[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مخاطر وأركان أمن الإنسان

يكرس البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمكتب الإقليمي للدول العربية، طابعاً إنسانياً في "تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009م: تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية"، بدعوة البرنامج إلى صناع السياسة فضلاً عن الأطراف المعنية إلى إعادة النظر في المفهوم التقليدي للأمن المتمحور حول الدولة وأمنها بالاتجاه نحو التركيز على أمن الأفراد وحمايتهم. من مهددات أمن الإنسان، الذي يعني التحرر من التهديدات والمخاطر التي تتعرض لها حياته وحريته.

التقرير في مجمله يكشف حجم الفجوة القائمة بين أمن الإنسان وبين التنمية. فأمن الإنسان ركيزة أساسية للتنمية المعنية بتوسيع قدرات الأفراد والفرص المتاحة لهم أو "التوسع في الإنصاف". والإنسان يفتقد إلى الأمن النفسي في هذا الجانب. وحد العلم القاصر يشير إلى عدم اقتران الإنصاف بالتوسع: لأن "الظلم من شيم النفوس" و"العدالة مستحيلة".

يزيد على ذلك أن ضمن مظاهر التوسع ما يعتبره التقرير "مخاطر" ومهددات لأمن الإنسان، وتحديداً:

"1) الحياة في بيئة غير آمنة وتتوزع مظاهرها بين الضغوط السكانية، الإفراط في استغلال الأرض، ونقص المياه والتصحر والاحتباس الحراري والتلوث البيئي الذي سينتج في قادم الأيام "لاجئين بيئيين" حسب التقرير".

ويضاف على (البيئة القلقة):
"2) انعدام الأمن والعلاقة المهتزة بين المواطن والدولة إذ تعتبر سلطات الأخيرة مهدداً لأمن الإنسان إذ لم تنجح أغلبية البلدان في تطوير الحكم الرشيد ومؤسسات التمثيل القادرة على ضمان مشاركة متوازنة لكافة الفئات، وكرست تقييد الحريات والإخفاق الدستوري، وعرقلة سير القضاء، ومنح صلاحيات واسعة لأجهزة غير مدنية، وعجز السلطات عن فرض الأمن حال التصدي للتمرد المسلح من قبل جماعات امتلكت أدوات العنف في غفلة من السلطات.
3) الفئات الضعيفة الخافية عن الأنظار،
4) النمو المتقلب، ونسبة البطالة المرتفعة، والفقر الدائم،
5) الجوع وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي،
6)تحديات الأمن الصحي
7) وأخيراً الاحتلال والتدخل العسكري".

يقابل السبعة المخاطر سبعة أركان لأمن الإنسان العربي:
"1) صون الأراضي والمحافظة على المياه والبيئة،
2) ضمان الحقوق والحريات والفرص الأساسية دونما تفرقة أو تمييز, وذلك ما لا تستطيع تقديمه إلا دولة سليمة الإدارة، خاضعة للمساءلة ومتجاوبة مع مصالح مواطنيها وتحكمها القوانين العادلة والتخفيف من وطأة النزاعات المتصلة بالهوية القائمة على المنافسة على السلطة والثروة في ظل دولة تتمتع بثقة المواطنين.
3) اعتراف الدولة والمجتمع بسوء المعاملة والإجحاف اللذين تعانيهما الفئات الضعيفة.
4) التخطيط لتدارك الضعف في الدعائم البنيوية للاقتصاديات العربية والتحرك نحو إقامة اقتصاديات منوعة ومنصفة قائمة على المعرفة وتخلق فرص العمل.
5) القضاء على الجوع وسوء التغذية اللذين ينتقصان القدرات الإنسانية.
6) الارتقاء بمستويات الصحة للجميع.
7) الإقرار السياسي خارج البلاد بأن انتهاكات حقوق الإنسان محكوم عليها بالفشل وأسفرت عن نزاعات أفضت إلى تلطيخ سمعة الدول المتورطة في النزاعات واقتصت من شريط التقدم المتواضع في طريق الإصلاح السياسي في المنطقة، بتقوية الاتجاهات المتطرفة وابتعاد المعتدلين عن المشاركة في العمل العام".

التقرير يربط بين أمن الدولة والإنسان، فلا يتحقق أمن الدولة وعلى الأرض التنمية ما لم يتوفر أمن الإنسان، فمهددات أمنه هي ذاتها مهددات أمن دولته، وحماية هذا الأمن المشترك هو ما يلزم سلطات الدولة -أي دولة- بالبقاء أطول، إذا بددت الإحساس الجماعي المتصاعد بانعدام الأمن، وقلصت من نشاط المثابرين على الزعزعة والفوضى والفتن، فتتحالف مع النجاح بحماية المواطنين من كافة الجوانب وكفالة حقوقهم. وبتعبير موجز: إذا قامت سلطات الدولة بدورها الأساسي تجاه مكونها الأهم: المواطن.. الإنسان. ولم تسقطه في بئر النسيان؟

أخيراً: حق للبرنامج أن يبرئ نفسه من مسئولية آراء معدي التقرير، لأنه يدين كل دولة تتغافل وتبرئ نفسها من مسئولية توفير أمن الإنسان.. المعدوم أمناً وإنساناً!

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى