أجبرت الحرب المستمرة حتى اليوم في مناطق مختلفة من اليمن، بعض النساء على البقاء في منازلهن، نتيجة الخوف من التعرّض لأي ضرر، ما أدى إلى تغيّب كثير منهن عن أعمالهن. وعادة ما تخشى الأسر من تعرض نسائها إلى أي ضرر أو مشاكل خلال الحروب، أكثر من الرجال.
في المدن التي تعيش الحرب، يُجبَر الرجل على الخروج من وقت إلى آخر إلى الشوارع أو الأسواق لقضاء حاجات الأسرة. عادةً لا تؤدي المرأة هذه المهام، على الرغم من أنها تمارسها خلال الأيام العادية، ما جعل عددا من النساء يعتقدن أن الحرب جاءت لتحدّ من حريتهن أيضاً.
تعمل وفاء البابلي ممرضة في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء. لكن منذ الأسبوع الأوّل لبدء عمليات "عاصفة الحزم"، تغيّبت عن العمل بناء على إصرار أسرتها. تقول: "لأكثر من شهر وأنا لا أخرج من المنزل. يخشى إخوتي عليّ من التعرّض لأي مكروه". تؤيد موقفهم، لكنها تشعر بالملل، وتتمنى انتهاء الحرب في أقرب وقت ممكن كي تعود إلى عملها وتلتقي بصديقاتها.
تضيف لـ"العربي الجديد": "اعتدت العمل في الفترة المسائية، أعمل ممرضة، ويقلّني باص المستشفى من أمام البيت. وبعد اشتداد القصف، طلب مني إخوتي عدم الذهاب إلى العمل"، لافتة إلى أنها طلبت إجازة من إدارة عملها لمدة شهر، علماً أن تجاوز هذه الفترة قد يعرّضها للفصل.
في السياق، تؤكّد أم سليم أنها كانت تشتري جميع حاجيات المنزل من السوق المجاور. مهمة انتقلت إلى ابنها، الأمر الذي جعلها "مسجونة في المنزل منذ بداية الحرب". توضح أنها ليست الوحيدة التي تعاني مما وصفته ب"سجن الحرب"، لافتة إلى أن عدداً من صديقاتها أجبرن على البقاء في منازلهن بسبب الحرب. تضيف: "كانت جارتي تذهب بين الحين والآخر إلى إحدى الحدائق المجاورة مع أطفالها، لكن الحرب حرمتها من الترفيه".
في السياق، تؤكّد الناشطة سمية محمد ما قالته أم سليم. ترى أن الحرب سجنت عدداً من النساء في المنازل، بعدما كن يشاركن الرجل في كثير من تفاصيل الحياة. تشرح لـ"العربي الجديد" أن "المجتمع اليمني يؤمن بأن المرأة يجب ألا تكون إلى جانب الرجل في الميدان في السراء والضراء"، لافتة إلى أن "غالبية الأسر اليمنية تمنع المرأة من الخروج من المنزل كي لا يصبن بمكروه، لاعتقادها أنها لا تستطيع التصرف كالرجل في وقت الأزمات".
تحكي محمد عن "قسوة السلطة الذكورية" على المرأة في اليمن، وخصوصاً في الأرياف. تضيف أنه "في الحرب، لا يسمح للمرأة بالذهاب إلى الجامعة أو العمل"، مؤكدة أن غالبية الجامعات علقت الدراسة في صنعاء؛ لأن عدداً كبيراً من الطالبات تغيّبن عن الحضور، وبالتالي لا يمكن استمرار العملية التعليمية في الجامعات. في الوقت نفسه، ترفض التعميم، موضحة أن بعض النساء "ما زلن ينشطن في المجتمع، على الرغم من الحرب، ويشاركن الرجل في كثير من النشاطات والمبادرات". معَ ذلك، تشير إلى أن أعداد هذه النساء قليلة جداً، وتنحصر في المدن الرئيسية فقط.
إلى ذلك، تذكرُ رئيسة فرع اللجنة الوطنيّة للمرأة في محافظة صنعاء منى الحارثي، بعض المشاكل التي تواجه المرأة خلال الحروب. تقول لـ"العربي الجديد": "ترفض بعض الأسر ذهاب النساء إلى أعمالهن"، لافتة إلى وجود "معوقات كثيرة تحدّ من قدرة المرأة على الذهاب إلى وظيفتها".
تتابع الحارثي: "على سبيل المثال، توقفت حركة المواصلات، واضطر مواطنون إلى ركوب الدراجات النارية وسيارات نقل البضائع. وهذا أمر صعب بالنسبة للمرأة، ما يضطرها إلى البقاء في المنزل، حتى لو كان أهلها يسمحون لها بالخروج". مع ذلك، تخشى بعض النساء من خسارة وظائفهن بعد انتهاء الحرب.
[b]تقلّص الفجوة بين الذكور والإناث[/b]
كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط في اليمن، العام الماضي، عن استقرار معدل الزيادة في عدد الإناث أخيراً. وذكر أن الفارق بين الذكور والإناث سجل خلال السنوات الثلاث الماضية مليوناً و307 آلاف نسمة لصالح الذكور، بعدما كان الفارق عام 2005 مليوناً و400 ألف. وأشار إلى زيادة عدد السكان إلى 25 مليوناً و235 ألفاً حتى العام الماضي.