اختفت أنواع أساسية من الخضار عن موائد إفطار اليمنيين، بعد ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية. يأتي ذلك بسبب المعارك والقصف الجوي وانقطاع الوقود، ما منع وصول الإنتاج الزراعي إلى الأسواق، وتسبب بندرة في العرض، بالرغم من أنّ الصيف موسم الكثير من الخضار.
ويجد المواطن عبد الله اليافعي صعوبة في شراء البطاطا، بعد ارتفاع سعر الكيلوغرام إلى أكثر من 1000 ريال يمني (5 دولارات أميركية). ويعلق: "رغم سعرها المرتفع فهي من أسوأ أنواع البطاطا". كما يؤكد اليافعي أنّ معظم أنواع الخضار والمواد الغذائية لا تصل إلى مدينته عدن (جنوب) بسبب المواجهات المسلحة والحصار المفروض عليها. ويشير إلى أنّ معظم الأسر في عدن لا تستطيع شراء الخضار لأنها بالكاد تستطيع توفير الرغيف، ولأن كثيراً من المواطنين يعيشون بلا رواتب منذ ثلاثة أشهر، وبات كثير منهم عاطلاً عن العمل.
من جهتها، تعبر فوزية الشرعبي من تعز (وسط) عن حزنها لاختفاء الخضار عن مائدة رمضان هذا العام. وتقول ل "العربي الجديد": "مائدتنا هذا العام بلا خضار.. نأكل النواشف من الأرز والفتة وأحيانا المعكرونة". وتشير إلى أنّ الخضار أصبحت من السلع التي يتم الاحتفاء بها في حال تم الحصول عليها. وتتابع: "في العادة، نأكل السمبوسة (معجنات) في رمضان مع معجون الطماطم. لكنّ الطماطم لا تصل إلى المدينة، وإذا وصلت فسعر الكيلو الواحد 4 دولارات. وتشير فوزية إلى أنّ بقية الخضار كالجزر والخيار أصبحت من السلع التي لا يستطيع الفقراء شراءها.
الأمر نفسه في شمال اليمن، وتحديداً في محافظة المحويت حيث أجبر ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضار كثيراً من الأسر على التخلي عن بعضها. ويقول عبد علي الحفاشي إنّه اكتفى بشراء الفجل والكرّاث، وتخلى عن البطاطا والطماطم والبامية باستثناء يوم الجمعة. ويضيف: "المائدة الرمضانية لا تخلو من الخضار عادة، لكنّ أسعارها هذا العام استثنائية".
أما بثينة عبد الغني فتوضح أنّ أغلب الأطباق اليمنية يعتمد بدرجة أساسية على الخضار. فطبق "السلتة" يحتوي بطاطا وبامية وكوسا وبصلاً وطماطم. أما طبق "الطبيخ المشكّل" فيحتوي أنواعا أكثر من الخضار. لكنها تشير إلى أن سعر الكيلوغرام الواحد من البامية وصل إلى 5 دولارات في العاصمة صنعاء، والطماطم 3 دولارات، والخيار 7 دولارات، بينما لا يتجاوز سعره دولاراً ونصف في الأيام العادية. وتشير إلى أنّ هذه الأسعار مرتفعة ولا يستطيع كثير من المواطنين توفيرها في هذه المرحلة تحديداً. وتضيف: "كنت أشتري سابقاً الخضار بكميات كبيرة، لكني اليوم أكتفي بكمية محدودة من كل صنف".
في المقابل، يعيد التاجر محمد مرشد أسباب ندرة بعض أنواع الخضار وارتفاع أسعارها إلى انقطاع وقود الديزل (السولار) الذي يعتمد عليه المزارعون في رفع المياه الجوفية من باطن الأرض وري المزارع. ويقول: "خسر آلاف من المزارعين موسمهم بعد انقطاع الديزل من الأسواق، وهو ما انعكس ضعفاً في إنتاج كثير من المزروعات ومنها الخضار".
كما يشير إلى تعرض بعض شاحنات نقل المنتوجات الزراعية للقصف بطائرات التحالف أو إطلاق النار، وهو ما يدفع الكثير من التجار إلى الإحجام عن الذهاب إلى المزارع لشراء تلك المنتوجات. ويقول ل "العربي الجديد": "تعتبر محافظة صعدة شمالاً، إحدى أهم المحافظات الزراعية التي ترفد باقي أنحاء اليمن بأجود أنواع الخضار والفواكه، ولكثافة القصف الجوي على هذه المحافظة، تم تدمير مساحات كبيرة من المزارع". يواصل: "هجر معظم المزارعين مزارعهم في صعدة بسبب القصف المتواصل، وهذا انعكس سلباً على توفر المنتجات الزراعية بما فيها الخضار مقابل الطلب الكبير في السوق".
[b]انعدام الأمن الغذائي[/b]
أكد تحليل مشترك لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في اليمن، أنّ ما لا يقل عن 6 ملايين يمني يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وأنهم بحاجة ماسة للمساعدة الطارئة بالغذاء. وقد بيّن التحليل، أنّ هذا الرقم يمثّل زيادة كبيرة عن الربع الأخير من العام الماضي.