هنا تعليق على مضمون مقال للصديق الأستاذ حسن محمد زيد أيام رئاسته للدائرة السياسية بحزب الحق 2004م، هو الآن كما نعلم رئيس للمجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك، بصفته أميناً عاماً لحزب الحق. ولسوء الحظ أن دورة العنف في صعدة أتت هذه المرة وهو رئيس الدورة الحالية للمشترك(...)، وما يزال مكرراً لبعض هذه الأقاويل المنُتقدَة!.
لم يحل الخلاف في الرأي دون غرس روابط الاحترام الشخصي، والشاهد على ذلك اللقاءات المباشرة في بعض الندوات والمحاضرات، أو غير المباشرة عبر صفحات الصحف الورقية ونوافذ التعارف الاليكتروني. ولا غضاضة في خلاف خلاق، لا اختلاف خنّاق. وإن حُسبت عليه كما تحسب علي بعض المواقف المتناقضة، بيد أنها معتقدات ورؤى لا تفسد للود قضية. والرؤى إزاء ما يحدث في صعدة واحدة منها، يظنها، (ونفر يشاركه هذا الظن، وبعضه آثم) تصفيةً واستئصالاً لفئة اجتماعية بعينها. ويعتقد غيره (وكثير معه) أنها استهداف للدولة بكامل مكوناتها وانتقاص من هيبتها وخروج على القوانين.. والتاريخ. والحق أحق أن يتبع.. ودوماً يصح الصحيح، وما هو الصحيح، وحدها الأيام تبينه:
* تعجبت من مقال الأستاذ حسن محمد زيد رئيس الدائرة السياسية بحزب الحق (إضاءة) المنشورة بجريدة الأمة العدد 312 الخميس 29 / 7 / 2004م الماضي، والذي أشار فيه إلى "أن الهاشميين مستهدفون من بعد أحداث صعدة وتداعياتها المؤسفة!" وأن "حظ هاشميي حاشد أفضل من حظ هاشميي صنعاء وبقية القرى والمدن اليمنية لأنهم يحظون بحماية الشيخ عبدالله الأحمر (أمد الله في عمره) وأبنائه (...)!!" هو بقوله هذا يصوِّر عداءاً رسمياً من نظام الجمهورية تجاه الهاشميين والأصح، من بعض الجمهوريين تجاه الهاشميين بالرغم من قيام الجمهورية وانتصار الثورة بدماء وجماجم وكفاح الهاشميين من المعسكرين الجمهوري والملكي.
لقد تجاوز اليمنيون بحمد الله -عدا قلة قليلة منهم أربأ بالأستاذ حسن زيد أن يكون منهم- مرحلة العداء تلك.. فلا الجمهوريون ولا الملكيون في وادي التعادي والبغضاء.. فمنذ عاد الملكيون من اليمنيين إلى بلادهم في 23 مايو 1970م تجاوزوا الخلاف والاختلاف الذي كان قائماً؛ وشاركوا -وإن خرج أو أُخرِج بعضهم بطريقة أو بأخرى- في الحكم الجمهوري على أساس اليمن الواحد الذي يستلزم توحد الجهود لبنائه بعد حرب شهدها اليمن وهو أمر طبيعي وعادي جداً ينشأ لدى بروز قوى جديدة ومفاهيم حديثة تواجه التقليد والانطواء.. فالأبناء والإخوان من الأسرة والعشيرة الواحدة يتصارعون ويتقاتلون ثم تشدهم روابطهم إلى تجنب الاستمرار في الصراع:
إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها
تذكرت القربى وفاضت دموعها
كما جاء يومها في خطاب رئيس المجلس الجمهوري القاضي الجليل عبدالرحمن بن يحيى الإرياني رحمه الله.
*.. .. .. والهاشميون اليمنيون من أبناء صنعاء وصعدة وتعز وإب وعدن وحضرموت وأبين ولحج.... الخ المدن والقرى اليمنية مثلهم مثل الشوافع والزيود والقضاة والإسماعيليين والقبائل والعساكر والجزارين والحلاقين والأخدام المهمشين من كل المدن والقرى اليمنية يتساوون كمواطنين يمنيين في الحقوق والواجبات ومحتاجون كبشر إلى حماية ووقاية من مظاهر التخلف وجوهره وأدواته: غياب دور مؤسسات الدولة، وحضور العصبية والفئوية..
... كانت نقطة على الأستاذ حسن زيد ما توقعت حسبانها عليه.
*يقولون "إذا زرعنا (لو) في وادي (عسى) لأنبتت (ليت)". والأستاذ حسن زيد تذكر "لو كان الشهيد العماد يحيى بن محمد المتوكل (رحمة الله عليه) حياً أو كان الشيخ عبدالله* (أعاده الله بالسلامة) موجوداً!!" وهذا أمر -مع تقديرنا وإجلالنا للأسماء التاريخية العظيمة المذكورة- لا يُقبل ولا يُعقل.. أنستنجد بأموات وغائبين لحل مشاكلنا وأزماتنا؟!! هل يعني هذا أن السياسيين الحاضرين ورموز التاريخ الأحياء عاجزون عن إقناع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح (حفظه الله) بأن "الحل السلمي أجدى وأحفظ لهيبة الدولة ومكانتها -وهذا صحيح-".. مع أن الرئيس أمهل حسين بدرالدين الحوثي ولم يهمله، وأوفد إليه وفاوضه، ولم يقتنع الحوثي بعد بتعديل موقفه أو التنازل عن إسقاط الضحايا من الجانبين.
يظهر ألا بديل لدينا وأننا نواجه إفلاساً سياسياً يحول دون التأثير في قرار الرئيس أو أي قرار آخر.
إني لأغمض عيني ثم أفتحها على كثير ولكن لا أجد أحدا
* فعجباً من اللجوء إلى إرجاء أسباب الحوادث -عامة- إلى المذهبية أو الطائفية التي لا تشكل إلا ظاهرة من ظواهر الداء اليمني المستعصي (التخلف) الذي يبدو أننا لم نحاول أدنى محاولة العلاج الذاتي منه لذا نتشبث بظواهره وأعراضه.
آخر تموز - يوليو 2004م
* توفي الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في آخر كانون الأول - ديسمبر 2007م. وقد استفحل الخطأ الحوثي ولم تفلح محاولاته العقلانية المؤيدة للنظام في ثني الأمور عن مآلها. هكذا أحبطتها المقادير (أيلول – سبتمبر 2009م)