تبدو العلاقة بين المقرض (المصرف) والمقترض (المستهلك) في اليمن غير متكافئة، حيث تجعل المقرض في وضع القوي الذي يحدد ويفرض شروط ومقومات الإقراض من حيث سعر الفائدة على القرض والمدة الزمنية للسداد وغيرها من الشروط، ويبقى المقترض الطرف الأضعف والمضطر إلى القبول بالشروط المجحفة.
في هذا الجانب، يجب أن يأتي دور الدولة في التدخل للحد من هيمنة المقرض على المقترض عن طريق النُظُم والقوانين التي تنظم العلاقة بينهما، وفي اليمن يبقى هذا التدخل محكوماً بالوضع الاقتصادي العام للبلاد الادخار والاستثمار الذي بموجبه تتحدد أسعار الفائدة. ويرى خبراء الاقتصاد أنه في ظل العلاقة غير المتكافئة بين المقرض والمقترض إضافة إلى عدم وجود حماية قانونية للمقترض، فإن شروط الاقتراض عادة ما تكون مجحفة في حق المقترض.
"العربي الجديد" زارت عدداً من المصارف اليمنية، وكانت النتيجة متشابهة تماماً بين مختلف هذه المصارف وذلك من خلال منح القروض وفق شروط وضمانات معقدة، وأخيراً عمدت أغلبية المصارف اليمنية إلى إيقاف تقديم القروض بسبب تردي الأوضاع الأمنية في البلد، لتقتصر على تقديمها وفق شرط واحد هو أن تكون الضمانة وديعة مصرفية تفوق قيمة القرض بنسبة لا تقل عن 50%، ويتم حجزها لدى المصرف إلى حين تسديد أقساط القرض.
مصرف التضامن الإسلامي الدولي أوقف تقديم أية قروض إلا بضمانة عميل لديه وديعة في المصرف، حيث أوقف أية ضمانات أخرى كان يتعامل بها، كالذهب والضمانات العقارية، وقال أحد مسؤولي المصرف، إن المدة الزمنية لسداد القرض تراوح ما بين 6 أشهر حتى 3 سنوات.
وتتفاوت نسبة فوائد القرض وفقاً لفترة السداد، وخلال سنة تكون نسبة الربح 10%، في حين أنه إذا كانت فترة السداد تصل إلى سنتين ترتفع النسبة إلى 20%، وتصل إلى 30% خلال ثلاث سنوات، ويشترط المصرف عدم تقديم مبالغ نقدية وإنما يعمل على شراء ما يريده المقترض ويبيعه له وفق أقساط شهرية تشكل 50% من دخل المقترض، فضلاً عن تقديم المقترض ما نسبته 25% من قيمة القرض مقدماً.
من جانبه، مصرف اليمن الدولي أحد المصارف التجارية المحلية هو الآخر اقتصرت شروطه في شرطين، إما بضمانة وديعة لدى المصرف بما يعادل القرض والفائدة ويتم حجزها لدى المصرف إلى حين سداد الأقساط، والشرط الآخر أن يكون راتب المقترض عبر المصرف، وبضمانة زميلين في جهة العمل نفسها يكون راتباهما عبر المصرف ذاته، وتُحدد نسبة الفائدة للقرض بـ22% من قيمة القرض إذا كان بالريال اليمني، و10% للدولار.
وفي السياق ذاته، أوضح مسؤول في المصرف العربي أحد المصارف التجارية الأجنبية العاملة في اليمن ، أن المصرف أوقف القروض بسبب الأوضاع التي تمر بها البلد، ويُقدَّم القرض في حالة وجود ضامن يمتلك رصيداً لدى المصرف لا يقل عن 120% من المبلغ المقترَض.
ويؤكد الخبير المالي الدكتور منير سيف: "هناك ثقة شبه معدومة بين المصرف والعميل، نتيجة لما يحدث من مشكلات ومن تعثرات تصيب المصارف بخيبة أمل في إعادة الأموال التي مُنحت للعملاء، وفي الوقت نفسه نجد العملاء مصابون بخيبة أمل لعدم تلبية رغباتهم في حصولهم على التمويل المطلوب".