[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أزمة لغة!!

... وبلادي بلا شاهدٍ يقرأ الغيم ويستنبط أمزجة اليمام.. بلادي بلا شاعر يتهدج في المحراب وخصوصا في أيام البرد حيث الجماعة أحوج ما يكونون إلى دفء من حرير الكلام.. شبعنا من مهاترات "المؤتمر نت" و"الصحوة نت" و"الاشتراكي نت" و"المنبر نت".. في القلوب حنين هادر للغة مغايرة تحول التنافس إلى متعة لاتترك في النفوس ما يوغر الصدر ويورث العداوة.. والعداوة يا قوم ريح هوجاء تطفئ نور البصيرة وتخمد أنفاس الإنصاف..

وها هي ذي اللغة الجارحة تورث مسيرات ومعتقلين وجرحى لا يئن لأوجاعهم قادة الحراك ولا سادة العراك.. ليبقى السؤال الممض: أو ليس فيكم رجل رشيد؟
"الخيل" عطّل عقله سفهاً وأحضر "شيْوَلَهْ"
يمضي كما اتفق الزمان يجيد فن "الحكوَله"
حشدٌ وصندوقٌ وبنكٌ ثم قالوا "ديوله"
لا يفهمون تآلفاً أو يفقهون "الحلحله"
والباقيات الصالحات يتيمة أو أرمله
لا "الشمس" تعرف ما تريد ولا النجوم مؤهله
حتى "الهلال" معطلٌ والحزن ملء "السنبلة"
والشعب مشلولُ الرؤى لا شغلة أو مشغله
زيدٌ أنانيُّ الهوى.. عمرو أضاع تأمله
وجميعهم يتذمرون ويصنعون المشكله
دوامة عبثية معصودة مسترسلة
تالله ما هُدُوا إلى الطيب من القول، ولا هم دفعوا بالتي هي أحسن، وتالله ما أجادوا غير التنابز والتناكر والتدابر والتفشيل والتفسيق.. ليغدو التوتر في النهاية حاصل الأداء الجمعي الأصم الذي كان يردع إلى ما قبل دعوة محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام بالنوازل والصواعق والريح التي كان الأجداد يحسبونها عارضاً ممطرهم.. كلهم الآن يتمتعون بألسنة حداد وتعابير يقشعر منها المداد، ولذا تسفر الأيام في بلادي عن إعادة إنتاج المعضلة وتقوية أنياب العناد..
في بلادي لنا قمر آخرٌ غير أن الجمال استحال..
الغصة اكتملت وأسراب الطيور تتوه عن ألحانها الجذلى ليصاب التلاميذ بعدوى التنابز ويصبح اليمن الجديد بيئة صالحة لتكاثر البعوض الذي يلسع العروق ويخدش الذوق..
"إذا لم ينتبه قومي لهذا سيتلو أول المكروه ثاني".
ولأننا داخل المعمعة فليس من السهل أن نكتشف أننا ننحدر إلى قاع السفاسف.. أحد الأحباب هاجر قبل عشر من السنوات دارسا ثم عاد الآن ليقول بأن اليمن أصبح غاية ليس فيها سوى الذئاب والثعالب والسحالي وسرب من الببغاوات تردد أقوالهم وتزيد..
أكاد أشعر بأعصابكم تحن إلى فسحة من الهدوء في عيد الله الأكبر.. وقرأت ذات مساء: أننا إذا صمتنا قليلا فإن شيئاً ما يمكن تفهمه".
هلال
في غرة كل شهر قمري أتذكر الرجل المهذب الذي أعارني سمعه في أكثر من لقاء.. كان معالي الوزير (السابق) يكتب بعدي (كما يفعل الصحفيون) في مفكرته الصغيرة أن الحوثيين لا يصلح أن نتعامل معهم باعتبارهم أشرارا بل باعتبارهم ضحايا تلقين راعف شربوه منذ نعومة الأظافر.
إنهم يحتاجون منا لأن نتعامل معهم بحنان عميق لأنهم إحدى تجليات إهمالنا للإنسان ولمناطق القبائل في شمال الشمال.. وأخطاؤهم الآن هي انعكاس منطقي لإعراض المجتمع عن تفهم الإشكال وتحري جذور المعضلة هرباً من تحمُّل مسئولية العلاج.. الجيش موجوع من النهايات الميلودرامية لكل جولة.. والحوثيون الآن متفرغون لتأديب القبائل التي وقفت في طريقهم..وهلال – على ما أعتقد – يراجع مع نفسه أسلوبه المتكرر في تقديم الاستقالات لأتفه الأسباب إلى أن حصد مغبتها في المرة السادسة على ذمة "بنت الصحن" على أنه لا هلال ولا الترابي ولا غيرهما يعملون خبازين لدى أحد..
هذا الرجل الوطني المهذب مكانه الطبيعي في مواقع المسئولية ضمن مشروع دولة.. ذلك أنه ليس طبلا يصلح للتأجيج الحزبي ولا هو كائن دوغمائي يصلح للرثاء العقيم.. ولربما أدرك الآن أن 3 أسابيع تبدو كافية ليعرف أن كثيرين افرنقعوا من حوله بمجرد أن زال عنه المنصب..
اللؤم يا صديقي يسيطر على جزء من صورة الراهن الخذول الذي يتحاشى قوله الصدق. والوقت لا يكفي لكي نأخذ على خواطرنا وندع الناس يعلكون التهاويم ويختلقون العجائب.. حاول ألا تنصت لما يؤذيك.. وتيقن أن المضي قدما يحتاج لقلب كبير.. الناس يا صديقي بحاجة لموظف ناجح يعقدون عليه المقارنة ويغيظون الآخرين بحبهم له..
ربي وربك الله يا هلال..

 

زر الذهاب إلى الأعلى