[esi views ttl="1"]
الفكر والرأي

إعلام "القاعدة" وخيار المواجهة

محمد الأحمدي

أبرز العدد الثامن من مجلة "صدى الملاحم" قدرات إعلامية متطورة للتنظيم، سواءً من حيث الشكل، أو المضمون، فإخرج المجلة، بحسب الكاتب منير الماوري، في منتهى الحرفية، ويكاد يظن القارئ أنها أعدت للطباعة في مطابع التوجيه المعنوي بالعاصمة صنعاء، وليس في كهف من كهوف شبوة أو مأرب أو الجوف"، حسبما أورد في مقال نشرته أسبوعية "المصدر"، مؤكداً أن محتويات المجلة ليست كلها كفر، بل فيها ما يستحق التمعن، ويجيب على كثير من الأسئلة، حسب تعبيره، ولدى كتابها قدرة فائقة على ملامسة مشاعر الناس عندما يتطرق هؤلاء الكتاب لمساوئ السلطة الظالمة، لكنه قال إنهم يخسرون هذا التعاطف بمجرد أن يعودوا لترديد اسطوانتهم المشروخة عن أخطار الصليبيين واليهود.

أما من حيث المضمون فقد حفل الإصدار القاعدي الجديد برزنامة من التناولات الإعلامية بدءاً بالافتتاحية (أحزاب اليوم)، التي شنت هجوماً شديد اللهجة على كل من النظامين اليمني والسعودي لتعاونهما في المجال الأمني ومطاردة عناصر "القاعدة" في اليمن، مروراً بكلمة الأمير أبو بصير ناصر الوحيشي بعنوان (ويمكرون ويمكر الله) وهي الكلمة التي سبق وأن بثها التنظيم في مواقع الإنترنت قبل أسابيع، وانتهاءً بالتنويه الذي أكد من خلاله الجهاز الإعلامي لل"القاعدة" على صحة الحوار الذي أجراه الصحفي عبدالإله حيدر شائع مع أمير التنظيم ناصر الوحيشي قبل أسابيع، في الوقت الذي حذر التنظيم من أن أي شئ لا يصدر عن مؤسسة الملاحم أو مركز الفجر للإعلام أو تؤكدان على صحته لا يمت للقاعدة بأي صلة، بما في ذلك التصريحات التي جاءت على لسان المدعو أبو أسامه في صحيفة الوسط اليمنية باسم تنظيم القاعدة.

الإصدار الثامن من "صدى الملاحم" كشف مدى الكراهية التي يحملها التنظيم للنظام الحاكم في اليمن، وهو عداء حقيقي لا يمكن التشكيك فيه، حسبما يذهب إليه بعض المحللين من أن ثمة تعاون بين النظام اليمني وعناصر "القاعدة"، بل جاءت مقالة القائد الميداني للتنظيم قاسم الريمي "أبو هريرة الصنعاني" تحت عنوان " ما الذي أغاظ علي صالح؟" لتكشف حجم هذا العداء المستحكم على علاقة الطرفين، حيث كالَ "أبو هريرة" سيلاً من الكلمات والأوصاف المقذعة في حق العميد أحمد علي عبدالله صالح، نجل رئيس الجمهورية، الأمر الذي يعزز من احتمالات أن تتحول المواجهات المحتملة القادمة بين عناصر التنظيم والحكومة في جانب منها إلى استهداف المصالح التابعة لأقرباء الرئيس على وجه الخصوص.

العدد الجديد من "صدى الملاحم"، أيضاً أزاح الستار عن قدرات إعلامية بشرية جيدة لدى التنظيم، بصرف النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف مع ما تطرحه، فالكاتب عدنان الأنصاري في الجزء الأول من مقاله (الجهاد آثار وثمار) بدا متابعاً بشكل جيد لكتابات الباحث الأميركي المتخصص في شؤون "القاعدة" في اليمن (غريغوري د. جونسين)، وكذا استطلاعات الرأي التي تقوم بها شبكة CNN الأميركية وتناولات كبيريات الصحف الأميركية والغربية حول قضايا "الجهاد" في العالم، والخسائر التي تتكبدها الولايات المتحدة في حربها المزعومة على "الإرهاب"، بل حتى كتاب (النوم مع الشيطان) لضابط المخابرات الأمريكي السابق روبرت باير كان أحد المراجع التي اعتمد عليها الأنصاري في مقاله، عندما أورد عبارة المؤلف: "إن اختطاف وتحكم انتحاري بطائرة واحده كبيرة أثناء إقلاعها من دبي وإسقاطها وسط رأس تنوره سيكون كافيا لتركيع اقتصاديات العالم المدمن على النفط"، للاستشهاد بها على النجاح الذي حققه تنظيم "القاعدة" في جر الولايات المتحدة إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، في أفغانستان والعراق، مشيداً بالنظرة الاسترانتيجية التي تتمتع بها قيادة "المجاهدين"، لتحديد الأهداف التي من شأنها استنزاف العدو وشل حركته وحيوته الاقتصادية، وذلك من خلال التوجيه بضرب مصالحه الاقتصادية في العالم الإسلامي وعلى رأسها المنشآت النفطية.

ومن حيث الجملة فإن نظرة استقرائية لمحتويات (صدى الملاحم) تكشف مدى إصرار تنظيم "القاعدة" في اليمن على المضي في طريق المواجهة الذي اختاره مع السلطة، في نفس الوقت الذي يستمر أداؤه الإعلامي لحشد مزيد من الشباب اليمني والخليجي للالتحاق بقياداته التي باتت على رأس قائمة المطلوبين للنظامين اليمني والسعودي، والانضمام إلى صفوفهم للقتال ضد من سماهم أمير التنظيم "آل سلول والأسود العنسي"، في إشارة إلى كل من العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، باعتبارهما - طبقاً للتأصيل الفقهي لـ"القاعدة" -عملاء للصليبيين في جزيرة العرب، وفي حكم "المرتدين".

صحفي يمني - الغد

زر الذهاب إلى الأعلى