[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

علم مصر بعدن والطيار مبارك وسليمان .. والخنزيرة

بأحاديث النميمة الصاخبة أهانوا علم مصر في عدن اليمانية، والنميمة الشريرة تساوي بين مصر وإسرائيل، فتسمع من يقول أن مشكلة غزة هي مصر، وأخر يخصص ولا يعمم، فيحكم أن ليس المشكلة في ناس مصر، وفقط رئيس المخابرات العامة اللواء المموه عمر سليمان هو الجزء العميق في الحرب على غزة، وتسمع ثالث يقرر أن الطيار الحربي محمد حسني سيد سيد مبارك، وسليمان متواطئان .. بالنسبة لي هذا كلام ثقيل وصعب، التواطؤ كلام قاسي في وصف زعيم بحجم مبارك رغم لعبة الاستغماء التي دخلها مع غزة،

والتواطؤ كلام قاسي عن دولة بحجم وعطاء مصر وتضحياتها لفلسطين ولكل العرب، فلا مبارك ولا أحد في مصر متواطئ، بل أولمرت وباراك والخنزيرة، جميلة الموساد تزيبي ليفني، وجميعهم في تل أبيب، خدعوا مصر وخدعوا تركيا بحسب تعبير الجميل أردوغان، ومن الصعب أن تعترف مصر أن قادة إسرائيل خدعوها ولا يستطيع أن يصرح الرئيس مبارك وعمر سليمان وهما مقاتلان سابقان وأظنهما لازالا مسجلين في قوائم الاحتياط،بأن الخنزيرة ليفني ضحكت عليهما وعلى أبو الغيط (وأعطتهم بمبة)، فتبعات أن تقول أنك خدعت، يعني أن يعرف العالم كم أنت أحمق، و مصر قائدة، لا تريد أن تكون غبية، لكن بعض العرب وكل إيران ونصر الله والملكيون الذين يحملون صوره في المظاهرات باليمن مصرون على أن مصر تواطأت وتركت غزة تقف بدون مظلة الحماية التاريخية من مصر.

ولكن كيف ساعدت القيادة المصرية في إلصاق التهمة بأنها تواطأت، ولماذا تكبرت مصر على تصحيح قولا يقال، أسئلة مشروعة، لم تجادل فيها مصر، وفي جزء من هذا المقال أضع صورة واحدة من خوف مصر الذي لم تعلنه، ولكن الإجابات الوافية عن موقف مصر مما يحدث بغزة، ستأخذ مساحتها الزمنية لتظهر للناس من مصر نفسها يوما ما، وما أطرحه رؤية عن بعد، لمخطط جهنمي بترحيل من في غزة إلى من في مصر، وأهل مصر السياسية، يعون أن لدى إسرائيل أحزمة تكتيكية خاصة بغزة وأخرى خاصة بالضفة وثالثة خاصة بمصر، إذا ما اضطربت مصر، ورابعة خاصة بالأردن وخامسة خاصة بسوريا وسادسة بلبنان وحتى واحدة خاصة باليمن، وهي خطط مرحلية بحسابات زمن المفاجئات، ولكن مقال جون بولتون المندوب الأميركي السابق في الأمم المتحدة القريب جدا من التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي كتب الاثنين الماضي في واشنطن بوست عن مخطط إسرائيل لغزة، تحدث فيه عن خيار نقل قطاع غزة أرضا وسماء وبحرا وبشرا لمصر، مقابل عشرات المليارات من الدولار وربما المئات، وأمام هذا ماهي خيارات مصر، أمام مليون ونصف غزاوي، السوال معقد.

والمؤكد أن الغزاويين لن يبقوا في 340 كلم وهي مساحة قطاع غزة، ولابد من التوسع، والتوسع لن يكون إلا في سيناء التي لازالت كما تركها موسى تائه في صحرائها، إلا من مدينة سياحية صغيرة تسمى شرم الشخ، هذا إذا تخيلنا أن مصر وافقت على إستراتيجية المتدين المسيحي بولتون مقابل المال، أما الصورة الفعلية التي منعت مصر اليوم من فتح معبرها وحدها، أمام سكان غزة وتركتهم لله يواجهون مصيرهم الدموي، فقد كان منع إسرائيل من تحقيق وبشكل مبكر جدا وبدون مال استراتيجياتها هذه في نقل سكان غزة إلى مصر ومن ثم ضم غزة ومن ثم أيضا التفاوض عليها مع مصر وفي المفاوضات لا تكسب إلا إسرائيل، وفهمت مصر أن لدى إسرائيل تجارب حميمة، فمن هرب تحت قسوة قتل الأطفال والنساء وتدمير المساجد، يستقر بعيدا ولن يعود، هكذا حدث مع مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين هربوا في 1948 والذين هربوا في 1967، فقد استقروا بعيدا في الشتات وفي المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان، ولن يعودوا إلا بمعجزة إلهية والنتيجة كانت أن ضمت إسرائيل أراضي الفارين في 48 و67 . ولو أن مصر فتحت المعبر والحد، لتغيرت وضعية إسرائيل نحو الأفضل ولتغيرت وضعية سكان غزة وفلسطين ووضعية مصر نحو الأسوأ..

بالتأكيد كان هنا لدى القيادة المصرية كل الحق وبعد استراتيجي عميق في إغلاق حدودهم، ولكن مبارك وسليمان في باب أخر تفرجوا على ما يجري في غزة بطريقة لا تليق بصاحب الضربة الجوية الأولي في أكتوبر 1973 ووقفوا في الحياد، واكتفوا بمقولة أبو الغيط بأنهم قد حذروا من كارثة كهذه، وليس من الإنسانية بما أنك قد حذرت والكارثة قد وقعت، أن تستمر في التفرج وبدبلوماسية لا تتحرك إلا في قاعة من يشاهد القتل.وكأن المعركة بين إسرائيل وإسرائيليين، مع أن مصر تعرف أن إسرائيل لا تضع حساب أحد من جيرانها العرب وغير العرب سوى لمصر، فبرغم اتفاقيات السلام والتطبيع لا يخاف الإسرائيليين إلا من جندي مصر ي بدا يلمع بيادته (جزمته).

ولن تستطيع مصر أن تبتكر تبريرا قويا، لماذا أغلقت الحدود بالاتجاه الآخر نحو غزة، أمام المتطوعين أطباء وغيرهم، وهذه المسؤولية الأخلاقية لن يخلص منها ضمير الرئيس مبارك،وهو وحده صاحب القرار، رغم أنه لا أحد يعرف ما الحسابات الأمنية والإستراتيجية التي نقلت إليه،و أقنعته بتجاهل مناداة كل الضحايا في غزة وملايين المحتجين في مصر وفي العالم العربي والإسلامي بفتح الحدود أمام من يريد أن يدخل للمساعدة الطبية والإغاثة وعلى مسؤوليتهم،ومهما كان سبب المنع، حتى وإن كان مصيريا لمصر، فإنه سيبقى سبب أمني سخيف وغبي ولا معنى له. فعشرات من أمتار الحدود تصبح في زمن الحروب مسافات الموت والحياة.

وسبب أخر اعتبره أخرق إن كان اللواء سليمان وقد سلمه مبارك ملف إدارة علاقات مصر مع حماس، قد تفوه بتلك العبارات بحق قادة حماس المنتخبين من شعبهم وتهديده لهم بدروس في الأدب، فقد قيل أن قادة حماس سمعوا عنف لغوي ضدهم من فم سليمان مع انه بخيل في الكلام، ومما قيل أنه قاله " إن ماتقوم به قيادتكم خطير، وأنا أقول لكم أن أبو الوليد (خالد مشعل) سوف يدفع الثمن".وقيل أنه قال أيضا" إن حماس عصابة يتصرفون وكأنهم كل الدنيا،لقد أصابهم الغرور، ومشعل يتصرف وكأنه اكبر من مصر، هذه عصابة تحتاج إلى تأديب وعلى هؤلاء أن يدفعوا ثمن ما يقومون به، والتأديب لن يقتصر على الموجودين في غزة، بل الموجودين في دمشق أيضا".

هذه عبارات لا تسقط من فم رجل مخابرات يفترض أن تكون أعصابة من حديد، وبمثل ما شوهت مصر لدى العرب فإن اليمانيين كلهم شوهوا عند المصريين، فقد ظنوا أن كل اليمانيين أهانوا علم مصر في عدن، ولا يعرف كل المصريين أنهم بالنسبة لنا هم الآباء الجمهوريين، بشهدائهم هنا وبتضحيات الثقيلة، ولولا مصر من عبد الناصر مرورا بعامر إلى السادات إلى مبارك إلى الجندي ( مصري ) أي جندي من مصر خدم في اليمن لما خرجنا من الجدار العازل، وسلاما علي كل مصر وعلى شهداء مصر..

إعلامي يماني قطر

زر الذهاب إلى الأعلى