[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الأمن والاستقرار.. بوصلة التحول المفاجئ للمواقف الأمريكية والخليجية من اليمن

نفد صبر واشنطن تجاه الاوضاع في اليمن. وجاء التحول المفاجئ في الموقف الأمريكي من النظام اليمني بعد تساؤلات كثيرة عن أسباب التأخير في صدور مثل هذا الموقف بالرغم من وضوحه في الحالة المصرية مع ما كان يربط النظام المصري من تحالف وثيق مع الادارة الأمريكية.

كذلك، ارتبط النظام اليمني بتحالف أوثق مع واشنطن في ملف الحرب على ما يسمى الارهاب، لكنه أظهر خلال السنوات الأخيرة حالات صد وممانعة ومراوغة أزعجت المسؤولين الأمريكيين، الأمر الذي استنتجه البعض مبررا كافيا لسعي واشنطن على الاطاحة به في أقرب فرصة ممكنة.

ومع وضوح هذا المسعى في تصريحات المسؤولين الأمريكيين خلال الاسبوع الماضي فقط. الا أن ذلك لم يمنع مسؤولين آخرين من القول أن "القصة ضخمت" وأنهم لم يصلوا إلى حد القول بأن واشنطن تريد تنحي صالح بشكل فوري. مؤكدين أنهم أوضحوا ان الولايات المتحدة تريد من الرئيس صالح تقبل انتقالا للسلطة يؤدي في نهاية الامر إلى رحيله.

وسئل متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عما اذا كانت الولايات المتحدة ترى ضرورة تنحي الرئيس صالح، فقال للصحفيين"هذا ليس بالضرورة قرارا نتخذه نحن".

وتصاعد الموقف الأمريكي ازاء النظام اليمني مع تصاعد قمعه للاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله خلال الاسبوع الماضي، حيث صرح مسؤولون أمريكيون بان الحكومة الأمريكية تحاول زيادة الضغط على الرئيس صالح للتوصل لاتفاق مع المعارضة يؤدي في نهاية الامر إلى تسليمه السلطة.

وقال مسؤولون أمريكيون ان اعمال العنف التي وصفتها وزارة الخارجية الأمريكية بانها"مروعة" تثبت ان التوصل إلى نوع ما من الحل السياسي اصبح امرا حتميا.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أمريكيين ويمنيين ان الولايات المتحدة خلصت إلى انه ليس من المحتمل ان يطبق الرئيس صالح الاصلاحات المطلوبة منه وعليه ان يتنحي. وأكدت الصحيفة الأمريكية ان ادارة الرئيس باراك أوباما كانت تساند صالح ولكنها بدأت في تغيير موقفها خلال الايام الماضية.

وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين ابلغوا حلفاء لواشنطن وبعض الصحفيين انهم يرون الآن ان استمرار صالح في السلطة امر لا يمكن الدفاع عنه وانهم يعتقدون انه عليه التنحي.

وأشارت المصادر إلى ان الدور الأمريكي بدأ بقوة السعي لإيجاد حل سلمي لأزمة انتقال السلطة وأن النقاش يدور حول بعض النقاط منها تحديد موعد تنازل الرئيس عن السلطة.

وبحسب المصادر الأمريكية، فان توقيت انتقال السلطة في اليمن أمر حساس لأن الهدف منه تجنب دخول البلاد في ظروف تزيد من اضطراب الوضع الداخلي أو تعطيل جهود صنعاء في مكافحة الإرهاب، وهي المخاوف التي تثير قلق واشنطن على الدوام ويتحدد موقفها مع أي طرف من الاطراف على أساس هذه الاعتبارات القومية.

وزاد قلق واشنطن مع تطورات الاسبوع الماضي الأمنية، فقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني " لقد تابعنا تقارير بشأن المزيد من العنف وهذا محل قلق وكنا واضحين للغاية ازاء ارائنا بشأن الحاجة لعدم لجوء كل الاطراف إلى العنف وان تكون هناك عملية مفتوحة تستجيب للاحتياجات والتطلعات الشرعية للشعب اليمني ".

ووصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر جرائم الاعتداء على المتظاهرين في تعز والحديدة بالمروعة، فيما ندد جيف موريل السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية بتلك الجرائم. وقال "من الواضح ان الموقف الآن عصيب وكلما استمر على هذا النحو صار اكثر صعوبة". مؤكدا أن "ذلك هو السبب الذي دفع الحكومة الأمريكية إلى المطالبة بانتقال السلطة من خلال التفاوض بأسرع ما يمكن".

(مخاوف أمريكية وخليجية مشتركة)
ويبدو واضحا أن ما تخشاه الولايات المتحدة من اليمن هو نفس ما تخشاه السعودية ودول الخليج الأخرى، ولو بنسب متفاوتة، وهو انزلاق البلد إلى مزيد من الفوضى والانقسامات وبالتالي استغلال جماعات معادية كالقاعدة لهذه الارضية وشن الهجمات على السعودية والمصالح الأمريكية.

ويوم الجمعة، رحبت الولايات المتحدة بالجهود الخليجية لمعالجة الوضع في اليمن. وحث المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر جميع الاطراف للمشاركة في المبادرة الخليجية كي يكتب لها النجاح.

وجاء ذلك بعد الجولة التي قام بها وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إلى المنطقة وشملت في أهم محطاتها الرياض، حيث توقعت المصادر ان تكون محادثات غيتس في الرياض تركزت حول الوضع في اليمن وحول إيران التي ينظر اليها اعضاء مجلس التعاون الخليجي وواشنطن على انها عامل مخل بالاستقرار في المنطقة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول اميركي رفيع تأكيده أن زيارة غيتس إلى الشرق الاوسط "ستعيد التاكيد على المقاربة المزدوجة للادارة الاميركية" ازاء موجة الاحتجاجات التي تعم العالم العربي.

