[esi views ttl="1"]
arpo28

ضبابية تلف مشهد الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين

فرض تجدد العنف والاشتباكات المسلحة في مناطق متفرقة من مديرية حرف سفيان بعمران وصعدة شمالي اليمن مخاوف متصاعدة في الأوساط اليمنية كافة، من اندلاع وشيك لشرارة حرب سابعة بين القوات الحكومية اليمنية وجماعة الحوثي .

التصعيد الطارئ للأوضاع الأمنية في مديرية حرف سفيان وصعدة باتجاه الحرب توج أول أمس الاثنين، بتسجيل التطور الأخطر في مشهد ما بعد انتهاء الحرب السادسة، المتمثل في استيلاء مجاميع مسلحة من الحوثيين على موقع “الزعلاء” العسكري، بمنطقة اللبداء بحرف سفيان، بعد معارك ضارية استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بين الحوثيين ومسلحين من أتباع الشيخ عزيز بن صغير، النائب في البرلمان وأحد ابرز الوجاهات القبلية بصعدة، قبيل أن ينقل الأخير على متن مروحية بعد إصابته بشظايا خلال المواجهات إلى أحد المستشفيات الحكومية بصنعاء، وينقل الحوثيون ما يزيد على 200 من الجنود إلى مواقع خلفية كأسرى بعد مصرع ما يقدر بـ22 منهم، لتشهد الساعات اللاحقة في سابقة هي الأولى منذ توقيع اتفاقية التسوية الأخيرة للحرب السادسة قبل خمسة أشهر، تنفيذ طائرات حربية تابعة لسلاح الجو اليمني غارات استهدفت مواقع تمركز أتباع الحوثي في ثلاث مناطق بحرف سفيان، الأمر الذي مثل خرقاً متكافئاً لاتفاقية التسوية .

“الخليج” واكبت التطورات الدراماتيكية الطارئة على مشهد الصراع بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين من خلال محاولة استقصاء حقيقة أي تداعيات مباغتة قد تسفر عن دخول اليمن في أتون حرب أهلية سابعة وقراءة مفردات الأحداث الساخنة والدامية في البلاد .

وأضفى انفجار الأوضاع مجدداً في حرف سفيان وبعض المناطق الشرقية بصعدة، الذي تزامن مع إغلاق الطريق الرئيس الرابط بين المنطقتين عقب مرور ما يزيد على خمسة أشهر من التهدئة النسبية للأحداث في جبهات القتال التي شهدتها الحرب السادسة، وترحيب طرفي الصراع باستئناف الدوحة لمساعي وساطتها بعد فترة تعليق قسري استمرت عامين، المزيد من الغموض والضبابية حول حقيقة المسافة التي يقف عندها كل طرف من التصعيد المنتظم للأوضاع، ومدى موضوعية الشكوك التي أثيرت عقب اندلاع الحرب السادسة، حول وجود أطراف محلية وإقليمية تسهم في إذكاء جذوة القتال لاعتبارات الربح والخسارة .

وسارع الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام إلى اتهام الحكومة بالوقوف وراء ما وصفه ب “محاولة لإشعال حرب أهلية في صعدة من خلال تأجيج التوتر القائم بين جماعة الحوثيين والقبائل التي شاركت في الحرب الأخيرة إلى جانب القوات الحكومية اليمنية” .

ونفى تواجد مجاميع مسلحة من جماعة الحوثي في موقع “الزعلاء” العسكري عقب استيلاء الجماعة على الموقع، بالقول “لقد اضطررنا للسيطرة على موقع الزعلاء التابع للجيش ليس بهدف الاستحواذ عليه فنحن لا نزال ملتزمين بالسلام والتهدئة، لكن لإنهاء سيطرة مجاميع قبلية على الموقع بعد قيامها بالاعتداء على عناصر الجماعة” .

وقال الناطق باسم الحوثيين إن ثمة قوى تعمل على استمرار الصراع في صعدة لتحقيق مكاسب مادية من خلال الاتجار بالسلاح، متهماً الحكومة بالرضوخ لضغوط هذه القوى التي لم يسمها .

من جهته، اعتبر حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم على لسان رئيس الدائرة الإعلامية طارق الشامي أحداث حرف سفيان الأخيرة بأنها جزء من خروقات دأب الحوثيون على ارتكابها منذ توقيعهم اتفاقية التسوية، مشيراً إلى أن الجماعة تنطلق في خروقاتها من أجندة تستهدف العبث باستقرار اليمن وخلق مناخات متفجرة طمعاً في تحقيق مكاسب على الأرض .

ورأى القيادي في الحزب الحاكم في حديث ل “الخليج” أن “ما حدث في حرف سفيان، تثبت عدم التزام الحوثي وأتباعه بخيار السلام، الأمر الذي يفتح المجال أمام الحكومة لاتخاذ أي تدابير أو إجراءات تتواءم وواجبها في حماية مواطنيها” .

