[esi views ttl="1"]
الفكر والرأي

متى يعلن الرئيس الصومالي عن دعمه للأمن والاستقرار في اليمن؟

تستدعي المصادر الرسمية منذ شهور بيانات وتصريحات عربية وغربية لتؤكد على مسألة واحدة، وهي عملية دعم وحدة اليمن وامنه واستقراره. يأتي ذلك على خلفية تصاعد العمليات الاحتجاجية والدعوات الانفصالية في المحافظات الجنوبية.

ومع الفارق الواضح بين التصريحات الدبلوماسية والمواقف السياسية الحقيقية للدول والتي عادة ما تكون عرضة للتغير طبقا لظروف الواقع، فان المثير في الامر، هو استدعاء المصادر الرسمية مواقف داعمة للوحدة من كتاب وصحفيين وهيئات ومنظمات وشخصيات لا تخطر على قلب بشر، ما دفع احد المعلقين الساخرين للقول "اخشى ان يأتي يوم نسمع فيه الرئيس الصومالي شيخ شريف احمد معلنا دعمه للامن والاستقرار في اليمن."

ونظرا للحالة الرسمية المتتابعة حد الملل، لا يعرف المراقب فيما اذا كانت الايام الماضية قد وافقت نبوءة القول الساخر ام لا. غير ان هناك ثلاثة اتجاهات لتفسير المواقف الرسمية حتى الآن.

الاول، يرى بأن السلطة تعيش لحظات يصدق فيها المثل القائل أن "الغريق يتعلق ولو بقشة"، رغم المخاوف التي يثيرها مثل هذا السيناريو، حيث يرى سياسيون بأن السلطة الحالية ربطت الاوضاع العامة في البلاد بمصيرها، ولذا فنواقيس الخطر لازالت تقرع التحذيرات من طوفان يشمل الجميع.

والاتجاه الثاني، وهو الراجح، ربما الايحاء بأن التهديد الذي تتعرض له وحدة اليمن يأتي من الخارج. أما الثالث، فهو لا يخرج عن اطار الشكليات المملة والقاتلة لاحلامنا في وطن آمن ومزدهر وبعيد عن اساليب المكابرة والتعامي عن المشاكل الحقيقية في البلاد.

في الاسبوع الماضي، كتب الدكتور هاشم عبده هاشم في جريدة الرياض السعودية يقول ان اليمنيون قبل غيرهم هم "الأقدر على الحفاظ على بلادهم، وصد جميع المحاولات الرامية إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيه، وبذر بذور الشكوك بين أبنائه."
ومثل الدكتور هاشم، حمل كتاب وصحفيين عرب، المعنى ذاته، وكذلك جاءت افتتاحيات الصحافة الخليجية، وخصوصا منذ خطاب رئيس الجمهورية الشهير في نهاية ابريل الماضي، والذي حذر فيه من "الحرب من طاقة إلى طاقة" في حال نجاح مخطط التشطير.

وباستثناء المطالبة بدعم اليمن وعدم تركه اسير ظروفه الاقتصادية الصعبة، والتشديد على ان أي مكروه سيصيبه سينتقل إلى الاخرين بالضرورة، وبالذات المجاورين. كان نصيب الداخل من بيانات المناشدة، الكثير باعتباره حاسما في مثل هذه القضايا.

يقول الباحث مارك ن. كاتز في دراسته "القوى الخارجية والحرب الاهلية في اليمن" انه "مهما يكن الدور الذي لعبته القوى الخارجية في النزاعات اليمنية السابقة نجد جذور هذه النزاعات جميعا في الخلافات اليمنية الداخلية".

كان الباحث مارك كاتز يشير إلى جميع النزاعات اليمنية السابقة، و إلى حرب صيف94م تحديدا، وهي الحرب التي حضرت فيها القوى الخارجية بشكل واضح بهدف معاقبة اليمن نتيجة موقفه من حرب الخليج الثانية.

اما ظروف الواقع اليوم، فيرى مراقبون انها تختلف جذريا عما مضى، من حيث ان دور القوى الخارجية يأتي مساعدا لليمنيين في بناء وطنهم، والشيء الوحيد الباقي هو ان تتبنى السلطة نفسها مواقف وسياسات تدعم وحدة اليمن وامنه واستقراره.

يرتبط آمن اليمن بصفة لصيقة بمصالح الدول المجاورة وكذلك المصالح الأمريكية. وهذه الحقيقة التي جعلت دولة كالمملكة العربية السعودية تعمل مع واشنطن على مدى سنوات في سبيل تأمين مصالحهما الاستراتيجية في المنطقة، طرأ عليها متغيرات كبيرة خلال السنوات الاخيرة.

وكل المؤشرات تذهب للتأكيد على ان المتغيرات الجديدة جاءت في صالح اليمن، حيث تقضي مصالح الاخرين اهمية وجود يمن آمن ومزدهر. وباستثناء المتغيرات الداخلية، والتي تعد حاسمة، وقد تؤدي إلى تغيير ميزان المصالح ومواقف الدول، فان استدعاء المواقف التاريخية ونظريات "الفوضى الخلاقة" لم تعد حجة مقنعة أمام منطق الواقع.

لقد اثبتت السنوات الاخيرة بأن التغييرات التي طرأت على المنطقة لن تذهب سوى في صالح انظمة محددة فقط، وهي التي استطاعت الاستفادة من السياسات الفوضوية، وان التدخل في شؤون الاخرين، يكون احيانا بهدف مجاراة واقع انتجته ظروف غير متوقعة.

ففي اليمن، وعلى الرغم من المخاطر المحدقة بالوطن جراء تصارع العديد من المشاريع المتناقضة، تجري محاولات حثيثة للاستفادة من هذا الواقع الذي صنع في الداخل.

وطيلة حروب صعدة المتكررة وتنام الدعوات الانفصالية، وكذلك تفشي حالات الفقر وضربات القاعدة، شهد مراقبون على نماذج مختلفة من تصريحات الابتزاز، والمواقف اليمنية المتناقضة، والاتهامات المتبادلة. كما جرى توظيف اوراق خطيرة على الوحدة الوطنية.

وعلى طريقة المثل الشعبي القائل "الفم المفتوح يدخله كل الذباب"، تم استدعاء الخارج في حالات معينة وسط جأر بالشكوى من سياسة التدخلات. وطالما استمرأت السلطة العمل ضمن اجراءات شكلية لطلب الاصلاح في الداخل، واستجدائه من الخارج، فان ذلك يدفع للتأكيد مرات عدة، بأن الشيئ الوحيد الباقي هو ان تتبنى السلطة نفسها اجراءات تدعم الوحدة وتحفظ الوحدة الوطنية لليمنيين.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى