[esi views ttl="1"]
دراسات وبحوث

كيف أصبحت إيران هي من يدير القاعدة؟

المحرر السياسي

في البداية وقبل الدخول في محاولة الإجابة عن السؤال الوارد في عنوان هذه التناولة نجد أنه من المفيد الإقرار مسبقاً بجملة من النقاط، وهي كالتالي:

- أنه ما كان لهذا الموضوع أن يثار قبل هذا التوقيت إلا بعد توافر وتراكم معطيات عديدة تجعل البحث في جدلية العلاقة بين إيران والقاعدة أمراً وجيهاً.. بل وملحاً، لوضع كثير من النقاط على الكثير من الحروف.
- أن تصريحات العوفي الجمعة الماضية في التلفزيون السعودي قد جاءت لتشجع الكثيرين للإدلاء بدلوهم حول القاعدة وإيران. لكن تصريحات وملابسات سابقة لتصريحات العوفي قد شدت انتباه بعض المحللين منذ ما يقرب سنوات.
- أنه كان من المتوقع وصار الآن من المؤكد أن تصريحات العوفي ستقابل بعمليات من التضليل والتشكيك والتجاهل من قبل محللين ووسائل إعلام تتمتع فيها إيران بدرجة أو بأخرى من النفوذ.. فإنه كذلك يجدر التأكيد المسبق على صعوبة إثبات علاقة القاعدة بإيران، ابتدءاً، بسبب أن جزءاً مهماً من إدارة إيران لهذه العلاقة يرتكز على التضليل وإظهار التناقض المطلق بين المشروعين (القاعدة وإيران). وهو ما يقودنا أيضاً إلى التأكيد المسبق على أن استغلال إيران للقاعدة، لا يعني تحولها إلى حركة شيعية.. كما أنه لا يعني كذلك أن القيادات الوسطى والدنيا من القاعدة، على إلمام بهذه العلاقة.

وبداية: أصبحت إيران هي من يدير القاعدة الآن.. ملخص الحكاية هو أنه بعد الهجوم الأمريكي على كابل وقندهار (والذي كان بإيعاز وإغراء وتسهيل من إيران)، بدأت تقهقرات القاعدة نحو أكثر من اتجاه.. جزء منهم هرب نحو باكستان ليقعوا بأيدي الأجهزة الأمريكية وأودع الكثير منهم في معتقل جوانتاناموا. لكن الجزء الأهم من قيادة القاعدة هربوا نحو إيران التي كانت مستعدة لاستقبالهم وبشكل جيد وقامت باستدراجهم حول أساليب تواصلهم مع فروعهم في أنحاء العالم..

وعكس ما فعل الأمريكيون لم يعلن الإيرانيون أنهم قبضوا على مجاميع قيادية في القاعده لديهم بدقة.. وكانوا قبلها وبالذات أثناء القصف الأمريكي على القاعدة وطالبان قد تواصلوا مع الأخيرين مسهلين لهم اجراءات الفرار عبر إيران مستغلين "أطروحة" أن أمريكا عدو مشترك للطرفين (القاعدة وإيران).

وبعد أن اكتشف الإيرانيون الكثير من أساليب تواصل القاعدة مع بعضها البعض.. قاموا هم (أي الإيرانيون) بهذا التواصل وأصبحت طهران هي التي تدير شبكات القاعدة في العالم وفقاً لأجندة خاصة بها متقمصة أساليب القاعدة وخطابها ومستفيدة من الأخطاء الأمريكية في مكافحة الإرهاب وفي إسقاط العراق.

تصريحات القيادي العضو في التلفزيون السعودي الجمعة الماضية جاءت لتشعل عود الثقاب الأول على نطاق إعلامي أوسع لتضعها من الآن فصاعداً على قائمة الإهتمام والتحليل، ما يعني أن ثمة جديداً حقيقياً سيتم معرفته في قادم الأشهر والسنوات فيما يتعلق بالإرهاب والقاعدة وإيران.

قال العوفي أنه شعر أن دولاً تقود هذه الفئة القليلة في اليمن (القاعدة)، مضيفاً أن شخصية من قبل الحوثي الموالي لإيران جاءت لتعرض عليهم الدعم من طهران.. وهذا يحمل دلالات عدة، أولها أن إيران أرادت أن ينتقل تعاملها مع القاعدة من الأسلوب المضلل إلى التبعية المباشرة.

