[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

اليمن.. وطن يبحث عن عاصمة *ياسين الزكري

مؤخراً تداولت بعض الصحف خبراً مفاده وجود مشاورات بنقل العاصمة السياسية من صنعاء إلى عدن.

القراءات التالية اتجهت صوب مسالة تعزيز الوحدة وما يمكن لنقل العاصمة إلى عدن إحداثه من تعزيز لأواصر الوحدة الوطنية.

الشيخ العواضي ومن خلال مبادرته لإنقاذ الوضع المأزوم الذي دخلته البلاد، اقترح من جهته نقل العاصمة إلى تعز"الجند"تحديداً كواحد من بنود الحل المفترضة للأزمة من خلال مبادرة المخاليف السبعة التي تقدم بها وحظيت بمناقشات وتأييدات وملاحظات عدة.

وإذا كان مقترح مبادرة الشيخ العواضي بنقل العاصمة إلى الجند يأتي ضمن رؤيته لإيجاد مخرج من الأزمة بنية حسنة مع وجود ملاحظات ،فإن مسألة نقل العاصمة السياسية إلى عدن ينزع على ما يبدو إلى الحرص على أسعار منهوبات الحرب أكثر من الحرص على الوحدة..

الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الجهد. والحكومة قد لا تكون كاذبة هذه المرة في نفيها صحة الخبر من حيث وجود نية أو مشاورات ذلك أن الأمر لا يزيد عن كونه مجرد شائعة الهدف منها رفع سعر "البقع المنهوبة" من الأرض مرحلة فيد 94 الحربية. ولا شك أن لتزامن هذا الخبر مع خبر هبوط أسعار الأراضي وتوجه كثير من القادة إلى بيع البقع هناك معنى.

انخراط قوى جديدة في الحراك الجنوبي والتحولات التي صنعها انخراط هذه القوى واجتهادات المطبخ الرسمي صوب إشعال فتيل التوتر وتسخين الأجواء جعل بعض القادة العسكريين على مايبدو يفكرون ببيع البقع المنهوبة وعلى طريقة التفكير البلدي "ازرع بصل يزرع من حولك مثلك"، والمحصلة بيع بأبخس الأثمان. انتقلت عدوى التفكير ذاته من هذا لذاك فزاد العرض على الطلب وزاد سعار الخوف من سوء المآل فهبطت أسعار الأراضي في تلك المناطق إلى الحضيض.

ولإنقاذ السعر وليس الوطن كان لابد من إجراء من نوع ما لرفع سعر البيع، فجاءت شائعة النية بنقل العاصمة إلى عدن وجاءت عملية الخشية على الوحدة الوطنية من باب الإخراج الفني المقنع للشائعة على ما يبدو.والسؤال هل نحتاج فعلاً إلى العاصمة؟

بغض النظر عن أي تاريخ وأي صفحة في التاريخ ورد فيها ذلك فإن صنعاء لم تعد تملك أي من المقومات الأساسية لتكون عاصمة للبلاد سوى أنها ثكنة عسكرية يأمن فيها الساسة الكبار من ناحية فيما يأتي إليها اليمنيون من كل اتجاه للعمل وتنشيط سوقها وإنفاق دخلهم على أهالي صنعاء "المؤجر،العاقل،المعامل،الحارس،المسؤول، الشيخ،و.....الخ" وما سوى ذلك جفاف الماء الوشيك والزحام غير المنطقي والبنى التحتية غير الكافية لإتمام أي مشروع حيوي كبير الأمر الذي لا يضمن أكثر من تضخيم كلفة أي إضافة أو إصلاح.

لا يختلف عاقلان في اليمن إذاً على الحاجة لعاصمة بديلة، لكن العاقلان أيضا لن يتفقا على منطقية أن تكون عدن أو تعز قابلة لأن تكون عاصمة.

فكرة التحول لعاصمة بديلة لها ما يبررها بالتأكيد، لكن المنطق يقول أن نقل العاصمة يخضع دوماً لعدة اعتبارات أهمها توفر عوامل الحياة كتوفر الماء مثلاً .. متوسط المكان، لكن الأهم في حال مناقشة موضوع من هذا النوع التركيز على العامل السكاني، إذ أن التفكير بعاصمة بديلة ينبغي أن يركز على إحياء أرض وليس حرقها، واستهداف إعادة توزيع للسكان وليس تكويم السكان فوق رؤوس الزحام.

لا تحتمل عدن ولا تعز الطاردة للسكان أصلاً بحكم طبيعتها الصخرية وانعدام الماء فيها إلى تعبئة سكانية جديدة، كما لا يوجد في هاتين المحافظتين مساحات كافية لاستيعاب عشرات الألوية العسكرية الحامية للعاصمة ولا تحتمل حرارة إضافية بفعل التلوث والزحام الذي يرافق التعوصم إن جاز الوصف.

ففي المحافظتين ما يكفي من النكد والزحام وكره العيشة بفعل "حكمة" النظام و"إنجازات" الحكومة التي تغار منها السيول على ما يبدو! التفكير بعاصمة بديلة لا يعني إضافة زحام صنعاء إلى زحام تعز التي لم تتسع لأبنائها أوعدن المتخمة بالسكان بل إلى أرض خالية يتم إحياؤها وتحضيرها وتوفير أكبر عدد من فرص العمل وحل مشكلات التشرد السكاني الذي صار صفة ملازمة للتفكير بعكس المنطق.

التفكير بعاصمة بديلة يحتاج أن يتجه النظر شرقاً هناك حيث المنطقة الخالية من الحياة والسكان في المسافة مابين حضرموت وشبوة على سبيل المثال. هناك يمكنك الاسهام في حل مشكلة البطالة وتسكين اليمني الغريب في وطنه وتحضير منطقة ميتة وتخطيط مدينة حديثة بالقرب من منطقة صناعية نفطية مفترضة وبالقرب من منطقة يخشى من سقوطها من الخارطة سهواً وفيها عوامل الحياة للوطن الذي اسقط من حساباته الزراعة والناتج المحلي بمختلف تنوعاته الانتاجية واتجه صوب تشغيل البلاد على عائدات النفط (80%من ميزانية البلاد التشغيلية والناتج المحلي تعتمد على النفط) الذي يبدو أن بينه ومخزون الماء تحالف مغادرة البلاد خلال السنوات القليلة القادمة.

الشيخ العواضي مشكوراً ربما فكر في اختيار الجند من زاوية تاريخية تأثراً بتاريخية صنعاء السيارة في المقولات لكن البلاد بحاجة إلى عاصمة بديلة تحل المشكلات ولا تفاقمها.

• ياسين الزكري
[email protected]
• المصدر أونلاين

مواضيع متعلقة

الوحدة والانفصال.. سباق الزمن وضرورة تسريع نقل العاصمة إلى المكلا *عادل الأحمدي

زر الذهاب إلى الأعلى