[esi views ttl="1"]
arpo28

هل ينذر انقسام قبائل بكيل في اليمن بانهيار الدولة؟

انتهى المؤتمر الذي عقدته قبائل بكيل في منطقة الجوف، والذي حضره حوالي سبعة آلاف مندوب، بتغيير شيخ مشائخ بكيل.

انتخب المؤتمرون الشيخ أمين العكيمي شيخا جديد لمشائخ قبائل بكيل، وهو ما رفضه الشيخ السابق ناجي عبد العزيز الشايف، الذي صرح ابنه محمد الشايف عضو البرلمان اليمني، بأنهم لا يعترفون بهذا المؤتمر، مضيفا لصحيفة الشرق الأوسط إن أطرافا "معروفة ومأجورة وشاذة ضد الوطن تقف وراء انعقاده".

بكيل برأسين
كان الهدف من انعقاد المؤتمر هو توحيد قبائل بكيل المنتشرة على رقعة واسعة من التراب اليمني، والتي كانت أرض بعض قبائلها مسرحا للمعارك بين تنظيم القاعدة والقوات اليمنية، وأيضا بين الحوثيين والجيش اليمني، ويبدو أن بعض قبائل بكيل اختارت وفقا لمصالحها الانحياز لهذا الطرف ضد الدولة، عكس توجه العدد الأكبر من قبائلها الموالي للدولة، ولم يتمكن المؤتمر الذي استمر ستة أيام من تجسير فجوة الخلاف بين أبناء القبيلة الواحدة، ويبدو أن الاختلاف حول الموقف من تنظيم القاعدة هو الذي أدى أخيرا لهذا الانقسام، لذلك ندد الشيخ الجديد بتنظيم القاعدة قائلا إنه "ضد كل من يسعى إلى العنف والدمار في البلاد". مؤكدا أن المؤتمر لا تقف وراءه ولم تموله أطراف خارجية، ولكن البيان الختامي للمؤتمر الذي لم يذكر فيه أي إشارة لتنظيم القاعدة في اليمن يدل على حجم الخلاف حول هذا التنظيم.
وردا على نتائج هذا المؤتمر عقد الشيخ ناجي عبد العزيز الشايف اجتماعا لأنصاره في العاصمة صنعاء، ندد فيه بنتائج المؤتمر، كما انتقد الدولة التي سمحت بانعقاد هذا المؤتمر، والتي "سمحت للحرية المطلقة التي تؤدي إلى الفوضى". وقال الشايف إنه سيدعو لمؤتمر لجميع القبائل اليمنية في محافظة عمران، بالاشتراك مع شيخ مشايخ حاشد الشيخ صادق الأحمر.
يذكر أن القبيلتين حاشد وبكيل هما أكبر القبائل اليمنية، وهما ينحدران من قبيلة همدان الكبرى، إلا أن قبيلة حاشد الاكبر في اليمن والتي ينحدر منها الرئيس صالح، هيمنت على مفاصل الدولة منذ زمن بعيد، وجاءت التطورات المتوالية والتي تهدد استقرار اليمن ووحدته، لتجعل كل قبيلة تختار مصلحتها بعيدا عن مصالح الدولة المركزية المترنحة، كما أن أحد أسباب استبعاد الشيخ الشايف يعود وفقا لمنتقديه إلى سماحه بالنفوذ المتعاظم لقبائل حاشد على حساب قبائل بكيل، التي تفوقها عددا.

حاشد استولت على كل شيء

على خلاف جنوب اليمن الذي ضمرت فيه القبيلة سواء في عهد الانتداب البريطاني، أو خلال الحكم الماركسي الشمولي، فإن القبلية تنافس الدولة في شمال اليمن، وخاصة في المنطقة شمال العاصمة صنعاء، أما المنطقة الوسطى حيث توجد محافظات تعز، إب، والحديدية فيوجد تنظيم اجتماعي حديث، حيث تلعب الطبقة الوسطى الدور الأهم، وفي هذه المنطقة يوجد أكبر عدد من المتعلمين من البلاد، وأيضا أغنى التجار، وهي المنطقة التي منحت اليمن أهم مثقفيه وفنانيه، وعلى خلاف معظم بلدان العالم، حيث تتولى الطبقة الوسطى مقاليد الأمور في البلاد، فإن القبائل هي من يمسك مقاليد الأمور في اليمن، وخاصة قبيلة حاشد التي يتزعمها بيت الأحمر الذي ينتمي له الرئيس صالح، والذين عادة ما يفضلون الدخول إلى السلك العسكري مبكرا على استكمال تعليمهم.