ومن هنا فقط نعرف أحد مغازي شعار الحوثيين في اختيار شعار الموت لأمريكا، وذلك لجذب عواطف القاعدة والتنسيق معهم لعمليات إرهابية مشتركة ضد صنعاء والرياض بدعوى أنهما تدعمان التوغل الأمريكي للمنطقة!!

من الصعب على الحوثي الوصول إلى قيادة القاعدة ما لم يكن لديه خارطة وصول من طهران التي أصبحت بمثابة غرفة عمليات لأنشطة القاعدة، وفيما يتعلق بالحالة اليمنية بالذات فإن العديد من المراقبين والكثير من التقارير الصحفية قد تنبهت وتساءلت عن طبيعة التناوب العجيب بين الحوثي والقاعدة في اليمن، فما إن يهدأ الحوثي حتى تستأنف القاعدة عملياتها والعكس صحيح.. وأحياناً عندما يتم تضييق الخناق على أحدهما نجد الأخر يقوم بعملية ملفتة تخفف من وطأة التضييق على صاحبه.

لقد أصبحت القاعدة لعبة سياسية وإعلامية بيد أمريكا لكنها أصبحت لعبة عملية بيد إيران..

وكما أسلفنا فإن قاعدة العراق هي الأخرى جاءت لتخدم الأهداف الإيرانية الأمريكية عن طريق قيامها بأعمال إجرامية طائفية تبرر من "الجهة السنية" مجازر إيران الطائفية وإباداتها الجماعية لعشرات الآلاف من السنة وتهجير مئات الآلاف عن مدنهم. كما تبرر لأمريكا استمرار استخدام أسلوب القصف والدمار.

والمتابع لبيانات القاعدة في السنوات الماضية حول الأحداث يجد أنها تحمل لغة القاعدة ومقاصد إيران، لقد نجح الإيرانيون في الحصول على معلومات حول القاعدة بما لا يقارن مع ما وقع بيد الأمريكيين، وذلك لأن الإيرانيين استخدموا أسلوب الاستدراج والخديعة في استخراج المعلومة. عكس الأمريكيين الذين استخدموا أسلوب الإهانة والتعذيب في معتقل غوانتنامو.

زد على ذلك أن الإيرانيين بحكم قربهم الجغرافي من أفغانستان كان لديهم مسبقاً معلومات كثيرة حول القاعدة قاموا ببيع بعضها لواشنطن أثناء إسقاط أفغانستان.

وعموماً، هنالك قصة عالمية خطيرة صبغت الأحداث العالمية في العقد المنصرم موقعها الشرق الأوسط وموجزها ما يلي:

اتفق الأمريكان والإيرانيون على إسقاط عدوين مشتركين لهما "طالبان وصدام"، وقام الإيرانيون بدورهم بتقديم الدعم اللوجستي والجغرافي، وكذا التحريض الكافي للأمريكان وبالفعل نجح التحالف الإيراني الأمريكي الذي تم تضليله من الناحية الإعلامية بشكل مدروس بحيث تم تصوير أن كلاً من إيران وأمريكا يعيشان عداوة مستفحلة (تماماً كما حدث إبان فضيحة "إيران جيت" منتصف الثمانينات).

لكن الحليفين الشريكين على ما يبدو اختلفا بعد ذلك ساعة اقتسام الغنائم. وكان الإيرانيون هم الأذكى حينها، بسبب كونهم كانوا يمتلكون خطة احلالية لما بعد سقوط النظامين في "بغداد وكابول" وهو ما لم يكن متوفراً أو ممكنا لدى الأمريكيين الذين ابتلعوا الفشل بكتمان شديد خشية الشماتة وحاولوا بعد ذلك الضغط على إيران للتخفيف من طمعها حيال الغنائم، وذلك من خلال إثارة زوبعة البرنامج النووي الإيراني الذي لا يعد
وجوده أمراً جديداً، ولا مشكلة حديثة؛ بل هو أمر واقع منذ ثلاثة عقود من الزمن، لكنه أثير مؤخراً كورقة ضغط لا أكثر، من قبل الأمريكيين على إيران في محاولة يائسة لاستدراك بعض الغنائم أو حتى للخروج بماء الوجه.

