[esi views ttl="1"]
الفكر والرأي

في رحاب حرب تموز 2006

اعتبر النظام الرسمي العربي، باستثناء سوريا، صمود المقاومة اللبنانية في حرب تموز انتصارا إيرانيا، فلم يسع إلى تغيير مواقفه – المبادرة العربية – على ضوء هذه الحرب ونتائجها. هذا على المستوى الدبلوماسي.

أما على المستوى العملي، فقد اتجه النظام الرسمي العربي إلى إيجاد نوع من الشراكة غير المعلنة مع إسرائيل للتصدي لإيران وحلفائها في المنطقة، ومن ثم كان البيان العملي لتلك الشراكة هو مواقف النظام الرسمي العربي من العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو موقف تخلى فيه النظام حتى عن ورقة التوت التي كانت تستره، فشارك إسرائيل في حساره لعزة بحماس. وعمل ضد المقاومة وحلفائها في لبنان بحماس شديد في الانتخابات النيابية الأخيرة وانفق على شراء الأصوات والذمم، ما زاد على تكلفة حملة أوباما الانتخابية التي بلغت أكثر من سبعمائة مليون دولار.

إسرائيل من جهتها وضعت على الطاولة دفعة واحدة، خطوطها الدبلوماسية الحمراء، دون أن تلقي بالا للنظام الرسمي العربي الذي اقدم على الشراكة معها على الرغم من رفضها التام لمبادرتهم.

وفي مواجهة الخطوط الإسرائيلية الحمراء: لا للتخلى عن مستوطنات الضفة الغربية، لا لتقسيم القدس، لا للحديث عن دولة إسرائيلية لكل مواطنيها. وبدلا من ذلك المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. وبطبيعة الحال لا لحق العودة للاجئين الفلسطينيين المشردين من وطنهم وأراضيهم وبيوتهم. اقتصر النظام العربي على المطالبة بمرجعية خارطة الطريق التي أعلن الجميع وفاتها منذ أعوام، والأسوأ من ذلك أخذ يراجع ما كان يعتبر خطوطا حمراء عربية وفي مقدمتها حق العودة، على أساس أنه مطلب غير واقعي، حد تعبير كل من أبو مازن وحسني مبارك.

وفي ذات الوقت تصاعد التباكي الأمريكي الغربي على ضحايا الهولوكست في إسرائيل الديمقراطية الصغيرة التي تعيش في إسرائيل بحر من العداء، ولا يترك ضحايا الهولوكست للعيش بسلام في ملجأهم الأخير.

وكأن يهود اليمن والمغرب والعراق ومصر الذين هاجروا إليها، أو كأن يهود الفلاشا الإثيوبيين ويهود روسيا وأوروبا الشرقية الذين استقدموا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي هم ضحايا الهولوكست.

لقد خلق موقف النظام الرسمي العربي هذا هذا انقساما عميقا بين الشارع العربي وحكوماته، وهو انقسام عالي الكلفة من شأنه إغراق الأرض العربية بالدماء، وتشجيع السلفية المتشددة، والتي تناسب المزاج اليائس للشارع العربي.

كانت حرب تموز نقطة فاصلة بين الضعف العسكري العربي والسوبرمان الإسرائيلي. وقد أظهرت هذه الحرب للإنسان العربي أن هزيمة الغطرسة الإسرائيلية ممكنة، وليس بالضرورة على يد الجيوش ولكن على يد المقاومة.

العام والخاص في 7/7

في السابع من يوليو 1970 في عصيفرة كنا نتسامر أخي وأنا تحت القمر المكتمل. وكانت أشعته الفضية رومانسية تجعل الحديث يحلو، وعند السحر وصل الكابوس مع رسول قاصد من القرية واخبرنا عن ضابط نعرفه وأنه أراد قتل أبيه فتصدى له أبي.. صديقه.. فقتل. جف نهر القلب وشحب القمر... كيف يتخلى المرء عن إنسانيته من أجل (بقعة)؟

وفي السابع من يوليو 1994 غدا الكابوس عاما، أعلن الضباط انتصارهم على جثث آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم، بعد أن قطعوا أرحامهم من اجل (بقعة) وبرميل نفط... ولا يزالون يقتلون. أحيانا ما نزال نتسامر أخي وأنا تحت القمر الشاحب، والأماسي المريضة لوطن يعاني من تسلط أكثر أبنائه جشعا.

زر الذهاب إلى الأعلى