[esi views ttl="1"]
arpo14

اليمن يصارع للحفاظ على قيمة عملته

أزمة سعر الصرف - الريال اليمني أمام العملات الأجنبية

يسعى اليمن البلد العربي الفقير جاهدا للحفاظ على قيمة عملته بينما ينهل من احتياطياته النقدية لمكافحة حركات تمرد وصد هجمات القاعدة والقضاء على الفقر بهدف صيانة النظام الاجتماعي

وأنفق البنك المركزي اليمني 1.6 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يعادل ربع احتياطياته النقدية حاليا، لرفع قيمة الريال من مستوياته المنخفضة القياسية وللمساعدة في تمويل واردات السلع الأساسية. وقال وكيل البنك المركزي اليمني ابراهيم النهاري إن البنك لن يسمح بتحركات إضافية في قيمة العملة يشعر انها غير مبررة من الناحية الاقتصادية.

وبينما يوشك اليمن على التحول إلى بلد يواجه أوضاعا هشة يعتقد محللون أنه سيكون من الأصعب هذا العام الحفاظ على استقرار عملته في مواجهة تداعي الثقة. وبينما ينظر الزعماء العرب بترقب لما يحدث في تونس حيث وضعت اضطرابات غذاها الفقر نهاية لحكم الرئيس زين العابدين بن علي فقد تثير أي أخبار اقتصادية سيئة متاعب لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح الذي يحكم اليمن منذ السبعينات. ويقول المحلل السياسي عبد الغني الارياني: "هناك احتمالات بوقوع كافة أشكال الطواريء التي قد تؤدي إلى المزيد من الضغوط على سعر الصرف. في ضوء حقيقة استمرار تراجع انتاج النفط، ستحدث عاجلا أو اجلا أزمة أخرى في سعر الصرف سيتوجب عليهم التعامل معها".

وبعد هبوط الريال 17 في المئة إلى مستوى منخفض قياسي بلغ 250 ريالا للدولار العام الماضي رفع صانعو السياسة الذين عقدوا العزم على وقف تراجع الريال سعر الفائدة الرئيسي إلى 20 في المئة من 12 في المئة دفعة واحدة وباعوا الدولارات وقلصوا تدفقات العملة إلى الخارج. وساعد هذا إلى جانب ارتفاع أسعار النفط في ارتفاع سعر صرف الريال إلى نحو 214 ريالا للدولار الأمر الذي خفف الضغوط التضخمية المرتبطة بعوامل خارجية.

ومع ذلك يحوم معدل التضخم في أفقر دولة في العالم العربي حول 12 في المئة تقريبا بينما يصل معدل البطالة إلى 35 في المئة. وأكثر من 40 في المئة من السكان البالغ عددهم 23 مليونا يعيشون على أقل من دولارين في اليوم وهو ما يجعل الجوع واقعا شائعا للكثيرين. ويسعر تجار التجزئة في صنعاء البضائع الأغلى ثمنا بالدولار ليحموا أنفسهم من التقلبات المفاجئة في العملة وإن كانوا لا يرفضون الدفع بالريال.

وأضحى الارتفاع العالمي في أسعار الغذاء مبعثا لقلق متزايد. وقال رئيس تحرير صحيفة "الاقتصاد اليوم" الاسبوعية عبد الكريم سلام إنه اذا استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع فسيقود هذا إلى مخاطر كبيرة على السلم الاجتماعي والاستقرار في البلاد. وكانت الاحتجاجات الواسعة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وارتفاع البطالة العامل الرئيسي في الاطاحة بالرئيس التونسي الاسبوع الماضي وشهدت الجزائر احتجاجات مماثلة، وخفضت ليبيا الضرائب على الغذاء وطبقت الكويت اجراءات هذا الاسبوع لدعم تكاليف الغذاء من اجل مواطنيها. وقال علي محمد ناصر وهو صاحب مخبز في صنعاء: "تعين علينا رفع الأسعار مرارا ما أدى إلى انصراف الزبائن. أحيانا لا نحقق أرباحا لاننا نبيع بأسعار منخفضة لتشجيع الزبائن". و في سياق متصل اضطرت الحكومة اليمنية إلى انفاق المزيد لدعم العملة والاقتصاد في وقت تحتاج فيه إلى تحسين أوضاعها المالية الأمر الذي يجردها من الذخيرة التي قد تحتاج اليها لتجنب أزمة عملة جديدة.

يقول كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي جون اسفاكياناكيس: "حتى لو تجاوزت أسعار النفط 100 دولار للبرميل هناك احتمال بان يستنزفوا أصولهم الأجنبية. بدون تدخل قد تنزلق العملة إلى دوامة هبوط". وصرح وكيل البنك المركزي اليمني ابراهيم النهاري بان البنك لن يسمح بتحرك أسعار الصرف مادامت لا توجد مبررات اقتصادية وانه ينسق مع وزارة المالية للتغلب على عجز الميزانية. وأضاف أن احتياطيات اليمن من العملة الأجنبية بلغت 5.9 مليار دولار الشهر الماضي انخفاضا من 7.1 مليار في نهاية العام 2009 لكن بعض المحللين يشككون في هذا الرقم ويقولون انه قد يكون أقل كثيرا.

ومع صعوبة دخول أسواق الديون العالمية لا يبقى لدى الحكومة إلا خيارات قليلة لسد عجز الموازنة الذي يقدر بنحو 1.5 مليار دولار تنحصر إما في الاستدانة من البنك المركزي أو طلب أموال من المانحين. وتعتزم الحكومة التي تعتمد على عائدات النفط في 60 في المئة من ايراداتها بيع صكوك اسلامية بقيمة 500 مليون دولار هذا العام لكن قليلين يعتقدون ان بامكان الاصدار ان يكلل بالنجاح. وحتى الآن لم يحصل اليمن الا على النذر اليسير من 4.7 مليار دولار تعهد المانحون بتقديمها خلال مؤتمر العام 2006.

علاوة على ذلك قال صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع أن يبلغ عجز الميزانية خمسة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي هذه السنة، انه لا يعتزم تقديم قروض جديدة لليمن بعد الموافقة على قرض قيمته 370 مليون دولار في آب (أغسطس). وفي اطار الاصلاحات الاقتصادية بدأ اليمن خفض دعم الوقود وهو عبء رئيسي على المالية العامة لكن يتعين عليه القيام بذلك تدريجيا لتحاشي اثارة السخط العام. وكانت خطوات سابقة لزيادة أسعار الوقود قد أشعلت أعمال شغب. ولا يزال التزام الحكومة بتحسين الأوضاع المالية محل شك بعد أن أعلنت هذا الأسبوع أنها ستخفض ضريبة الدخل على الموظفين إلى 15 في المئة من 20 في المئة. ويد اليمن مكبلة بين مطرقة الانفاق للحفاظ على رضا المواطنين وسندان الحاجة إلى ترشيد هذا الانفاق للمحافظة على الأموال العامة. ويقول محمد الميتمي استاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء "العملة اليمنية في وضع هش لللغاية. بالنظر إلى احتياطيات البنك المركزي والعجز في الميزانية، لا أعرف إلى متى سيكون بمقدورهم الصمود أمام ضعف آخر في العملة".

زر الذهاب إلى الأعلى