سيطرت إيران على العراق حكومة وشارعاً كما سيطرت على الداخل الأفغاني واستمالت الكثير من محافظي المحافظات الأفغانية، بل وشرعت إلى تنفيذ مشاريع استراتيجية في محافظات الغرب الأفغاني، الذي تتعامل معه إيران منذ سقوط القاعدة وطالبان باعتباره جزءاً من الأراضي الإيرانية.. تم استعادته!!

أوباما يأتي بالحل!

هكذا انتهت ملامح اللعبة مع ذهاب بوش ليأتي أوباما بحل توافقي جديد مفاده:
العراق لإيران وأفغانستان لأمريكا، وهو حل ذكي يضمن الأمريكيون من خلاله بقاء إيران "بعبعاً" يهدد الدول العربية ويبرر بقاء القوات الأمريكية في منابع النفط ومياه الخليج.. في الوقت الذي يبقي الحضور السياسي والعسكري لأمريكا في أفغانستان، كبحاً لصعود الدب الروسي الذي كشر عن أنيابه في أزمة جورجيا الأخيرة.. على أن تشتغل الإدارة الأمريكية بالقارة البكر (أفريقيا) تأميناً للطاقة ويتعاون الطرفان (الأمريكي والإيراني) لتغيير نظام الحكم في باكستان الذي لا يزال يحتفظ لنفسه ببعض السيادة في المفاعل النووي والقنبلة الذرية الباكستانية، التي ترى فيها إيران أنها ورقة ضغط يمكن استعمالها بطريقة أو بأخرى من الدول العربية الحليفة لباكستان لتخفيف الضغوط الخارجية عليها، وكذا للحيلولة دون أن ينطلق من باكستان أي برنامج تحريري تجاه أفغانستان.

وبالنظر إلى حاصل الأرباح والخسائر فإن الأمريكيين أيضاً لم يخسروا، فلقد أسقطوا صدام والقاعدة، وأمّنوا إسرائيل، وأحكموا قبضتهم على حنفيات النفط وعززوا تواجدهم حول بحر قزوين. وأصبحوا المتحكمين في تجارة المخدرات في العالم، مع حرص الطرفين أمريكا وإيران، على أن يظل إرهاب القاعدة شعاراً مرفوعاً في سماء الإعلام يمكن إيران من إدارة قاعدتها في المنطقة ومواصلة الإحياء الشيعي ويمّكن أمريكا من التحرك السلس بالأسطول السادس إلى أي مكان في العالم.

إيران دولة صاعدة بأجندة مذهبية وعنصرية غايتها السيطرة السياسية والدينية على منطقة الجزيرة والخليج وتغيير طقوس الحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة وتحويل الطقوس الدينية إلى الكوفة وكربلاء.. وهو ما يتواءم مع المخطط الاسرائيلي في المنطقة ويخدمه، لهذا تشجع الأجندة الغربية الإسرائيلية مشروع إيران التوسعي الذي يحدث الآن خللاً في المشروع الأيديولوجي لنهوض العرب (الإسلام). كما أنه يشغل العرب عن إسرائيل، لذا يعمد اليهود إلى تخفيف شعور الأمريكيين بالخسائر جراء صعود إيران.

والمراقب لطريقة إدارة واشنطن وطهران لأهدافهما المشتركة يلحظ تزامن صعود الجمهوريين في واشنطن والمحافظين في إيران، وكلاهما يتبع سياسة التضليل الإعلامي، وإظهار العداوة بين البلدين، وكذا تزامن صعود الديمقراطيين في واشنطن والإصلاحيين في طهران، وكلاهما يريان ضرورة للتخفيف من هذا التضليل الإعلامي، ويفضلان أن يكون التنسيق بين البلدين واضحاً ومكشوفاً.

لهذا من المرجح أن يكون الرئيس القادم في طهران من الإصلاحيين خصوصاً بعد صيرورة أكبر متطرفي اليمين الإسرائيلي بنيامين نتناياهو رئيساً لوزراء إسرائيل (علماً أن نتنياهو أصدر قراراً أثناء تولية رئاسة الوزراء في المرة الأولى يقضي بتحريم نشر أية معلومات عن أي تعاون عسكري أو تجاري أو حتى زراعي بين طهران أو تل أبيب لكي يمنع محامي الدفاع في قضية رجل أعمال يهودي "ماحوام منبار" بتصدير مواد كيماوية إلى إيران من كشف معلومات خطيرة تلحق الضرر بأمن اسرائيل وعلاقاتها الخارجية)!!.

