[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

غزة تنزف، متى الأفعال؟

بعد جريمة الحرب الهمجية الصهيونية ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة، تصاعدت موجات المظاهرات والاحتجاجات والانتقادات ضد مصر وضد موقفها من العدوان الصهيوني وضد موقفها من فتح معبر رفح.
و تم اقتحام القنصلية المصرية في عدن اليمنية وفي نفس السياق تمت محاولة اقتحام السفارة المصرية في العاصمة اليمنية، وفي سوريا ولبنان كانت هناك مظاهرات احتجاج أمام السفارات المصرية وتم رشقهما بالحجارة.

وأيضا تمت محاولة اقتحام مكتب رعاية المصالح المصرية في إيران، هذا غير المظاهرات والتنديدات العديدة التي أطلقت ضد مصر وقيادتها وضد مواقفها.
حقيقة كل هذه الأحداث أي موجات التنديد ضد مصر وقيادتها وضد سفاراتها ومكاتبها في الدول العربية وإيران أيضا لم تكن فقط تعبيرا عفويا عن شارع متعاطف مع غزة ولم تكن مجرد مواقف عابرة لبعض الجهات أو الشخصيات. وإنما هناك أيادي خفية قد تساعد في تحريك هذا الاتجاه من خلال التستر وراء هذا الطوفان الثائر والمناصر والمتعاطف مع غزة وتنفخ في النار لزيادة لهيبها ضد مصر، من اجل توسيع رقعة نفوذها والحفاظ على مشروعها الاستراتيجي التوسعي في الوطن العربي وصفع مصر صفعة مؤلمة أي تصطاد في المياه العكرة.

قبل أن نأتي إلى هذه الأيادي الخفية التي تحرك موجات العنف والاحتجاجات والحملات الإعلامية ضد مصر وتتجنب هذه الأيادي وأصحابها التطرق إلى الحرب الإجرامية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد غزة وأبنائها. قبل هذا لنتكلم قليلا حول المسؤولية القومية والأخلاقية التي تقع على عاتق كل إنسان عربي. إن فلسطين عامة وغزة في الوقت الحالي خاصة هما أمانتان في عنق الأمة العربية أنظمة وشعبا ويجب تحريرهما من الاحتلال والاضطهاد الصهيوني.
اليوم العرب سواسية الكل ينطلق من المسؤوليات المترتبة عليه ومن المكانة التي يتمتع بها، لأداء واجبه القومي والسياسي تجاه غزة في ظل هذه الأزمة. إن الإنسان العربي في اليمن وسوريا والسعودية ولبنان.. قبل أن يحتج فقط ويشجب موقفا عربيا خاصا يرى أنه قد قصر تجاه غزة والعدوان الجاري عليها أو أي موقف آخر، من باب أولى أن يتحرك في بلده ويعمل من أجل الضغط على الكيان الصهيوني وعلى الدول الداعمة لهذا الكيان(الدول الغربية) لإيقاف الهجمة البربرية التي ترتكب بحق أهلنا في غزة. وذلك لا يتم إلا من خلال استخدام أوراق الضغط التي تملكها كل دولة عربية تجاه الكيان الصهيوني وأعوانه.
إن اليمني يملك ورقة مضيق باب المندب، فبدل الانشغال بإعمال ثانوية قد لا تجدي نفعا ولا تؤثر على مجريات المذبحة الحالية، أن يضغط على حكومته لإغلاق هذا المضيق( باب المندب) أمام السفن والمراكب الأميركية والأوروبية، فهؤلاء هم الذين يدعمون الكيان الصهيوني سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا وهم الذين يسندونه في جميع المناسبات والاجتماعات. وذلك من أجل تهديد مصالحهم والضغط عليهم ليكفوا عن تقديم المساعدات والدعم للكيان الصهيوني وينصفوا القضية الفلسطينية. كما إن المواطن المصري عليه أن يضغط على حكومته لمنع تصدير الغاز إلى الكيان الصهيوني وطرد سفير هذا الكيان من مصر وسحب السفير المصري من تل أبيب. وأيضا الإنسان الخليجي يملك ورقة ضغط أخرى وهي رابحة بامتياز، فبإمكانه إن يحتج ويضغط على حكوماته من أجل قطع النفط والغاز ومنع تصديره للدول الغربية - لو قُطع البترول شريان الحياة في الغرب لامتثلت هذه الدول للمطالب العربية المشروعة بخصوص القضية الفلسطينية. وأيضا بإمكان الإنسان العربي في الأردن أن يضغط على حكومته لطرد السفير الصهيوني من المملكة وسحب السفير الأردني من الكيان الغاصب.
ثم المواطن السوري بإمكانه أن يضغط على حكومته من أجل فتح جبهة الجولان المحتل ضد المحتل الصهيوني ومناصرة أبناء غزة، إن سوريا لا توجد بينها وبين الكيان الصهيوني معاهدة سلام حتى نقول ينبغي احترام هذه المعاهدة أو الاتفاقية وإنما الحالة القائمة بينهما هي حالة وقف إطلاق النار وبإمكانها في أي وقت تفتح جبهتها مناصرة لغزة وإحقاقا للحق العربي. وأيضا حزب الله في لبنان عليه أن يكون صادقا ويقف جنبا إلى جنب أهالي غزة وحركة حماس ويفتح جبهة الجنوب للضغط على الكيان الصهيوني ولا يبقى مكتفيا بشعاراته التحريضية، وهكذا الحبل على الجرار في ما يخص أوراق الضغط والإمكانيات الأخرى التي تملكها الدول العربية ضد الكيان الغاصب وأعوانه.
ثم بدون أن نهتف ضد بعضنا وبدون أن نشجب مواقف بعضنا من باب أولى أن نبدأ بتقييم أنفسنا ومواقفنا لننطلق مساعدين ، داعمين لأهل غزة بالإمكانيات وأوراق الضغط التي نملكها .