واتهم النائب عثمان مجلي الذي يعد من ابرز مشايخ صعدة الحوثيين بافتعال التصعيد، من خلال استمرار انتهاكاتهم المسلحة لمظاهر الحياة العامة، معتبراً أن الحرب السادسة لم تتوقف كون الحوثيين يقومون بشكل مستمر بتنفيذ عمليات تصفية جسدية للشخصيات القبلية التي وقفت مع القوات الحكومية في الحرب الأخيرة .

من جهته قال عضو كتلة صعدة البرلمانية علي حسين جيلان: إن الأوضاع لا تزال محتقنة كون الحرب لم تتوقف نتيجة عدم التزام الحوثيين بتنفيذ أي بند من البنود الستة التي بموجبها أعلنت الحكومة وقف العمليات العسكرية، مستنكراً ما اعتبره “صمتاً حكومياً في مواجهة ممارسات القتل” .

أما الشيخ فائز العوجري وهو أحد الوجاهات البارزة في صعدة، فاتهم الحوثيين ب “الوقوف وراء افتعال المواجهات الأخيرة من خلال شن هجمات على مواقع قبلية محاذية لموقع الزعلاء العسكري، ومن ثم مهاجمة الموقع للحيلولة دون توجيه أي دعم عسكري للقبائل المعتدى عليها” . وأكد أن القبائل المناهضة للحوثيين بصعدة وحرف سفيان بصدد إنشاء تحالف واسع لمواجهة “عدوان الحوثي وأتباعه”، وشنهم هجوماً باستخدام الأسلحة التي نهبت من الجيش على الشيخ عزيز بن صغير وقبيلته، متوعداً الحوثيين برد عاجل وقاس .

وأكدت مصادر محلية في حرف سفيان ل “الخليج” أن الاشتباكات المسلحة بين أتباع الشيخ عزيز والحوثيين مستمرة وإن هدأت وتيرتها عقب تنفيذ أتباع الحوثي لانسحاب جزئي من موقع “الزعلاء العسكري”، بالتزامن مع تصعيد القصف الجوي على بعض مواقع تمركز الحوثيين، ما أجبرهم على التراجع، منوهة بأن ما يزيد على 54 من الحوثيين وأتباع ابن صغير قتلوا خلال المواجهات الأخيرة .

التداعيات المحتملة لتفجر جبهة حرف سفيان مجدداً عقب اشتباكات الاثنين التي تعد الأعنف منذ إعلان وقف إطلاق النار في أبريل الماضي، وإن رجحت إمكانية توسع نطاق الاشتباكات وصولاً إلى اندلاع حرب سابعة وشيكة قد تتجاوز حدودها صعدة وحرف سفيان إلى مدن مجاورة، إلا أن ثمة تحذيرات متصاعدة من مخاطر ما ينتظر اليمن وراء أكمة انهيار اتفاقية التسوية الأخيرة للصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين .

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد عبد العزيز ناصر الرميم الذي صدر له كتاب مؤخراً بعنوان “الصراعات الداخلية في اليمن . . البيئة القبلية وتعقيداتها” إن الأوضاع تتصاعد باتجاه حرب سابعة، فالتطور الأخير المتمثل في تجدد الاشتباكات بشكل موسع في حرف سفيان كشف عن نوايا مغايرة لدى طرفي الصراع إزاء الرغبة المعلنة في إغلاق ملف الصراع .

ويضيف ل “الخليج” “ما زال الحوثيون يحتفظون بحضورهم في منطقة حرف سفيان التي تقع على مشارف العاصمة صنعاء كونها جزءاً من محافظة عمران، والمعارك الأخيرة أكدت أنهم لا يزالون يمتلكون الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي تمكنوا بواسطتها من حسم المواجهات خلال ساعات والاستيلاء على موقع عسكري يفترض أنه محصن بما يكفي للصمود أمام أي هجوم مباغت” .

ويشير الرميم إلى أن “ما حدث يكشف ربما عن انتهاج الحكومة أسلوب تخويل قبائل موالية خوض حرب بالوكالة ضد الحوثيين، ما يمكن استنتاجه من بطء التدخل العسكري للتصدي لهجوم أتباع الحوثي إلى ما بعد سقوط موقع عسكري واحتجاز أسرى من الجنود” .

ويستبعد الخبير اليمني تورط أطراف إقليمية في إذكاء جذوة الصراع من خلال تحريض الطرفين على الدخول في حرب سابعة، موضحاً قراءته لحيثيات التصعيد المنتظم للأوضاع الأمنية في صعدة وحرف سفيان بالقول “لا أعتقد أن هناك أصابع غير يمنية تقف وراء تحريك لعبة الحرب القائمة في صعدة وحرف سفيان، في الغالب ما يحدث ربما يكون محاولة من الطرفين الحكومة والحوثيين على السواء لاستحداث أوضاع جديدة على الأرض بغرض الحصول على مكاسب قبيل استئناف قطر مساعي وساطتها، تكون بمثابة أوراق إضافية في المفاوضات التي ستعقد للتوصل إلى تسوية دائمة” .

زر الذهاب إلى الأعلى