إيران لا تحتاج نفط العرب ولا ثرواتهم، ولم يكن يوجد أمامها أي صعوبة في أن تصبح قائدة لدول المنطقة العربية.. لكنها لا تريد أن يتم لها ذلك بشكل سلمي، الأمر الذي يؤكد على أن الاستراتيجيا الإيرانية تحركها ديماغوجيا أيديولوجية ترى أن زمن "المهدي المنتظر" لن ينبلج إلا بمقتل تسعة أعشار العرب!!

وهاهي ذي النقطة المضيئة الوحيدة التي يمكن احتسابها لصالح إيران (حزب الله) تتحول إلى أداة إيرانية للضغط على الداخل اللبناني، وذلك بعد أن أمّن الأسرائيليون أنفسهم من هجمات المقاومة بقوات اليونفيل الدولية التي حلت محل حزب الله في الحدود اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي.

* * *

كل ما سبق يدعو ولا شك لجعل جدلية العلاقة بين إيران والقاعدة محور اهتمام في قادم الأسابيع والشهور.. علماً أن كثيراً من الأقلام والتحليلات التي تؤيد السياسة الإيرانية تحاول الآن جاهدة أن تصور مسألة إثارة النقاش حولة علاقة إيران والقاعدة وكأنها خطة أمريكية تحول دون التحاق المزيد من الشباب بتنظيم القاعدة.

بل إن الأدهى الذي يدعو إلى جعل هذا الموضوع حرياً بالبحث والاهتمام، هو الاستنفار المسبق الذي يصب في نفي أي علاقة بين إيران والقاعدة من قبل وسائل الإعلام الموالية لإيران بمجرد وجود خيط بسيط عن هذه العلاقة لم يكن يستحق كل هذا الاستنفار..

أقول: الاستنفار الإعلامي الإيراني يوسِّع هو الآخر من دوائر الشك والتحليل المنطقي لسيرورة الأحداث منذ ما قبل الـ11 من سبتمبر يؤكد وبقوة أن موضوع القاعدة لا زال يحبل بالأسرار الكبيرة والخطيرة التي يمثل خروجها الآن تحدياً حقيقياً أمام قادة الرأي في الوطن العربي.

إضافات مقتبسة:

كان ناصر الوحيشي زعيم القاعدة في جزيرة معتقل في إيران وسلمته إلى السطات اليمنية، وقد أكد ذلك في الحوار الذي أجاره معه الزميل عبدالإله حيد شايع في صحيفة الناس ونشر أيضاً في الجزيرة نت.

من بين الـ25 الفارين إلى إيران والمقيمين حالياً في فنادق راقية بطهران، وفي معسكرات تدريب في ضواحي العاصمة وفي الطريق الممتدة بينها وقم.. ثلاثة من أبناء أسامة بن لادن، هم سعد ومحمد وعثمان، ضمن خمسة وعشرين من قادة القاعدة قالت شهرية "سيسيرو" الألمانية أن عناصر من الحرس الثوري يقومون بإيوائهم، وبينهم سليمان أبو غيث المتحدث باسم تنظيم القاعدة ويقدمون لهم دعماً لوجستياً وتدريبات عسكرية. وقالت المجلة ذاته ان هؤلاء المسؤولين الـ25 يتحدرون من مصر والسعودية واوزبكستان وشمال افريقيا وحتي اوروبا. وكان مقال سابق في هذه المجلة تحدث عن علاقات محتملة بين إيران والاسلامي الاردني المتطرف ابومصعب الزرقاوي أدي في سبتمبر الي قيام الشرطة الجنائية الألمانية بعملية تفتيش لمقري الصحفي والصحيفة في بوتسدام قرب برلين.

وفي جانب آخر، قال ابو جندل الحارس الشخصي لبن لادن سابقاً في حوار مع فناة "العربية" إن تنظيم القاعدة يقيم علاقة وصلات مع الحكومة الإيرانية لأن عدوهما واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية. وزاد "هناك شخصيات في القاعدة تتابع ملف التعاون مع إيران مثل سيف العدل وأبو حفص الموريتاني ووجود شخصيات من القاعدة في إيران هو للتنسيق وهذا لا يعني أبدا أن القاعدة تقاتل وفق الطريقة والأجندة الإيرانية".

