[esi views ttl="1"]
arpo28

كتاب تحالف القبيلة والإخوان: تفجير المسجد حدّ من الثورة

يعيدنا كتاب "اليمن تحالف القبيلة والإخوان" لأحمد عبدالله الصوفي1 إلى صبيحة الجمعة 3/ 6 / 2011، حين حصل انفجار في مسجد دار الرئاسة في اليمن فأصاب الرئيس علي عبدالله صالح اصابات بالغة وحروق وأدى إلى مقتل عدد من الوزراء والشخصيات السياسية والعسكريين وأدّى إلى تنحي صالح بعد إبلاله وعودته من السعودية. ويرتّب الاجزاء الأصلية من حطام ذلك اليوم بطريقة علمية وبالعودة إلى الوثائق والمحاضر التي دونت دقائق ذلك اليوم.

يشير الصوفي إلى أن خطة اغتيال صالح لم يجرِ التكتم عليها، اذ اوردت الصحافة العالمية تفاصيل لقاء مقتضب ضم وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وقادة المعارضة اليمنية في مقر السفارة، وسألتهم بعدما تجشمت عناء السفر: هل لديكم قائد بديل من صالح؟

ان قرار تصفية صالح اتخذه قادة التجمع اليمني للاصلاح (الاخوان المسلمون) وجميع المخططين والمنفذين ينتمون اليه، ويفترض الصوفي ان الولايات المتحدة الاميركية تأكدت من مصادرها وهي قريبة من علي محسن وحميد الأحمر، وما قول السفير الاميركي في اليمن لصالح "خذ حذرك" الا من باب رفع العتب، ذلك ان التنسيق الامني بين أجهزة البلدين على أعلى مستوى. ويلفت إلى ان المخابرات الأميركية ارسلت رسالة مشفرة إلى "الموساد" الاسرائيلي قبل يوم واحد حددت فيها أن صالح سوف يقتل اليوم. ثم حذره جون رينان (السفير الأميركي) مجدداً قبل عودته من السعودية إلى اليمن. ويقول إن خروج الاخوان عن السيناريو المتفق عليه مع اميركا "غير ممكن سواء في ما يتعلق بالتخطيط والتنفيذ". ويحذر من خطر الاخوان في مفاصل الدولة والجيش، حيث لا الوطن ولا القبيلة يمكنهما العيش مع وجود خطر كهذا.

من حاول اغتيال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتفجير مسجد دار الرئاسة؟
ترد في الاعترافات اسماء مشايخ وقادة من التجمع اليمني للإصلاح "الاخوان المسلمين" الذين افتوا بأن لا طريق للتخلص من صالح غير تصفيته وقتله، ومنهم حميد الأحمر – يملك شركة سبأفون – وعلي محسن وفضل صالح ذيبان، الذي سلم ظهر الاربعاء 1/ 6/ 2011 العبوات التي استخدمت إلى عبدالله سعد الطعامي وهو نقيب من عناصر الحراسة، الذي تكفل بادخالها إلى دار الرئاسة، كما أمن اجهزة تلفون نوكيا
وارقام خاصة من شركة "سبأ فون" غير مرخص لها بهدف الابلاغ عن مواعيد اقامة الصلاة في جامع دار الرئاسة. وتشير المعلومات إلى أن ذيبان لم يفارق ميدان السبعين منذ صباح الجمعة ليشرف عبر التواصل التلفوني مع خليته داخل دار الرئاسة ليس فقط للتأكد من وجود الرئيس داخل الجامع – كونها مسلّمة اسبوعية لم تتغير خلال فترة الأزمة – بل والتواصل مع القيادات العليا التي تتولى متابعة التنفيذ بشكل دقيق، وخاصة تأكيد إقامة الصلاة.

وكان ذيبان عملياً القائد الميداني المباشر لكل المجاميع والخلايا المزروعة داخل دار الرئاسة، وهو من دربها على أنواع المتفجرات وكيفية استخدامها.
أما الشخصية الثانية دوراً وأهمية فهو الدكتور لبيب مدهش، فابراهيم الحمادي، ثم محمد علوان.

لعب الشاب محمد حزام الغادر دوراً مركزياً في انجاح المخطط الاجرامي، فقد كان يجاهر بتعاطفه مع أولاد الأحمر وكان كثير الحركة داخل اللواء الثالث حرس جمهوري، ونجح في استقطاب العديد من الافراد وتكوين خلية يقودها محمد علوان، وكانت هذه الخلية تهتم بتنفيذ مهمة تعطيل الاسلحة حين يتقرر الزحف على دار الرئاسة.
وغادر تسلم المتفجرات، عند باب جامع الرئاسة ليضعها في الاماكن التي حددها خبير التدريب. وتولى محمد أحمد عمر وضع المتفجرات تحت خزانات الغاز’
فيما عصابة الغادر عمدت إلى تخريب الاسلحة بنزع إبر ضرب النار من الاسلحة في العنابر وأمنت الغاماً لتفجير مخزن التسليح، وتولى المهمة آية الله صالح الدحومة.

تاريخ الإخوان في الاغتيالات
تعد محاولة اغتيال صالح عام 2011 – نفذت من ضمن أربعة سيناريوهات وضعت – هي المحاولة الثانية التي نفذها الاخوان في اليمن بغية الانقلاب على السلطة، اذ سبق ان نفذوا اغتيال الامام يحيى عام 1948 للغاية نفسها، لكنهم اخفقوا آنذاك، كما الآن. وبعدما اخفقوا تبعثروا في العالم، ولم يعودوا إلا بعد ثورة 1962 ضد آل حميد الدين الذين قدموا اليهم الخبرات وربوهم على مثل هذه الممارسات. وبعدما نجحت ثورة الضباط على الملك فاروق في مصر نجح الضباط في اليمن بثورة مثيلة ضد آل حميد الدين وتسلموا السلطة.

يقول الصوفي: "إن الدين يؤدي دورا ليس تحريضياً فحسب، بل اساسياً في تبرير القتل وسفك دماء القيادة السياسية، فالذين خططوا لسفك دم صالح كانوا يعتمدون على الفتوى".

ويضيف: "لا يكفي القول إن علي محسن الأحمر وعبد المجيد الزنداني وحميد الأحمر يعدّون من الشركاء في الحكم، بل هم الحكام الحقيقيون من وراء علي عبدالله صالح وقرروا حين دبروا الاغتيال ازاحته ليس من السلطة فحسب، بل من الحياة".

ويوثّق المواكبة الاعلامية للحدث على لسان قادة وسياسيين وصحافيين وكتاب واحزاب، سواء في الصحف أو المواقع أو الاذاعات والمحطات التلفزيونية، "فالخداع والكذب والتضليل كان جزءاً من مخطط الجريمة، بل اتمام لها حتى لا يعرف الجناة خلف هذا الساتر الدعائي الذي يحجب الحقيقة ويطمس معالم الجريمة".

ويعطي مثالاً محطة "العربية" التي أول من اذاع نبأ فحواه ان الرئيس اليمني "لقي حتفه"، قبل ان تتأكد من ذلك. وكانت كلمة السر لتغطية الجريمة أنها "تصفيات داخلية بين افراد الأسرة الحاكمة"، لكن البعض رأى انها "من عمل الله"!

1 - 348 صفحة، رياض الرئيس للكتب والنشر

زر الذهاب إلى الأعلى