وذكر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان هناك حاجة للاصلاح في العالم العربي ولكن "عبر عملية تطويرية وليس ثورية". واضاف "هناك توقيت معين للتغييرات، ولكل حالة ظروفها الخاصة، اذ ان الامر يختلف من بلد إلى اخر ويرتبط بما هو ممكن وواقعي في كل بلد".

وأفادت مصادر سياسية بأن المواقف الأمريكية الأخيرة تجاه ما يجري في اليمن قد أزعجت الرئيس صالح وأنه عبر عن هذا الانزعاج بدعوة سفيري روسيا والصين ولقائه بهما في مقر إقامته بدار الرئاسة. لكن انزعاجه الواضح والصريح كان تجاه قطر ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بعد تصريحات الاخير في نيويورك والتي أعرب فيها عن أمله في "ابرام اتفاق مع الرئيس اليمني كي يتنحى".

وفي خطابه بميدان السبعين، هاجم رئيس الجمهورية ما اعتبره التدخل القطري في شؤون اليمن. وقال انه لا يكتسب شرعيته من قطر أو من قناة الجزيرة وغيرها وانه يرفض هذا التدخل. موضحا ان الاخرين يجب أن يحترموا مشاعر اليمنيين سواء كانوا أصدقاء أو أشقاء، وهو ما عنى للمتابعين الرفض التام للمبادرة الخليجية بشأن اليمن خصوصا بعدما تم الكشف عن مضمونها في الاسبوع الماضي وتضمنت تنحي الرئيس عن السلطة مع ضمان الاشقاء سلامته من الملاحقة القضائية ونقل صلاحياته لنائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وأثار ترحيب السلطة ومسؤولي الحكومة بالمبادرة الخليجية على مدى الأيام الماضية ارتياب المعارضة السياسية التي رحبت بأي جهود "ستحترم خيارات الشعب اليمني"، وهي احدى المفردات التي خرج بها اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي قبل الكشف عن مضمون المبادرة.

واستدراكا لخطابه في ميدان السبعين، أوضح مصدر مسؤول بمكتب رئاسة الجمهورية القول ان الرئيس جدد ترحيبه بالجهود والمساعي الخيرة التي يبذلها الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية لحل الازمة بين الاطراف اليمنية، ولكنه يرفض ما ورد في تصريح رئيس الوزراء القطري ويعتبرها تدخلا في الشأن اليمني لا يمكن قبوله.

واستغرب سياسيون تهجم النظام اليمني على رئيس وزراء قطر والذي لم تخرج تصريحاته عن إطار المبادرة الخليجية، واعتبروا ذلك نوعا من التخبط، وهو الامر الذي استغربه أيضا رئيس الوزراء القطري في تصريحاته لقناة الجزيرة، مؤكدا ان المبادرة خليجية وليست قطرية، فيما لم يمانع من استبعاد قطر منها اذا كان ذلك سيحل مشكلة اليمن، حسب قوله.

ونفى الشيخ حمد بن جبر آل ثاني تدخل قطر في شؤون اليمن، مؤكدا أن بلاده جزء من دول مجلس التعاون الخليجي وأن المبادرة الخليجية جاءت بطلب من اليمن. وركزت التحليلات الصحفية والسياسية على الدور السعودي في الوساطة الخليجية، وأكد محللون بأن السعودية ستلعب دورا رئيسيا في تحديد مصير نظام الرئيس علي عبد الله صالح وعملية انتقال السلطة في اليمن.

وأرجع الكثير منهم السبب في ذلك إلى حاجة المملكة للهدوء والاستقرار في خاصرتها الجنوبية خاصة بعد ان استنفد النظام اليمني الحالي على ما يبدو وسائله لتحقيق هذا المطلب، بل وتحول أيضا إلى جزء من المشكلة لبلاده وللآخرين.

وتولى محللون سعوديون التعبير عن هذا التوجه مؤخرا. ففي هذا السياق، قال المحلل السياسي السعودي المقرب من صناع القرار، جمال خاشقجي، أن غاية ما تسعى اليه المملكة هو الاستقرار في اليمن ولا يمكن تحقيق ذلك الا بتنحي صالح وبدء عملية دستورية مشابهة لتلك التي تحدث في مصر.

وأوضح محلل سعودي آخر هو عمر الزبيدي أن أمن المنطقة بالنسبة للرياض أهم من علاقتها الوثيقة بالرئيس صالح، مؤكدا ان بلاده ترغب في تشكيل حكومة مركزية قوية في اليمن وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة بعكس ما تذهب اليه بعض التحليلات السياسية المعارضة في اليمن.

وجاء في افتتاحية صحيفة "الجزيرة السعودية" الاسبوع الماضي أن "السعوديين والخليجيين ليس لهم مصلحة في اقتتال اليمنيين، بل إن مصلحتهم في أن يبقى اليمن موحدا مستقرا خاليا من القلاقل، وليس ساحة لتصفية حسابات الآخرين".

وشددت التصريحات الخليجية على ان أي جهد سيبذل في هذا الاتجاه لن يبتعد عن مسألة الحرص على كل ما من شأنه الاسهام في الحفاظ على أمن اليمن واستقراره وسلمه الأهلي ووحدته الإقليمية.

وزاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي القول ان "هذه الجهود لن تكون بأي حال من الأحوال بديلة عن ما يراه الشعب اليمني الشقيق بكافة مكوناته".

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى