[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

في قطر .. وبعدين .. مع رئيسكم

ليل الدوحة في أي شتاء عرضه لهجمات برد صحراوي قادم من كل قطر اليد المفتوحة ، ومن تأمل قطر في الخارطة يجد أنها تماما تشبه كف اليد المبسوطة ، لكن كلمات العنوان .. وبعدين مع رئيسكم .. كان لها وقع انتقائي ساخن في أذني ليلة مساء الجمعة الماضية ،صحفي من بلاد الله قدم مع رئيس بلاده قالها لي ، وتبع قوله بالحديث عن طويل العمر الرئيس الصالح الذي دعا بعد ساعة من ظهر يوم الطلعة الجوية الإسرائيلية الأولى على غزة سبت 27 ديسمبر، لعقد قمة لرد العدوان على غزة ، واتبعها بتشغيل تلفونات الرؤساء والملوك والأمراء العرب لحثهم على القمة الطارئة ،

وعندما انعقدت القمة في الدوحة بعد تيسير الله لها غاب عنها، فصدم طويل العمر هذا الصحفي، ولم يكن أمامي إلا التنطع للدفاع عن موقف المشير، بلا إشارة انطباع بان الصحفي اقتنع ، فأنت في الغربة مطالب بان لا تسمح لأحد أن ينتقض أو يسخر من رئيسك ومن بلدك.

وشخصيا شعرت أن رئيسي خذلني، وبذريعة ما سامحت الرئيس ، ففي كل القمم العربية لم يتحرر الزعماء من مواقف الانفعال بقوة ضغط القوى التي تملك المال ، وبقوة الإحراج حضورا وغيابيا وخصوصا لمنهم في وضع اليمن، كما لم يتحرر الزعماء الكبار من قيود حساسيات العراك على مراكز القيادة ، لمنهم في وضع مصر والسعودية وقطر الدولة الجديدة في قائمة الدول الزعيمة للعرب بعد خروج الجزائر بموت بومدين والعراق برحيل صدام، وقطر اليوم خلية فاعلة احتكرت زعامة العرب بإهداء لبنان رئيسا ، وبحل مشكلة ممرضات أوروبا البلغاريات مع ليبيا، وتحضا قطرهذه الأيام بتقدير شعبي عربي عارم يذكر بأيام الجميل عبد الناصر، ولا يستطيع احد أيا كان إخراجها من المربع الذهبي ، القاهرة والرياض وقطر ودمشق ، وهو المربع الذي لابد للأربعة من التكيف مع الأربعة ، والتكيف لمنهم خارجه بالعيش معه مثل حالنا اللاعبين في الاحتياط ، رغم محاولات طويل العمر، وبمثابرة أولي العزم لإدخال اليمن للمربع واللعب مع اللاعبين العرب الكبار.

ولكنه رغم رغبته الجامحة وفي ضع اليمن في عين القمة ، اصطدم دون أن يدري بان دول الأطراف واليمن منها ، لا يمكن إلا أن تظل دول مدعوة لا تقدر على أن تنتقل إلى خيمة الداعين في مربع القيادة، فقدرنا منذ معركة بير على في بحر زبيد 525 ميلادي مع الغزو الروماني الحبشي ، وحتى عصر الخلافة الإسلامية وحكم أعاجم بني بويه والسلاجقة إلى التتار إلى العثمانيين إلى المماليك وقبلهم في الأندلس ( أو اندلثيا كما يسميها الأسبان) ، قدرنا أن لا نقود ، وأن نكن فقط جند، وحتى هذه لا تريد بعض دول الجزيرة اليوم شي من هذه الجندية، لقلقهم منا بدون سبب ، مع أننا لم نكن أمة توسعية ، والدليل أن كلهم اعتدوا علينا فالأفارقة ورغم أننا نتداخل مع شرق أفريقيا في الجينات ، لم يحتلوا دولة في العالم إلا اليمن في قصة الغزو الحبشي، وفي السنوات الماضية طردنا الأخوة الإريتريين من جزيرة لنا ورجعنا إليها بحكم أممي ، والسعوديين وهم أهلنا الأخيار قبلها بعقود وصلوا إلى الحديدة في 1934 ولولا مروءة فيصل مع الإمام الزيدي، لكان الحال غير الحال ،واليوم إيران بطابورها تحكمنا في وديان وشعاب صعدة وتحكم أزقة في كل المدن اليمانية، ومن يظن غير ذلك فعليه أن يعيد النظر في ذكائه.

فنحن أمة بلا أحلام توسعية نريد فقط أن يتركونا نمشي جنب الحيط ،ولو كنا أمة بالأحلام الرومانية التوسعية ، لوضعنا الجزيرة العربية كلها في جيوبنا منذ زمن فنحن لا نعرف إلا الحرب، والرئيس الصالح يعي هذه المعضلة الهندسية للنفسية اليمانية ، وهو في كثير من حالات الحرج بحضور قمة عربية وغيابه عنها يقع تحت قوة كامنة من ضغط أصحاب السوق على صاحب الحاجات، وكل الزعماء والدول على وجه أو آخر يتعرضون للضغط ، ودائما وجد من هو أقوى وحتى هؤلاء أصحاب المربع الذهبي تستطيع هيلاري كلينتون الوزيرة القادمة أن توقفهم انتباه وتصرفهم بكلمة انصراف، ولهذا فغياب الرئيس وعدم غيابه لم يكن ليلفت قوة حضور اليمن ، إلا في المصفوفة الخبرية كمادة إعلامية وربما يتفوه كعادته بكلمات يشتم فيها أميركا مما يوقع صهره أفضل دبلوماسي عربي في واشنطن الداهية عبد الوهاب بن عبدالله الحجري، في وضع "الخناقة " والخصام مع البيت البيض والخارجية ولكونغرس ومجلس الأمن القومي والبنتاغون.

واعتبر أن غياب الرئيس عن أي قمة في الاضطرابات العربية التي تستدعي القمم أسلم ، فهذا شخص لسانه طويل على أميركا ، لكن الواقعية السياسية تحتم عليه أيضا، أن يذهب إلى كل القمم العربية دون تردد ، فنحن دولة بحاجة إلى مصر والسعودية وقطر وسوريا والمغرب والجزائر ، وليس لنا مكسب من الخناق على الزعامة بين قيادة مصر والسعودية وقيادة قطر، فهذه إرادات سياسية تتصارع ، أما نحن فمن المفترض أن لايكن لدينا وقت للتفكير في مشاكل غير مشاكلنا، لأننا لا نملك قوة تحريك القرار الذي يحتاج إلى المال أولا والغطاء الدولي ثانيا، وكلما نقدر عليه هو أن نحضر مع الحاضرين وان لا نتغيب مع الغائبين وأن ننسخ تجربة سلطنة عمان وبدون شوشرة.

وما حدث قبل قمة الدوحة الجمعة الماضية يفصح عن شراسة صراع الزعامات أربع مرات يكتمل نصاب طلب قطر لعقد القمة ويتناقص النصاب في الأربع المرات لأن مصر والسعودية ، توهموا وربما تأكدوا أن الداهية أمير قطر يسير بقافلة العرب وبفلسطين نحو دبلوماسية شر إيرانية سورية ، فتحركوا بثقلهم لإقناع القادة بإنقاص اكتمال نصاب القمة ،واجري مبارك مكالمتين بالقذافي لكي لا يذهب إلى الدوحة ، فأثر الرجل الأخضر كعادته الاعتكاف في خيمته ، وتكفل ولي أمرنا الثاني في الرياض أبو متعب بالإيحاء لولي أمرنا الأول في صنعاء بالتخلف عن القمة، فكان أن جر ابن عبد العزيز دون قصد منه اليمانيين لسوء فهم لرئيسهم المتخلف عن قمة الدوحة، وزاد علم الرئيس المسبق باحتمال حضور الثائر الحسيني احمدي نجاد القمة من مغريات البقاء بعيدا، وقصص إفشال القمم عادة لا يقوى الرؤساء على الإقلاع عنها، لأن دبلوماسية التلفونات الشريرة تترصد القمم من الداخل العربي ومن الخارج الغربي.

حسن الأشموري
إعلامي يماني قطر

زر الذهاب إلى الأعلى