[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

خطاب الحقد المناطقي وثقافة الگراهية والقتل على الهوية!!

باعتقادي أن جريمة العسكرية والتي جرت بتلك القسوة والوحشية، جاءت كنتيجة طبيعية للتعبئة الخاطئة والثقافة المغشوشة التي يتم الترويج لها خلال الفترة الماضية، من خلال الخطاب المناطقي المقيت والمقزز وبث روح الكراهية والعداء ضد ابناء المحافظات الشمالية الموجودين في المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن، هذا الخطاب الذي وصل إلى حد الجنون والهوس والكذب والافتراء والمغالطة وقلب الحقائق وتحريف وتزييف الوقائع والاحداث.

ومن ذلك الحديث عن اجتياح «الجنوب» وأن حرب 94م دحرت وألغت الوحدة، والأخطر من ذلك الادعاء والزعم أن ماحدث هو استباحة «الجنوب» ارضاً وانساناً وهوية وتاريخ وثقافة، حسب ماجاء في البيان الصادر عن احزاب اللقاء المشترك بمناسبة الذكرى الخامسة للسابع من يوليو.

وهذا البيان يعتبر الاول من نوعه للمشترك الذي تحدث بهذه اللغة وتناول القضية بهذا الاسلوب فقد تحدث عن «شعبنا في الجنوب» و «ترويع ابناء الجنوب الاحرار» وما ارتكبه نظام صنعاء بحق شعبنا في «الجنوب يعتبر جرائم ضد الانسانية» ودعا البيان ابناء حضرموت (شرق اليمن) إلى اعلان مواقف واضحة ووضع اجراءات رادعة وقائية لكل تلك الافعال وايقافها وتغليب سيادة الدستور والقانون ولست ادري كيف يتم التوفيق بين الاجراءات الرادعة وتغليب الدستور والقانون، وبين هذا ومطالبة العالم بحماية ابناء «الجنوب» حسب ماورد في بيان مشترك حضرموت الذي اعلن تمسكه الحازم بقضية «الجنوب» أرضاً وانساناً وهويه تحت راية النضال السلمي الوطني الديمقراطي!!؟

والسؤال ماذا تعني قضية الجنوب عندما تتجاوز الجوانب الحقوقية والسياسية إلى الأرض والإنسان والهوية هذه الثلاثية التي تعني الحديث عن الجنوب باعتباره كياناً سياسياً يتكون من ارض وانسان وهوية والمشكلة أن هذا الخطاب كان قبل سنة أو سنتين مرفوضاً وغير مقبول عند مشترك حضرموت وتحديداً عند الاصلاح وبعض الاشتراكي، وكان العميد ناصر النوبه من أوائل الذين تحدثوا عن الهوية والثقافة الجنوبية التي تم الغاؤها واستباحتها.

وكان مثل هذا الطرح اواخر سنة 2007م واوائل 2008م كان غير مقبول عند المشترك وأنه خطاب غير وطني باعتبار الهوية اليمنية واحدة حتى ايام التشطير والاستعمار، فما الذي جرى حتى يصبح خطاباً وطنياً وديمقراطياً ونضالاً سلمياً وخاصة أنه يأتي مع دعوة زعماء الدول العربية والغربية والمفوضية الاوربية وامين عام الجامعة العربية والامين العام للأمم المتحدة وكافة المنظمات الحقوقية والإنسانية وكل الشرفاء والمدافعين عن الإنسانية، دعوة الجميع لإعانة ابناء الجنوب من ارهاب وقمع نظام صنعاء واجهزته القمعية الأمنية والعسكرية والتحقيق في كل جرائمه !!

والسؤال المطروح مرة اخرى بماذا يختلف هذا الخطاب الذي يتبناه المشترك مع خطاب البيض والعطاس وباعوم والشنفرة والنوبة والفضلي وعبده النقيب ولطفي شطارة وغيرهم، لست بصدد ادانة احد ولا اصدار احكام، كل مافي الأمر انني احاول فهم القضية، وكباحث ومتابع اجد انني احترم الخطاب الواضح والصريح والتعبير عن المطالب من الاهداف والاتجاهات بكل شجاعة وشفافية وبصورة مباشرة وصادقة، بعيداً عن اللف والدوران والتلاعب بالالفاظ والعبارات واللعب بالعواطف والوجدان، واثبات الشيء ونقيضه، فما معنى الحديث عن النضال السلمي وتغليب القانون والدستور، طالما والقضية اصبحت تتمحور حول المطالبة بالانفصال واستعادة دولة «الجنوب»؟!.

ومشترك حضرموت في بيانه المذكور والمنشور في صحيفة الثوري بتاريخ 9 / 7 / 2009م لم يتطرق للوحدة ولا للدولة اليمنية ولا لوجود قضية وطنية، وانما كان الحديث عن - شعب الجنوب الحر - ونظام صنعاء القمعي، والجرائم ضد الإنسانية، واستباحة الهويه والتاريخ والثقافة والإنسان والارض في «الجنوب»!!

ومما يدعو للاستغراب والدهشة أن حرب وكارثة يناير 86م التي وقعت في إطار الشطر الجنوبي اليمني سابقاً كانت ذات طابع مناطقي غاية في الوضوح والسوء والغلو، فمع أن اطراف الصراع ينتمون ايدلوجياً وفكرياً للحزب الاشتراكي والماركسية، إلا انهم في 13يناير 86م انتقموا على اساس مناطقي وحدثت المذابح في وقت واحد سواء في اللجنة المركزية أو في سائر الوزارات والمؤسسات كل رفيق من الطرف البادئ بالحرب والصراع يقتل ويذبح رفاقه الذين من المنطقة الأخرى، بلا رحمة ولا هوادة، والذي غير موازين المعركة وجعل اصحاب علي ناصر محمد يخسرون أن الطرف الآخر طلب المدد والعون من قبائله وعشائره في الضالع ويافع وردفان.

حيث توافد المسلحون إلى عدن وحسموا المعركة وانتصروا لقادتهم وشهدائهم الاربعة، وبعد انتهاء المواجهات قام الطرف المنتصر بمواصلة القتل على الهوية وتتبع اصحاب ابين إلى قراهم ومناطقهم ومنازلهم وتمت عملية تصفية واغتيال وقتل امام الناس الذين كانوا مصدومين من هول المذابح والفجور في الخصومة وقتل العزل والمهزومين والمستسلمين. مما يؤكد على أن النزعة المناطقية ليست جديدة ولا وليدة حرب 94م وانما هي قديمة ومتأصلة لدى البعض في جنوب اليمن ، الذين ادمنوا واسرفوا في القتل والاغتيال على اساس الهوية والبطاقة الشخصية والمناطقية..

وهناك روايات تقول أن مقتل عبدالفتاح اسماعيل كان بدوافع مناطقية ومطامع سلطوية، وأنه نجا من مذبحة اللجنة المركزية وخرج هو واحد رفقائه وتم تصفيته على هذا الاساس، ومما يؤكد هذا الاحتمال والاتجاه أن عبدالفتاح قد تعرض للإقالة من رئاسة الدولة والنفي سنة 1980م على خلفية موقفه من الحرب مع الشطر الشمالي، فكما يذكر الاستاذ جارالله عمر فقد لعب عبدالفتاح اسماعيل دوراً رئيساً في ايقاف الحرب بين الشطرين سنة 79م، وكان حينها رئيس الدولة والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أي الرجل الأول في جنوب الوطن.

ونشأ على إثر وقف الحرب مع الشمال موقف نقدي تجاه عبدالفتاح اسماعيل عند القادة الذين كانوا متحمسين لاستمرار الحرب، واعتبروا عبدالفتاح مسؤولاً عن التراجع الذي حصل، خصوصاً بعد اتفاق الكويت، وتطور الأمر والخلاف إلى درجة أن كثيراً من اعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني عبروا عن استيائهم وطالبوا باستقالة عبدالفتاح اسماعيل من رئاسة الدولة والأمانة العامة للحزب، وانقسم المكتب السياسي بين مؤيد للاستقالة ومعارض لها، وبعد مناقشات جانبية توصل المكتب السياسي باغلبية كبيرة إلى قرار يطلب فيه من عبدالفتاح اعلان استقالته.

وكان جارالله عمر واحداً من الذين ذهبوا إلى منزل عبدالفتاح اسماعيل لتسليمه القرار الذي فوجئ به وسأل عن اسباب اتخاذه وبعد تفكير كتب عبدالفتاح الاستقالة التي لقيت معارضة كبيرة عند طرحها على اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، ومع ذلك استطاع التيار الآخر فرض الأمر الواقع وإقالة عبدالفتاح اسماعيل من رئاسة الدولة والأمانة للحزب، وتسلم هذين المنصبين علي ناصر محمد، في ابريل 1980م، بعدها تم نفي عبدالفتاح إلى موسكو، وحسب افادة جارالله عمر وشهادة الكثير فإن تصفية سالم ربيع علي 1978م وإقالة ونفي عبدالفتاح اسماعيل 1980م شكلت الاساس للأزمات والاشكالات اللاحقة التي توجت بكارثة وحرب يناير 86م الدموية التي كانت كارثة بكل المقاييس.

زر الذهاب إلى الأعلى