[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

وصال إيران ومصر

أجرت صحيفة "الشروق الجديد" المصرية حديثاً صحافياً مع السيد منوشهر متكي وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، نشر يوم الأحد الموافق 19 يوليو 2009م، أحرزت بهذا الحديث سبقاً لم تنله أي صحيفة مصرية بعد.

الحديث الذي تجاوز الربع الساعة المحددة سلفاً بربع ساعة أخرى فرضتها إفاضة متكي في بعض إجاباته، التي بدأها بتحيته للصحيفة وكتابها ومفكريها وتعزيته بالفقيدة مروة الشربيني وتضامن الجمهورية الإيرانية والشعب مع الشعب المصري إزاء مصابه في مواطنته التي قتلت على يد متطرف ألماني. وغدت قضية رأي عام في الشارع المصري.

لم يخلُ الحديث من ذِكرٍ لأوباما المختلف عن بوش، وعن وجوب سعي أوباما إلى "تحسين وجه أميركا المشوه"، وأن عدم انتظار أميركا طويلاً لإجراء حوار مع إيران كما صرحت هيلاري كلينتون يقابله عدم انتظار طويل من قبل إيران لترى تغييراً حقيقياً في سياسة أميركا. و"أميركا تحتاج إلى إيران الآن أكثر من أي وقت مضى". وكان "للكيان الصهيوني الذي يعيش أضعف حالاته" حد قوله، نصيب من الذِكر، وأن الضعف الصهيوني لا يسمح بجرأة الهجوم على إيران، و"إذا ما تجرأوا وفكروا في الهجوم فهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين".

وفيما تطرق إلى "العلاقات الاستراتيجية بين إيران وسورية" أكد على وهم الحالمين بفصم هذه العلاقات. واختتم إجاباته الدبلوماسية على الأسئلة الصحافية عن "أسباب التوتر في العلاقات المصرية الإيرانية"، بأنه "يتحدث عن تحسين العلاقات ولا يتحدث عن توتر العلاقات". وسرد "ثلاثة مميزات للعلاقات الراهنة" بين القاهرة وطهران: العلاقات الاقتصادية الجيدة جداً، تطابق المواقف المشتركة تجاه القضايا الدولية، والأخيرة أن البلدين تجمعهما، مع كوبا، ترويكا حركة عدم الانحياز؛ وكل هذه -حسب حديثه- "مقومات جيدة لمزيد من التحسن في العلاقات".

هو بجوابه ينظر إلى الجانب الملآن في الكأس، ونظرته الإيجابية هذه تتماشى مع محاولات التقارب المستمرة بدءا من عهد رئيس إيران المرِن محمد خاتمي الذي يعد البلدين "جناحين قويين في العالم الإسلامي آن تحليقهما معاً"، وتوقفت في آخر عهد محمود أحمدي نجاد رئيس إيران الحالي والأقل مرونة لما اقتضته أفعال السياسة البوشية الطائلة للمنطقة، من تجلٍ لردود أفعال نجادية في إيران طالت المنطقة أيضاً.

يذكر أن الرئيس حسني مبارك التقى بمحمد خاتمي في جنيف ديسمبر- كانون الأول 2003، وتواصل هاتفياً لأول مرة مع نجاد في يناير- كانون الثاني 2008، واعتبرت كل تلك مؤشرات لإعادة العلاقات بين البلدين، التي تواصلت.. بتقطع.. من خلال عقد اتفاقيات اقتصادية وابتعاث دبلوماسيين لبحث إعادة العلاقات.. المتقلبة!.

دبلوماسية متكي في هذا الجواب الذكي لا تطوي الصفحة المفتوحة من "تقلبات" العلاقات الخاضعة لحالة الطقس الدولي، واستثارته اللبقة لعوامل الالتقاء أكثر من أسباب الاختلاف، لا تعني عدم انسياب الاختلاف في سماء العلاقات المنقطعة بين البلدين طيلة ثلث قرن شهد العقد الأخير منه محاولات واجتهادات التقاء "جناحي الإسلام القويين في العالم الإسلامي" للانتقال "من القطيعة إلى الوصال". دون أن تسفر تلك الاجتهادات عن المرجو منها، بل وتتولد في المنطقة أسباب اختلاف جديدة:

كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها

كما قصّت يد القلق، من توسع النفوذ والاختلاف المذهبي، جناح الطمأنينة إلى إمكانية استمرار الالتقاء في أي موقف دونما ريبة أو توجس. لكن الأمور قد تنفرج بشكل أكبر مما يتمناه متكي وسيدركه حتى وإن لم تجر الرياح بما لا تشتهي السفن؛ إذا أعاد بصره كرتين في تصريحات سابقة لنظيره المصري أحمد أبو الغيط الذي التقاه بشكل ودي عدة مرات على هامش القمة الخامسة عشر لقمة حركة عدم الانحياز، شخّص وزير الخارجية المصري في تصريحاته آليات الوصل العربي الإيراني وأنها تتطلب إرادة إيرانية أساساً تبطل كل عذر لأي قطيعة مع إيران أو توجس منها: "رفع اليد عن المنطقة، وعدم استخدام مشكلاتها لتسوية العلاقة بين إيران والغرب، وتغيير الأداء وتعديل النهج يجعل جميع الأطراف المتشككة الضائقة بسلوكها تنفتح بقوة على إيران". الأهرام 20 يونيو - حزيران 2009.

زر الذهاب إلى الأعلى