[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

قناة "يمانية"..ومذيعو عدن (1) بقلم: حسن الأشموري

أياد كثيرة أو قليلة، لا يهم، امتدت للكتابة عن الإعلام أو الأرجح (الإظلام) اليماني الحكومي الذي يطل علينا كل يوم من الشاشات والراديو والصحافة الورقية والانترنت،وهو إعلام لم يجمعنا مع الانبهار أو مع تلك الصدمة التي تحدثت عنها ذات وقت المذيعة الجميلة أمل بلجون التي تقيم دائما في زمن القديس فالنتاين وشوارعه وقلوبه الحمراء حتى كتابة هذا المقال.

لازمان ولا هذه الأيام صدمنا الإعلام إيجابيا، ولم يخرج لا هو ولا نحن من الملل، وكل انجازاته بقنواته وصحفه المتعددة، التزاحم في الفضاء، تزاحم الغرباء المستضعفين، وما كسر حاجز الملل، ويبقى الحال (كما كُنت) هكذا يقول العسكر، ومن كما كنت، خرج استثناء التدخل السريع لقناة يمانية، الشعرة البيضاء في الثور الأسود،بتدخلها السريع في الفضاء الإعلامي كقوات النجم الساطع، تفك يمانية الآن شفرة العلاقة التي تبدوا غير مطبعة بين المتابع والإعلام، وتستحوذ يمانية كل يوم على منازل المشاهدين في كل أطراف اليمن وفي المهاجر، حيث يحن يمانيين الشتات، حنين البحث عن الوطن البعيد في أثير اليمن عبر قنواته.

وحتى سلامة البث عبر بدر، وسات عرب، ونايل مصر، هو في حديثنا،مسرح آخر،فحينا تظهر قنواتنا وحينا تتآمر عليها عفاريت سيارة في الفضاء، فلا تظهر إلا كوميض فنار السفن، انطفاء وإضاءة،ولعلها تمثل حقيقة أن اليمن السياسي الآن بين الانطفاء والإضاءة، وهو الخلل الفني الذي يسبق الانطفاء التام وبعدها نفكر جميعا في الظلام بالبحث عن الخلل في اليمن،لا عن الخلل في قنوات اليمن،وإن تجرأ احدنا بعد التفكير وبحث عنه في الظلام،فلن يعرف في زمنها من سيلحسه برصاصة انفصالية أو حوثية، أو يهدياه معا عاهة تلحسه ببطء حتى يفرغ المخلص عزرائيل من واجباته في مكان ما ويأتي إليه، وأظن أن وظيفة كبرى تنتظر المخلص في اليمن،فأعوانه من حوثيين وانفصاليين ينشطون في الظلام وفي الشروق لتوسعة المقبرة،في استعداد للمذابح الجماعية، فاستعدوا للذبح بقراءة القرآن على أنفسكم من الساعة،فلن يكون احد متوفرا ليقرأ سورة ياسين عليك، لأنهم يكونوا قد ذبحوا قبلك أو نسوا السورة من الأهوال، وسيأتي حينا من الدهر،تتمنى فقط، أن مٌت قبل أن تكون خريف شجرة،لفكرتين عليلتين في الهضبة الشمالية والجنوبية.

ولمن يظن أن الموت لن يشتهيه من الهضبتين سأواصل في موضوع العنوان .. والتدخل السريع لقناة يمانية يعيد الربط ويحيي رميم عظام الإعلام الحكومي، واسعافه بمستلزمات إنعاش تعيده إلى حفلات الحضور،وكل ذلك تقوم يمانية به في هدوء المسيرين لها، من مقدمي برامج وقراء الأخبار وطاقم المحطة التي أتمنى أن تحتل كل الأثير اليماني (لماذا نتزاحم بقنواتنا في الفضاء ونربك سماء اليمن) يمانية تكفي، عبر شخصيات متمرسة، تعيش الحدث وتظهر مع الحدث من الشاشة بشي من الهيبة ووفرة القراءة والتثقف وحسن عرض المعلومة، وتقديمها للناس في تفاعلية مقدمي ومقدمات البرامج، الناعمات الجميلات اللاتي يعطرن ليالينا وصباحاتنا، لا أريد أن أتوسع في الغزل فيظن أهلنا أن هذا الدحباشي ما رُزق أدبا،وقياسا على غزلي بمذيعات ومقدمات يمانية،لن أتغزل بمقدمي البرامج حفاظا على عالم الفحولة وجندري الذكوري، لكنهم نفر مسلحون بإطلاع واسع ومزودون بقوة الحضور وذكاء التدخل الحواري وكرم زمني حتى يكمل ضيف الحوار فكرته، عكس بعضهم الذييريد أن يفهمك أنه متابع أو مثقف أو متمكن فيتدخل بتعسف أثناء الحوار أو المقابلة فيشتت الضيف ويشتت المشاهد أو المستمع.

وهذا الصنف من الإعلاميين نشاهدهم في قنوات عربية مشهورة،ونجت يمانية من هؤلاء المتعسفين في التدخل المفاجئ،ويمانية من جهة بعيدة،فهمت أن الإعلام لا يجب أن يكون بهلوانيا،وكذلك المواضيع المثارة والخبر والتوعية والتثقيف والتوضيح وإماطة اللثام عن السيئات المجتمعية، وهي قناة نشطة رغم أنه يُخيل إليك أنها نائمة بعكس القناة الأولى، تقنعك أنها "مصحصحه" لكنها بالفعل نائمة، مع أن الإعلام هو الوظيفة النبيلة الذي لا صمت فيه لا بالكاميرا ولا بالكلمة،والإعلام لا يذهب إلى النعاس، حتى وإن ذهب الناس لذلك الشيء الغامض الذي يسمونه النوم،فالإعلام العصري لا ينام،مثل تلك التي لا تعرف معنى كلمة النوم.

إنها صحيفة من السي إن إن العملاقة،سألتها في زمن يبدوا الآن غابرا،إن كانت تنام، كنت أراها في مبنى المحطة في نيويورك في كل الأوقات في يوم واحد،صباح وظهر ومساء وغسق، أثناء حرب الخليج الأولى،وكانت إجابتها على السؤال بسؤال..ما النوم؟! استهوتني العبارة، فهمتها وفكرت فيها فلسفيا،ما النوم، الكثير من الناس لا ينامون، النساك العابدون، المظلومون المتألمون جوعا ومرضا وعشقا لا ينامون،والجند والشرطة واللصوص والمتآمرون والمسافرون والخائفون لا ينامون،وحتى رؤساء وبعض الملوك وخصوصا العرب، لا يعرفون النوم في الليل عندما يكون الليل سباتا،وشخصيا اعرف أن ملك المغرب الداهية الفقيه الحسن الثاني طيب الله ثراه، كان يتولى حراسة مملكته في الليل خوفا من يأخذ روحه الملكية متآمر،وفي أحسن الظروف يسرق المتآمر مملكته من تحت السرير ويسجنه في مملكته السابقة،وكان لا يذهب إلى النوم، إلا عندما يستيقظ شعبه، ويتأكد أن شعبة ذهب للعمل والطلاب في المدارس، كل ذلك خوفا من أن يغدر به النوم،كثير من الناس قادة وعاديون غدر بهم النوم وماتوا في النوم،ومثل الحسن كثير، علي عبد الله صالح كان احدهم،مع أني أفضل أن لا ينام أبدا فما اخترناه رئيسا أو اختار نفسه رئيسا لنا لينام،رئيس وينام هذا ليس عدلا.

والإعلام مثل الملوك والرؤساء لا يعرف النوم، ومع التحول إلى الإعلام الرقمي والذي أسفر عن تنوع واتساع متزايد في هذه الصناعة وفي السوق الإعلامية لم يعد هناك نوم، لكن هل يصلح الإعلام الصاحي بدون إعلاميي الصنعة من ثقافة وحضور وصوت وصورة وحبكة فنية وتفعيل تجديدي للمعلومة وتدخل حكومي واعي،ستكون الإجابة، لا،كثير من إعلاميينا بحاجة فادحة للتطوير في مساقات عدة،لنعود ليمانية،إعلامي عدن في مساقات الأبيرنس (الظهور)،أصواتهم رخيمة، والصوت ماكينة التلفزيون والإذاعة، هم يظهرون بأصوات ليست مشروخة أو حادة، تخرج الكلمة من أفواههم وأفواههن، قوية مكتملة مريحة للأذن لا غنج ولا سحب فيها مثل نغمة الكونترباز أو التشيللو (الكمان الكبير)،وغالبية نظرائهم ونظيراتهن في صنعاء وتعز أصواتهم حادة والحبال الصوتية مشدودة مثل نغمة الكمان المحمول على الكتف،طبعا ليس الجميع لكن تميز الأصوات محدود جدا بين هؤلاء الأقوام وأنا منهم،ومثل ذلك الحديدة وعموم مناطق القبائل، على عكسه أصوات عدن ولحج وحضرموت فيها ارتخاء وتشبع.

وتعالوا مرة ثانية إلى السي إن إن، وكل القنوات الفضائية الأميركية والبريطانية ودول كثيرة، في هذه البلدان لا يتم توظيف مقدمين،للأخبار والبرامج إلا من الشرق الأميركي لصفاء الصوت ورخامته ولوضوح اللكنة الانكليزية ولأن لهجة الجنوب الصوتية لا السياسية غير واضحة المخارج،طبعا أقصد الجنوب الأميركي من ولايات كنتاكي وألباما ومسيسبي واركنساو وساوث كارولينا ولويزيانيا وغيرهن من الولايات، وفي بريطانيا من النادر أن يكون المذيع في البي بي سي من اسكوتلندا أو ايرلندا الشمالية والجنوبية وغالبا، يكونون من إنقلاند،إلاإذا كان قد كسب لكنة انقلاند. كما أن المؤسسات الإعلامية لديها برامج لتدريب الحنجرة وشد الحبال الصوتية للمقدمين والمقدمات، وهم يدربون مذيعيهم عبرأحرفهكذا ( ددددددددددددددددددوررررررررررررررررررررو برررررررررررررر ودررررررررررر وقرررررررررررر و غررررررررررررر)وغيرها من سلسلة الأحرف التي تشتبك مع الأوتار الصوتية لتحفيزها،وتنطق النغمة أثناء التدريب مثل صوت الحفار على الإسفلت( لا اعرف كيف اكتبها أذهبوا إلى أقرب شارح تكسره الحكومة وما أكثرها وستعرفون كيف يتكلم الحفار ). ولنا تكملة إن مد الله جل جلالة في العمر عقودا أخرى..

• إعلامي يماني قطر
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى