية على وفد المحققين الكوريين الجنوبيين في إشارة واضحة إلى عجز أجهزة الأمن اليمنية حيث استعانت بوفد المحققين الكوريين ولم تستطع حمايتهم".

وفي الحادثين طرحت الأسئلة بكثرة حول القاعدة، كما نظر البعض باستغراب للجهة المستهدفة، لكن التنظيم لا يعدم الأدلة والبراهين في تبرير عملياته، وفي خطاب الوحيشي السابق ما يشير إلى ذلك.

و إلى جانب حملة الاعتقالات والمحاكمات التي جرت على ذمة القاعدة، كشفت اليمن أسماء أبرز قيادات التنظيم، لكنها وضعت طارق الفضلي في مقدمة تلك الأسماء، يليه ناصر الوحيشي وخالد عبدالنبي، وآخرين.

وفي نهاية يوليو الماضي دارت مواجهة أمنية بارزة في مأرب بين الأجهزة الأمنية وعناصر القاعدة، وأثارت المواجهة تباينات إعلامية، ففيما أكد بيان منسوب للقاعدة بأن عناصر التنظيم تمكنوا من قتل عدد من الجنود، بينهم ضابط كبير، وأسر 7 آخرين في معركة استمرت 6 ساعات وأسفرت أيضا عن تدمير وإعطاب خمس دبابات عسكرية تابعة للجيش، نفى مسئول أمني صحة الرواية وقال أن العملية بدأت بقيام "عناصر إرهابية بقطع الطريق أمام سيارة عسكرية أثناء مرورها في منطقة آل شبوان بمديرية الوادي في مأرب وهو ما أدى إلى استشهاد أحد الجنود الذين كانوا على متنها وإصابة 3 آخرين". وتحدث عن اشتباك بين الجانبين تم فيه استعادة سيارة منهوبة وإصابة عدد لم يحددهم من عناصر القاعدة.

وقبل العمليات الأمنية الأخيرة والتي بدأت قبل أسبوعين، وجه التنظيم ضربة مؤلمة للأجهزة الأمنية في محافظة حضرموت، واستهدفت أهم القيادات الأمنية في المحافظة وهم مدير عام أمن وادي حضرموت علي سالم العامري ومدير الأمن السياسي بسيئون أحمد باوزير ونائب مدير أمن القطن، وقد أعلن عن مقتل هؤلاء واثنين من مرافقيهم لدى طريق عودتهم من زيارة موقع حدودي مع السعودية.

وقال تنظيم القاعدة في بيان له بداية نوفمبر الماضي أن عملية حضرموت تأتي "نصرا لإخواننا الأسرى في سجون حضرموت وصنعاء وغيرها وانتقاما من كل من تسول له نفسه النيل من المجاهدين"..

على أن العمليات الامنية الأخيرة والمستمرة ضد عناصر القاعدة، هي الحدث الأهم الذي يختتم عام 2009م، ومن المتوقع أن تثير هذه الضربات الأمنية المتواصلة منذ نحو أسبوعين ردة فعل قوية من جانب عناصر وخلايا القاعدة. ولهذا فان التوقعات تذهب نحو التأكيد على أن عام 2010م سيكون بمثابة عام المواجهات المفتوحة على كافة الاحتمالات بين اليمن والقاعدة.

زر الذهاب إلى الأعلى