فيما يلي يقدم الخبير في النزاعات المسلحة تحليلاً لحادث التفجيرين والقصف لصنعاء بالصواريخ، على ضوء ما توفر من معلومات وبعد إعلان السلطات الرسمية في اليمن عن موقع الإطلاق:
لنطرح السؤال، المركب، التالي: هل يمكن أن تكون جماعة أنصار الله (الحوثيون) هي من يقف خلف الانفجارين الذين حدثا ليلة الأمس، واستهدفا شارع حدة (يقع فيه منزل الرئيس السابق) ومقر مجمع الدفاع؟ أم أن من يقف وراء ذلك، جماعة تأتمر بأمر الرئيس السابق؟
أولا، للعلم، إن هذه الصواريخ تطلق من على ظهر شاحنة خاصة مدولبة، بواسطة أسلاك تفجير على بعد أكثر من خمسين مترا، كما يمكن إطلاقها من منصات فردية سهلة الاستخدام والحمل، لمدى يصل إلى20كم، وهي قليلة الكلفة ذلك أن كلفة الصاروخ الواحد 8000 دولار، بل وقد يمكن الحصول عليها بأقل من ذلك من مصادر السوق الرمادية التي تختلف عن السوق السوداء، أي أنه يسهل شراؤه من قبل العصابات والجماعات المسلحة الثورية في كثير من الدول التي تشهد نزاعات مسلحة داخلية أو حروبا أهلية.
وللإجابة على ما سبق من أسئلة، فإنه من الصعب القول: إن جماعة تأتمر بأمر الرئيس السابق، علي صالح، هي من يقف وراء تلك الواقعتين، فيما لو كان استُخدم صاروخ في الانفجار الذي حدث بالقريب من مسكنة؛ إذا لا يمكن أن يعرض الرجل نفسه للخطر في حال حدوث خطأ في دقة التصويب أو استغل الأمر استغلالا مخيفا من قبل المتربصين به أو المنتهزين لفرصة كهذه، كما أن أسلوبا كهذا يعد مجازفة ثمينة مقابل حصوله على تعاطف شعبي يسير، جراء الهجمة الموجهة ضده بسبب مؤازرته للحوثيين الذين اقتحموا منطقة الخمري ودمروا منزل الشيخ عبدالله الأحمر، إلا أنه قد يكون ذلك التصور ممكنا في حال اتضح عدم وجود الرئيس السابق في ذلك المسكن، في تلك الليلة، أو في حالة الثبوت القطعي أن الانفجار الذي حدث في شارع حدة ناجم عن إسطوانة غاز على نحو ما نشره موقع وكالة "خبر" المقرب من الرئيس السابق نفسه.
وفق ثبوت محتوى السطور الأخيرة مما سبق، فإن الإشارة نحو صالح تكون ممكنة، فضلا عن ما قد يجلبه من تعزيز وتأييد جواب السؤال التالي: إلى أي اتجاه كان الصاروخ الثالث -الذي تحدث عنه المصدر المسئول باللجنة الأمنية العليا- سيطلق؟ هل كان باتجاه دار الرئاسة، أم باتجاه منزل الرئيس هادي؟ أم باتجاه غير ذلك؟
كما إن تزامن وقوع أحد الانفجارين بجوار مجمع الدفاع، في ذات الجهة التي تعرضت للاختراق والدخول إليه قبل شهرين، مع الانفجار الذي حدث بالقرب من منزل صالح بحده، يوفر فرصة للتبرير بأن تعرض مجمع الدفاع للاستهداف بالصاروخ يأتي ردا على الموقف المحايد للجيش مما يقوم به الحوثيون من أعمال مدمرة ضد جماعة ساندة الثوار في فبراير 2011م، وفق رؤية طرف لا يرضى بهذا الموقف المحايد للجيش أو بموقف صالح المؤازر للحوثيين.
فضلا عما سبق، وفي ظل الوضع السياسي والعسكري والأمني الساخن، كل ذلك يجعلنا نطرح -أيضا- بأن الانفجارين ناشئين عن عمل مدروس، وأنه قد يكون خلفه طرف آخر، غير صالح وغير أبناء الأحمر ومناصريهم، بقصد إلصاق التهمة بهذه الأطراف.
مع ذلك كله، فإن ما ستتوصل إليه اللجنة الأمنية عن مصدر الصاروخ الذي تم إبطاله والتحفظ عليه من قبلها، وإلى معلومات أخرى حول المنصة الفردية التي أطلق منها الصاروخان؛ سيوجه التهمة باتجاه غير اتجاه الوحدات العسكرية المرابطة حول العاصمة أو أي كيانات تقف مع النظام القائم؛ لأن مثل هذه الصواريخ ومنصاتها، قد أثير حول تسريبها العمدي خلال الأزمة التي مرت بها البلاد، من وحدات عسكرية تملكها، وهي معروفة الوجهة، ومن يمكنه المشاركة في الاستفادة منها
* كاتب وباحث في شئون النزاعات المسلحة