وفي حديث مع إذاعتنا قال الصحفي والكاتب اليمني الدكتور محمد حاتم القاضي، إن تنظيم القاعدة لا يمثل هما لهؤلاء الشيوخ، ولا يمثل هما في المراحل السابقة حتى للحكومة اليمنية، بل ثمة هموم أخرى لهذه القبائل ويضيف قائلا: "أهمها الصراع داخل القبيلة للحصول على منافع أكبر، وعلى مكاسب أخرى يمكن أن تتحق من خلال هذه الاجتماعات القبلية، فقبيلة بكيل هي ثاني أكبر قبيلة بعد حاشد، ويرى بعض شيوخ بكيل أن حاشد استولت على كل شيء، بما في ذلك السلطة والثروة، ولذلك فهم يحاولون تجميع قواهم من خلال هذه الاجتماعات، وذلك للبحث عن أدوار أخرى".
ينفي الدكتور القاضي أن تكون كل القبائل على وفاق مع تنظيم القاعدة، ولكن من بين أهم الأسباب التي تجعل هذه القبائل حاضنة طبيعية، هو نجاح القاعدة في تجنيد أبناء القبائل، وخاصة في مناطق مآرب، الجوف، وشبوة، ويضيف القاضي قائلا: "وهكذا تمكن أفراد القاعدة من الحصول على حماية هذه القبائل، ليس لكونهم أعضاء في تنظيم القاعدة، وإنما كما يؤكد العرف القبلي هم أشخاص لجئوا إلى هذه القبائل للحصول على الدعم والحماية، ولكن ليس هناك قبيلة يمنية تعلن صراحة أنها تأوي رجال القاعدة وتحميهم".

عواقب انهيار اليمن

يؤكد القاضي أن الطبقة الوسطى والمثقفة التي تنتمي للمنطقة الوسطى لا تحظى بأهمية داخل تكوين الدولة، ويعتبرون فقط موظفين لدى هؤلاء المشايخ الذين يتمتعون بنفوذ واسع، ولا يحاسبون على أفعالهم. يذكر أن الشيخ ناجي عبد العزيز الشايف، قد أطلق النار عام 1994 على رئيس الوزراء بالانابة، الدكتور حسن مكي، فأصابه بجراح وقتل عددا من حراسه، ولم يلحق الشايف أي أذى، بل أنه أصدر بيانا جاء فيه أنه لم يكن يقصد قتل رئيس الوزراء وإنما فقط أسره، وبتدخل من الرئيس قدم الشايف اعتذارا لرئيس الوزراء على الطريقة القبلية، أي أنه أمر بنحر ثور على عتبة بيت رئيس الوزراء بالانابة، وهذا المثال يبين الفارق بين نفوذ المشايخ والمتعلمين القادمين من المنطقة الوسطى.
يقول القاضي أنهم يشعرون بالقلق على الدولة المركزية بالرغم من تركيبتها القبلية السيئة، وقال إنهم كانوا كصحفيين يكتبون ويحذرون خلال السنوات الماضية من أن الوضع يزداد قتامة يوما بعد يوم، وكانت الحكومة ترد على أن هؤلاء يلبسون نظارات سوداء، أو أنهم حاقدون وموتورون ومشككون، وهي صفات يوصف بها كل من ينادي بالإصلاح في اليمن، ويضيف القاضي قائلا:
"الآن أصبح الوضع في اليمن خطيرا جدا، فهناك تمرد في الشمال استمر لأكثر من خمس سنوات، وهناك حركة احتجاجية تطورت من مطالب حقوقية إلى دعوة للانفصال في الجنوب، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة، والوضع الاقتصادي البائس، وهناك ضغوط كبيرة تمارس على الحكومة من الولايات المتحدة والغرب، خاصة بعد حادثة الطردين المشبوهين، والآن أصبح الطائرات اليمنية لا تطير إلى المطارات الأوروبية، وحظر على الطرود القادمة من اليمن، وبالتالي فهناك وضع أشبه بحصار اقتصادي تعيشه اليمن في المرحلة الراهنة".
ومع ذلك يستبعد القاضي انهيار الدولة وتقسيم اليمن، وإذا حدث ذلك فستكون كارثة على المنطقة برمتها، وليس من مصلحة أي أحد سواء كانت السعودية ودول الخليج، أو حتى الولايات المتحدة والغرب، أن يصل اليمن إلى هذا الوضع، ويعتقد القاضي أن هناك حرصا من الدول الغربية من أن انهيار الوضع في اليمن سيخلق بؤرة خطيرة جدا، خاصة وأن اليمن يطل على موقع استراتيجي تمر عبره ناقلات النفط.

زر الذهاب إلى الأعلى