من يتابع المؤتمرات الصحفية الأسبوعية لوزير الإعلام بصفته ناطقاً رسمياً باسم الحكومة يدرك جيداً كم كان الوسط الصحفي والإعلامي في اليمن متعطشاً لهذه الخطوة التي طال انتظارها سنوات، فمع سخونة القضايا والمستجدات التي تحدث في بلادنا في الآونة الأخيرة برزت الحاجة بقوة للمعلومة الحكومية بشأن كل تلك القضايا والمستجدات...
إذ يجد وزير الإعلام نفسه معنيا كل أسبوع ليس فقط بالرد على ما يتعلق بما اتخذته الحكومة من قرارات بل بالرد على الأسئلة الخاصة بالقضايا السياسية والأمنية وهي الأسئلة الغالبة، وهذا يعكس لنا حجم طغيان كل ما هو سياسي وأمني لدى صحفيينا على الجوانب الأخرى التي قد تكون متعلقة بالأمور الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها بل لعل الأسئلة التي قد تطرح بخصوص هذه القضايا الأخيرة لا تخلو من شيء من التسييس والمناكفة في أحيان كثيرة ولولا هدوء الأعصاب الذي يواجه به الوزير مثل هذه الاستفزازات لوجد نفسه في معارك أسبوعية مع بعض الزملاء المشاكسين!
أعلم ويعلم الجميع أن محاولات حكومية جادة لتعيين ناطق رسمي تبذل منذ أكثر من عشر سنوات لكنها لم تنجح ربما بسبب عجز في اتخاذ القرار وربما بسبب البحث عن ناطق كامل الأوصاف أو بسبب التردد والقلق من عدم نجاح هذه التجربة أو بسبب الخوف من الإدلاء بمعلومات معينة رغم أن كل شيء أصبح مكشوفاً من ناحية وما غمض كملته الإشاعات والتسريبات من ناحية أخرى وهذه كارثة بحد ذاتها...
المهم أن كل هذه الأسباب أو بعضها ظلت عائقاً أمام اتخاذ القرار إلى أن حسمه الرئيس علي عبدالله صالح في دقائق وبكل بساطة وبدون أي فلسفة أو تعقيدات خلال كلمته التاريخية أمام المؤتمر العام الرابع لنقابة الصحفيين اليمنيين في مارس الماضي عندما وجه وزير الإعلام بعمل مؤتمر صحفي أسبوعي عقب اجتماع مجلس الوزراء يقدم من خلاله كل المعلومات اللازمة عن نتائج اجتماع الحكومة والمستجدات...
وبالفعل فقد أثبت الرئيس فراسته وحسن اختياره وصوابية قراره إذ أصبح المؤتمر الصحفي الأسبوعي أهم نافذة يطل منها صحفيونا على ما تتخذه الحكومة من قرارات إضافة إلى ما هو أهم من ذلك والمتمثل بأنهم عثروا مؤخراً على صوت حكومي يوافيهم بالمستجدات حول القضايا الأمنية والسياسية الراهنة.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. لماذا عجزت الحكومات المتعاقبة على مدى أكثر من عشر سنوات عن حسم هذا الموضوع وحسمه الرئيس في دقائق رغم أنه ليس موضوعاً معقداً ألبتة؟! هو سؤال قد يمتد ليشمل أموراً أخرى كثيرة رغم ما تملكه كل حكوماتنا المتعاقبة من صلاحيات واسعة في اتخاذ القرار..
ويمكن أن نطرح السؤال بشكل آخر وهو لماذا البطء في اتخاذ القرار تجاه القضايا الهامة المرتبطة بحياة الناس كما هو حال مشكلة الكهرباء ومشكلة شحة المياه وغيرها من القضايا التي ليست الحكومة الحالية المسؤولة عنها بل مجموع الحكومات المتعاقبة منذ قيام الجمهورية اليمنية قبل تسعة عشر عاماً؟! سؤال يحتاج إلى التأمل...