و أما الأيادي الخفية التي تريد تحقيق أهدافها هي من خلال تغيير اتجاه البوصلة إلى دولة عربية لها حجمها وتأثيرها على السياسة العربية برمتها لتستثمر هذه الحرب الحالية لصالحها ولصالح مشروعها التوسعي. هذه الأيادي ترجع لتجار الكلام الذين يتحدثون من داخل قصورهم عن دعم غزة ومحو إسرائيل ولكنهم بالفعل لم يحركوا ساكنا وصواريخ شهاب والتقنية العسكرية تملأ بلادهم. فهؤلاء هم الذين احتلوا الأحواز البلاد العربية وأبادوا شعبها وهم الذين احتلوا الجزر الإماراتية الثلاث وهم الذين قالوا لو لا طهران لما سقطت بغداد وكابل وهم من يرتكبون أبشع الجرائم بحق العراقيين وهم من مارس التقتيل والتهجير بحق الفلسطينيين في العراق وهم من بث الفتن والضغائن في اليمن ولبنان والكويت والمجتمعات العربية الأخرى وهؤلاء هم من يشتمون العرب ويلعنونهم ويستحقرونهم في مجالسهم وكتبهم وصحفهم ولم يستثنوا منهم حتى الخلفاء الراشدين.... هؤلاء هم الفرس الذين أطلقوا سراح اليهود من السبي البابلي قبل آلاف السنين وهم من ساهم بإعادة صياغة التوراة، اليوم يريدون حرف المعركة بكل أشكالها من الكيان الصهيوني وإشغال الأشقاء مع بعضهم البعض لإضعاف الجبهة العربية ضد الكيان الصهيوني.
و أخيرا إن غزة أمانة في أعناقنا وفي أعناق أحرار العالم وهي تذبح وتباد بواسطة المؤسسة العسكرية الصهيونية وأبنائها يستنجدون بأحرار العالم, فمن كان في رأسه نخوة عربية أو إسلامية أو إنسانية فلينهض ويعمل من اجل غزة ويترك الصراعات الجانبية ويترك تجارة الكلام. والنظام الفارسي صاحب الشعارات الرنانة والانتقادات حول التخاذل العربي تجاه غزة وفلسطين كما يدعي - إذا كان حقا يدافع عن فلسطين وغزة، فلا مجال للتسويف بالوقت فهو يملك الصواريخ التي يصل مداها إلى عمق الكيان الصهيوني فليضرب هو وحلفائه المحاددين لهذا الكيان وليلبوا نجدة الأمهات الثك إلى والأطفال والشيوخ والعجزة .. في غزة ولا يكتفوا بالشعارات والخطابات المسمومة.

ابراهيم مهدي الفاخر
كاتب أحوزاي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى