arpo28

استئناف الدراسة.. طلاب اليمن يخشون العودة إلى الجامعة

بدا لافتاً إعلان مجلس جامعة صنعاء استئناف الدراسة في عموم الكليات في البلاد بدءاً من 25 يوليو/تموز الجاري، في ظل استمرار المواجهات المسلحة والضربات الجوية في معظم المدن اليمنية، وانعدام الظروف المناسبة التي تساعد الطلاب والأساتذة والهيئة الإدارية على الالتزام بهذا القرار.

في السياق، يقول الطالب سليم الآنسي (21 عاماً) إنه ليس قادراً على الالتزام بقرار استئناف الدراسة، وخصوصاً أنه نزح مع أسرته إلى محافظة إب (وسط)، مرجحاً عدم تمكنه من العودة إلى صنعاء في ظل استمرار الحرب. ووصف قرار الجامعة بأنه "غير مدروس"، وخصوصاً أنه لم يراع ظروف الطلاب والأوضاع التي تمر فيها البلاد بشكل عام.

يقول: "ما زالت الحرب مستمرة، والمشتقات النفطية غير متوفرة، كما أن أجرة التنقل باهظة ولا نستطيع توفيرها. هذه بعض المعوّقات التي تمنعنا من مواصلة الدراسة"، لافتاً إلى أنه لا يستطيع ترك أسرته في إب والسفر إلى صنعاء.

يتابع الآنسي أنه على استعداد لإعادة العام الدراسي. لكن الأهم اليوم هو الحفاظ على حياته وعدم المخاطرة بمصير أسرته، وخصوصاً أنه لن يجد فرصة عمل في حال تخرّجه من الجامعة هذا العام، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة حالياً.

من جهته، يقول والد الطالبة سهام المهدي إنه لن يسمح لابنته بالذهاب إلى الجامعة في هذه الظروف. فالحرب ما زالت قائمة، ومنزله بعيد عن الجامعة والطرقات ليست آمنة. ويتهم المسؤولين في جامعة صنعاء بالتهاون وعدم الحرص على حياة الطلاب.

إلى ذلك، تقول الأستاذة في كلية اللغات - القسم الإنجليزي، أنجيلا أبو أصبع، إن "قرار استئناف الدراسة لا بد أن يكون ضمن خطة شاملة، بهدف حل جميع المشاكل والعوائق التي تحول دون وصول الطلاب إلى الجامعات". وتلفت إلى أن "قرار فتح الجامعة لا يخصّ طرفاً واحداً وهو إدارة الجامعة، بل يشمل أعضاء هيئة التدريس والطلاب وأولياء الأمور"، مشيرة إلى أن هناك مخاوف لدى أولياء الأمور بسبب الوضع الأمني غير المستقر في المدن اليمنية، عدا عن التكاليف ومصاريف الدراسة في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأسرة اليمنية.

تضيف أبو أصبع أنه على الرغم من تواجد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، فإن الطلاب لن يحضروا لأسباب كثيرة، على رأسها انعدام الوقود، والنزوح، والتوتّر الأمني والقصف العشوائي. وتسأل إن كانت رئاسة الجامعة قادرة على حماية الطلاب في حال حدوث قصف مفاجئ، علماً أن الجامعة تقع على مقربة من أحد أكبر معسكرات الحوثيين في صنعاء.

ويشارك أستاذ التنمية والسكان في جامعة صنعاء عبد الملك الضرعي أبو أصبع رأيها، حول ضرورة إشراك أولياء الأمور في عملية اتخاذ قرار استئناف الدراسة في ظل هذه الأوضاع، وخصوصاً مع التراجع غير المسبوق في مستويات الدخل الذي طاول معظم أفراد المجتمع، وخصوصاً الموظفين الحكوميين، نتيجة ارتفاع معدلات البطالة والتسريح من العمل وغيرها.

ويلفت الضرعي إلى أن الأسر ستواجه صعوبة في تأمين تكاليف التعليم الإضافية. ويقول ل "العربي الجديد": "بالتأكيد، فإن عملية التعليم لا يجب أن تتوقف، لكن في المقابل يجب العمل على ايجاد حلول تساعد الأسر على حث أبنائها على الالتحاق بالجامعات".

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء عبدالله الفقيه، فانتقد رئيس الجامعة بسبب قرار استئناف الدراسة، قائلاً: إنه "موظف لدى الحوثيين"، معلناً في الوقت نفسه عدم عودته إلى قاعات الجامعة في ظل توقعات باندلاع حرب شوارع في صنعاء في أي لحظة. يضيف: "لن نعود إلى الجامعة فيما طلابنا مشرّدون في كافة أنحاء البلاد ولا يستطيعون العودة إلى العاصمة. لن نعود في وقت ترزح عاصمتنا تحت النار".

من جهته، ينفي رئيس جامعة صنعاء عبد الحكيم الشرجبي ما أشيع حول خضوع إدارة جامعة صنعاء لجماعة أنصار الله (الحوثيون)، لافتاً إلى أن "قرار استئناف الدراسة في الجامعة والكليات التابعة لها، لا يهدف إلى جمع الطلاب وتجنيدهم وارسالهم إلى جبهات الحرب"، ومشيرا إلى أن "قرار استئناف الدراسة اتخذ في شهر رمضان من قبل مجلس رئاسة الجامعة المشكل من 30 أستاذاً وأكاديمياً وعمداء الكليات وليس من قبل الحوثيين".

ويقول الشرجبي إن العطلة الصيفية لدى الجامعة كانت تبدأ منذ 25 مايو/أيار وحتى 25 يوليو/تموز، مشيراً إلى أن "الجامعة أصرّت على استئناف الدراسة كي لا يخسر الطلاب عاماً دراسياً جديداً".

يضيف: "ما زلنا نعاني من مشاكل نتيجة تأخّر الطلاب في تلقّي مقررات عام 2011 بعد اندلاع ثورة التغيير الشبابية، ولا نريد اليوم أن يكون الجيل الجديد أمّياً في حال ظلت الجامعة مغلقة". يضيف أن "المدارس تخرّج تلاميذ الثانوية العامة، الذين يستعدّون للالتحاق بالجامعات"، لافتاً إلى أن "توقّف التعليم في الجامعات سيؤدي إلى زيادة نسبة طلاب السنة الأولى في الجامعات، لتتكرّر هذه المأساة عاماً بعد عام، في ظل عدم وجود إمكانيات لاستيعابهم".

وحول إقبال الطلاب على الجامعة خلال الأيام الماضية، يصف الشربجي التفاعل الطلابي مع قرار استئناف الدراسة ب "المبشّر"، مشيرا إلى أن حوالي 95 في المائة من طلاب الكلّيات العلمية، مثل الطب والهندسة وبرمجة الكمبيوتر حضروا منذ بدء استئناف الدراسة، بينما وصلت نسبة الطلاب الذين حضروا إلى كليات العلوم والزراعة إلى 50 في المائة. ويؤكد وجود الكثير من العوائق التي تمنع عودة العملية التعليمية، موضحاً أن "الجامعة تعمل على حلّها".

ويحذّر الشرجبي من خطورة تغيّب الأكاديميين، وعدم قيامهم بواجبهم، والحضور إلى الجامعة، مؤكداً أن "الجامعة ستسمح بالتغيب لمدة أسبوع أو أسبوعين، لكنها ستتخذ الإجراءات القانونية بحقهم بعد انتهاء فترة السماح".

زر الذهاب إلى الأعلى