[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

البيض والحوثي.. ومفاوضات ترسيم الوهم!!

باستثناء عودة التشطير فإن كل شيء وارد في اليمن.. هذا ملخص الحال وعلينا اختراع التفاصيل.

لم يكن خطاب البيض مفاجئاً للنخب الحية في اليمن، فلقد تواترت المؤشرات التي تنبي عن أن رياحاً سوداء تلوح في الأفق.. لهذا كان الاحتفال هذا العام بالوحدة من خلال عرض عسكري مهيب، يعتبر رسالة للخارج أكثر منه للداخل.

ويمكن القول اليوم أن البيض قتل الحراك الجنوبي، وأعطى للشارع اليمني النائم مبررات التأهب الحقيقي. ليعرف العالم حينها ضحالة عدد الانفصاليين قياساً بالوحدويين في جنوب اليمن قبل شماله.. ولا شك أن مهاترات ستنجم عن هذا الخطاب.. خصوصاً وأن اليمن بانتهاجه الصارخ لحرية التعبير وحرية الصحافة قد أتاح الفرصة للأصوات الانفصالية كي تتغلغل أطروحاتها عند بعض العوام الذين قد يهيأ لهم اليوم ان إعادة التشطير سهل، بينما هو اليوم أكثر من أي وقت مضى أبعد من عين الشمس.

لقد جاء خطاب البيض ليؤكد لليمنيين أن وحدتهم مهمة للغاية، وأن هناك من يتربص بها الدوائر ولا يزال..

ولاشك أن الشعب اليمني في الظروف القاهرة سيكون إيقاعه منضبطاً انضباط صفوف الجند في عرضهم العسكري المذهل يوم أمس، وجميعاً، كما قال البيض، سنترك الحزبية وضيق الانتماءات حفاظاً على اليمن.

قبل 90 ذاق اليمنيون مرارة التشطير، ولكنهم بعد الـ22 من مايو ذاقوا حلاوة الوحدة، وامتزج خلال عقدين من الزمان كل شيء.

لسنا العراق.. ولسنا الصومال.. هذا ما لا يهمنا أن يعرفه المتآمرون اليوم. وفي مثل هذا الظرف حري بكل الأقلام والمنابر والأحزاب أن لا تقول إلا ما فيه جمع للشمل وحقن للدماء.

ليس هذا وقت تسديد الأهداف في مرمى أحد.. واليمن اليوم من أقصى حوف إلى أقصى زبيد ستكون محرمة على البيض، حرمة الجنة على إبليس الرجيم.

لقد اعترف في خطابه أنه دخل الوحدة هرباً من ظروف قاسية (طالت العالم أجمع)، وبالتالي فإنه قد أخرس كل الأصوات الوطنية التي تنعته بالوحدوي.

توحد شعب ورضي قادة الوحدة بالاحتكام إلى خيار هذا الشعب عبر الصندوق.. فلما جاء خيار الشعب مغايراً لهوى طرف من الأطراف نكص وانهزم وغادر البلاد.. واليوم بسبب احتجاجات في بعض المحافظات وجد هذا المدحور فرصته للتمزيق من جديد.. صعب.. بل مستحيل.

في أواخر 94 قام بدر الدين الحوثي بحركة يائسة بعد اندحار البيض.. تعبيرا عن الوفاء لمعاهدة التمزيق.. واليوم يجتمع البيض مع يحيى الحوثي في ألمانيا ليتفاوضا على ترسيم حدود الوهم بينهما..

ليست بلادهم.. هذا منطق التاريخ ومؤدى الفِعال.. وإلا فإنه من الصعب على أي إنسان أن يحرق بيته ويشرد أهله.

كل ما ما يحدث هو أمر طبيعي، فمن السذاجة الظن بأن وحدة الشعب لن تتعرض للمخاطر.. والأكثر سذاجة هو الاعتقاد بأن الظروف المعيشية السيئة ستحول دون التفاني في حراسة الأمل الوحيد، وفي ساعة الصدق يلزم الحزم.. وبالحزم تعود للبعض عقولهم ، ومن أبى فهو حر.

زر الذهاب إلى الأعلى