إلى ذلك فقد كان من أوائل من نبهوا إلى أن تنظيم القاعدة أصبح بيد إيران رابطة ضباط الأجهزة الأمنية العراقية الذين تم تسريحهم بعد إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، ليشكلوا بعد ذلك رابطة يقومون من خلالها ببعض الأنشطة الاستخباراتية لصالح الدول العربية.

وقدمت الرابطة تقريراً منتصف العام الماضي إلى الأجهزة السعودية ونشر ملخصه بعد ذلك في "شبكة البصرة" العراقية، مفاده أن تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية "مزيف" وأن تبعيته الحقيقية هي لإيران.. مؤكداً على أن إيران أعتمدت في مخططها "التكتيكات الصهيونية والأمريكية واستعانت بتجارب اجهزة مخابرات اخرى في تجنيد الجواسيس والعملاء وكذلك استدراج قوى (وطنية في منطقة الخليج العربي) بأساليب مبنية على الخبث والمكر والخديعة والتوريط".. وأضافت أنه "ورغم ان الرابطة متيقنة ان الجهد الامني والمخابراتي في المملكة العربية السعودية مطمئن تماماً ولكن لابد من الاشارة بوضوح إلى الجوانب الواهنة التي يستغلها المخطط الإيراني للنيل منها وضرورة اتخاذ اعلى درجات الدقة والحيطة والحذر في رد كيد اعداء الامة العربية والاسلامية لان الاجهزة السعودية ينبغي عليها ان تدرك انها تتعامل مع عدو لها يجيد بكفاءة المكر الخداع، ويحسن الغش والاختفاء وهو قد تخلى عن كل الصفات الانسانية والفروسية التي يتحلى بها الخصوم الشجعان وتعمل بمبدأ التقية الفارسية لبلوغ اهدافها". (شبكة البصرة 11 تموز 2008)

إلى ذلك فإن تحقيقات أثناء محاكمة متهمين في البحرين (سبتمبر 2007) كشفت عن حقائق علاقة القاعدة بإيران.. فقد أقرّ متهم بحريني في قضية "تمويل الإرهاب" أمام النيابة العامة بقيامه مع متهم سابق حكم عليه في قضايا مشابهة بتسليم مبالغ مالية إلى مسئول تنظيم القاعدة في إيران، كما أقرّ بتلقيه تدريبات بدنية وعسكرية في مخيم عين الحلوة (التابع لجماعة عصبة الأنصار) بلبنان، إذ تدرّب على أنواع من الأسلحة والقنابل اليدوية.

وكل ما سبق لم يكن ذا بال يستدعي عظيم الشكوك في مسألة تبعية قاعدة اليمن والسعودية لإيران حتى كشفت صحيفة التيلتغراف البرايطانية عن رسالة شكر وجهها تنظيم القاعدة إلى إيران لدعمها له في هجومه الأخير على السفارة الأميركية في اليمن (17 رمضان 1429ه)، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين غربيين -لم تسمهم- قولهم إن الرسالة التي تم اعتراضها، موقعة من القيادي الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وكُتبت بعد الهجوم على السفارة الأميركية في العاصمة اليمنية في سبتمبر/أيلول 2008. وأضافت الصحيفة على موقعها الالكتروني أن الرسالة كشفت عن الدور المتصاعد لسعد بن لادن، أحد أبناء زعيم القاعدة أسامة بن لادن، كوسيط بين القاعدة وإيران التي يعيش فيها تحت الإقامة الجبرية منذ سقوط حركة طالبان في أفغانستان عام 2001.

وتقول الصحيفة إن العشرات من كبار الناشطين في تنظيم القاعدة لجؤوا إلى إيران بعد سقوط حركة طالبان، ومكثوا في طهران منذ ذلك التاريخ، موضحة أن سعد بن لادن (29 عاما) كان مصدراً للقلق الغربي رغم تأكيدات طهران بأنه تحت الاعتقال الرسمي. كما نقلت عن المسؤولين الأمنيين الغربيين قولهم إن تنظيم القاعدة أشاد في رسالته بقيادة حرس الثورة الإيراني وبكرم إيران، التي بدون "مساعدتها المادية في إنشاء البنية التحتية" لم تكن لتتمكن من تنفيذ الهجمات.

