[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

خطورة أي تفاوض مع الحوثي

ربما يشعر بعض المواطنين البسطاء بالقلق الناتج عن بساطة فهمهم للأمور عندما يشاهدون الحوثيين عبر قناة ( العالم )الإيرانية يعلنون عن انتصاراتهم المزعومة على الجيش وأنهم يحاصرون لواء عسكريا بأكمله ويعرضون صوراً غامضة يقولون إنها لجنود تم أسرهم أو أطلق سراحهم بعد أن تركوا آلياتهم العسكرية الثقيلة غنيمة.. أو عرضهم صورا لدبابة أو ناقلة جنود مصفحة وهي تحترق وصورا لبعض عصابة الحوثي وهم فوق عربة عسكرية سيطروا عليها خلال سير المعارك في مديريات صعدة.. وهذا الأمر طبيعي جدا حدوثه في الحروب..

لكن المهم معرفته أن الحوثيين لا يستطيعون ولن يستطيعوا محاصرة لواء عسكريا بالكامل لأن جميع الألوية العسكرية تكون منتشرة ميدانيا وليست بهذا الغباء الذي يدعيه الحوثيون وقد ينخدع به العوام..

كما أن جميع كتائب ووحدات وسرايا وأنساق الألوية تغطي وتحمي بعضها بعضا أثناء المعارك ناهيك أنهم يقاتلون عصابات على شكل خلايا مختبئة في الجحور هنا وهناك وليس مواقع ومتاريس واضحة..

ومن الصعب تمييز الحوثيين عن المواطنين العاديين في تلك القرى والأسواق الشعبية اليومية ويحدث أن تقع في الأسر أو الحصار مجرد سرية أو نسق من أي لواء عسكري فيعلن الحوثيون أنهم يحاصرون اللواء كاملا وهذه تسمى الحرب النفسية المستخدمة في الحرب لتثبيط الهمم وبث الإشاعات المحبطة لإحداث القلق والبلبلة المطلوبة في الجبهة الداخلية المؤازرة بقوة لأبنائها الأبطال في الميدان..

فاللواء العسكري لا يمكن حصاره بالكامل سوى في الحروب النظامية ولم يحدث ذلك سوى في حرب رمضان العام 1973م وهي من الدروس المستفادة من تلك الحرب مع إسرائيل..

لكن الوضع في صعدة لا يسمح بحصار لواء عسكري بالكامل بل بمجرد سرية أو نسق متقدم أو أبتعد عن المكان والموقع المحدد له ودخل منطقة الكمين..

ثم من الطبيعي جدا والجيش يحارب عصابات لا جيش نظامي أمامه أن يكون هناك آليات عسكرية تصاب بقذيفة (آر بي جي) أو صاروخ صغير محمول بالكتف هنا أوهناك وسنشاهد هذا في الأيام القادمة مرارا وهو في الحدود الطبيعية المتوقعة في الحرب ولا يدعو لأي قلق أبدا فلكل حرب خسائرها في إطار المخطط المقدر من قبل القيادة ناهيك عن أن الجيش يقاتل ببطولة فائقة وجسورة في أرض غريبة وعرة متشعبة كثيفة الشعاب والكهوف والمخابئ ومتعددة المسالك و( أهل مكة أدرى بشعابه)..

وليس لدى الحوثيين ايضا ما يعيق حركتهم بسهولة ويسر تام لعدم وجود آليات ثقيلة لديهم تكشف مواقعهم وتحركاتهم.. فهم يتحركون متخففين على الأرجل ويعرفون الأرض التي يتحركون عليها جيدا ليلا قبل النهار بينما الجيش مكشوفة مواقعه وآلياته وتحركاته وهذا ما سبب ويسبب في تأخير وإطالة أمد الحرب في كل مرة ولا يساعد على الحسم السريع كما حدث في معاركة الدفاع عن الوحدة..

وهو أمر قد تكيف الجيش عليه رغم انه يعطي الحوثيين فرصة التمادي والتطاول على الجيش وأبطاله.. فهذه العصابات تظهر في الظلام كالخفافيش وتهاجم ثم تختفي في الشعاب والأودية والبيئة الاجتماعية الحاضنة والمتسترة في كثير من الأحيان عليهم..

ومع ذلك يجب أن يعرف جميع المواطنين البسطاء وغير العارفين بطبيعة الحروب وظروفها خصوصا عندما تكون مع مواطني الدولة ذاتها ويلبسون نفس لباس المواطنين العاديين في تلك الجغرافيا من الوطن ولا تستطع تمييزهم بلون بشرتهم أو ملابسهم العسكرية أو معداتهم أو حتى أماكن تمركزهم..

لذلك كانت كل حرب سبقت تأخذ وقتا أطول في كل مرة لأن الحوثيين يكتسبون خبرات ومهارات قتالية جديدة من تجاربهم السابقة وهنا تبرز فداحة تلك الأخطاء السياسية السابقة وجسامتها عندما كانت تصل الأمور إلى مرحلة الحسم فيتم إعلان وقف القتال فجأة دون مبرر.

وهو الأمر الذي أحبط كثيرا من القادة الميدانيين الذي شاركوا في المعارك السابقة وأظهر الدولة في نظرهم وكأنها تريد مكافئة الحوثيين على رفع السلاح بوجهها وقتل جنودها وضباطها بإنقاذهم من المصير المحتوم الذي كان ينتظرهم من قبل الأبطال في الميدان واليوم ندفع ثمنا أكبر من ذي قبل في الرجال والسلاح والأموال والأعصاب لغرض الحسم النهائي بأي ثمن نتيجة ذلك التهاون السابق....

وأي إعلان عن وقف القتال دون إحضار رأس الفتنة ( الحوثي) كما حدث مع أخيه الصريع في العاشر من سبتمبر 2004م و معه كبار مساعديه ورؤساء عصاباته الميدانيين فإن الحديث عن دولة أو جمهورية أو ثورة سيكون نوعا من (الهرطقة) واللهو المثير للضحك والسخرية والاستهزاء ليس برأس الدولة وحسب بل ونهاية حقيقية للثورة والجمهورية والوحدة جمعاء..

وأنا أربأ بالأخ الرئيس الذي تحققت في عهده قدس أقداس الوطن (الوحدة) أن ينتهي في عهدة (لا قدر الله) الوطن ذاته ثورة وجمهورية ووحدة وسيادة وكرامة.. إن أي حديث عن وقف القتال هو خيانة واضحة لتلك الدماء الزكية التي روت الأرض في صعدة دفاعا وتضحية عن شرف كل الوطن وكرامته طوال الحروب السابقة وهي خيانة لله أولا ثم للوطن واليمين الذي أقسمه الأخ الرئيس عند إعادة تولية رئاسة الدولة في كل دورة انتخابية.. وإذا كانوا بنو الأحمر هم آخر ملوك العرب في الأندلس فهل يكونوا آخر رؤساء النظام ( الجمهوري ) في اليمن..

زر الذهاب إلى الأعلى