كما وجهت الرسالة الشكر إلى إيران –بحسب الصحيفة- على امتلاكها "رؤية" لمساعدتها المنظمة بتأسيس قاعدة جديدة في اليمن، الذي شهد العام الماضي عشر هجمات على صلة بالقاعدة بينها هجومان على السفارة الأميركية.

وبحسب مسؤول أمني غربي كبير فإن إيران نشطة في اليمن الذي أصبح -كما نقلت عنه الصحيفة- "قاعدة إستراتيجية رئيسية لعمليات القاعدة" و"منطقة خصبة للتجنيد" مضيفاً أن "حرس الثورة الإيراني وفر دعماً مهماً لمساعدة القاعدة في تحويل اليمن إلى مركز رئيسي للعمليات".

وتضيف الصحيفة أن إيران كانت معبراً رئيسياً لأتباع القاعدة يتيح لهم التنقل بين ساحات المعارك في الشرق الأوسط وآسيا، وقالت إن مسؤولي الأمن الغربيين توصلوا إلى أن حرس الثورة الإيراني دعم خلايا القاعدة رغم الاختلاف الطائفي بين إيران الشيعية وتنظيم القاعدة السني.

مع العلم أن علاقة إيران بالتنظيمات الجهادية السنية المصرية قديمة تمتد إلى عام 1979 وتوطدت بعد مقتل السادات على يد "الإسلام بولي" الذي أصبح له شارع في طهران حتى اليوم. علماً أن التنظيم الخاص بأيمن الظواهري لم يندمج مع التنظيم الخاص بأسامة بن لادن إلا في العام 1998، حيث تذهب التحليلات إلى أن الظواهري هو الذي سرق نسق عملية انتقال تنظيم القاعدة من أصابع بن ولادن إلى أصابع إيران.

وكان التقرير النهائي للجنة المستقلة التي تولت التحقيق في ملابسات هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام‏2001‏ ذهب في استنتاجاته إلي أن "علاقة تنظيم القاعدة بإيران وجماعة حزب الله أكثر عمقا وأطول زمنا من علاقة القاعدة بالعراق‏،‏ الذي لم يثبت إقامته أي روابط عملية بهذا التنظيم"‏.‏

إلى جانب كل ما سبق يمكن الاستئناس كذلك بتصريحات على النعيمي الناطق الإعلامي للجيش الإسلامي العراق ردا على سؤال، في اللقاء المفتوح الذي نشرته مؤسسة البراق، يتعلق باتهامات البغدادي (القيادي في قاعدة العراق) في خطاب سابق له من أن جبهة الجهاد والإصلاح "شابَهوا الرافضةَ في أسلوبِ التَّقِيَّةِ"، مجيبا بأن: "كل المؤشرات تشير إلى قيام القاعدة بتنفيذ مخطط إيراني لإرهاق أهل السنة وإظهارهم بأبشع صورة ليتسنى لإيران التدخل بعد عجز أمريكا لحماية أتباع أهل البيت المساكين من النواصب الوهابية السفاحين هذا أصبح بائنا بينونة لا غموض فيها ونحن لهذه المخططات بالمرصاد والله المستعان"؟ .. علماً أن القاعدة في العراق أطلقت صراح القنصل الإيراني الذي احتجزه الجيش الإسلامي وسلمه للقاعدة فيما بعد (آب 2004).

وإضافة إلى كل ما سبق يقول عبدالرحمن الراشد (رئيس تحرير الشرق الأوسط) أن القاعدة تنشط من داخل إيران وأن كبار قياداتها ينشطون من هناك، حيث التقطت اتصالاتهم الهاتفية من إيران وهم يعطون الإذن بالتفجير الذي وقع في الرياض. هناك ادلة كثيرة ضد إيران من بينها ان العمليات الهائلة في العراق نفذت بألغام وأسلحة إيرانية. ويذهب الراشد إلى أن القاعدة مجرد وسيلة تستخدم لمن استطاع إليها سبيلا، كما كان يفعل تنظيم أبو نضال في السبعينيات والثمانينيات، مجرد بندقية مؤجرة ترفع شعارات مزورة.

يرجى ذكر المصدر في حال النقل أو الاقتباس

زر الذهاب إلى الأعلى