[esi views ttl="1"]
الفكر والرأي

الرؤساء قدوة.. بصلاحهم يصلح الناس والعكس

عندما تختطف الاجهزة الامنية السياسيين والكتاب كما فعلت عشية عيد الفطر مع الاستاذ محمد المقالح فانها تظهر السلطة بمظهر العصابات وفطاع الطرق. ومثل هذا التصرف يبرر لمختطفي الاجانب ورجال الاعمال تصرفاتهم فالناس على دين ملوكهم.

جاء في كتب التاريخ أن الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان كان له اهتمام كبير بالعمارة والتشييد، وأن الناس في عهده حذوا حذوه، فكانت العمارة والبناء محط اهتمامهم، وأنه كلما اجتمع عدد منهم في مجلس، كان مدار الحديث حول البناء والبساتين والحدائق.

ولما ولي الخلافة سليمان بن عبدالملك، وكان مشهوراً بنهمه إلى الطعام، واهتمامه باصنافه وطبخه وموائده. فأصبح الناس كذلك في عهده، منشغلين بالطعام وألوانه وأصنافه، ومن هنا قيل (الناس على دين ملوكهم).

ولا عجب إذن أن ينتشر بين اليمنيين في هذا العهد، الاعتداء على أموال الدولة، وأمول وحقوق الضعفاء، وأن يجعل كل من وظيفته الرسمية دكاناً يسخره لأغراضه الخاصة.

إضافة إلى شيوع التزمت وقسوة القلب، وسوء الطبع وانتشار استخدام القوة والاغتيال لاتفه الأسباب مع عدم التورع عن ملاحقة الريال والدولار بغض النظر عن مصدره حلالاً ام حراماً وشيوع الكذب، وإخلاف الوعد بين الناس، وتقلص مساحة المعروف، وازدياد مساحة المنكر، ولجوء الناس إلى العصبيات، والتذاذهم بالكبر والتجبر على من هو اضعف منهم، وكثرة النفاق والتظاهر، وغلبة المظاهر الكاذبة على صدق الجوهر وصلاح الباطن، وازدراء العلم والثقافة، وشيوع الضحالة والتفاهة، والصوت العالي، فالناس على دين ملوكهم.

وقد ذكرت كتب التاريخ بتفصيل كبير كيف تحولت ولاية الخليفة عمر بن العزيز بن مروان إلى رحمة للعالمين على الرغم من قصر مدتها التي لم تبلغ الثلاث سنوات.

وقد قيل أنه ما أن عف هذا الحاكم الصالح عن الحرام حتى عفت الرعية وحذت حذوه، حتى أن الرجل كما قيل كان يخرج بصدقته وينادي على من يأخذها فلا يجد. وانتشر الأمان والسلام والقى الخوارج السلاح، وعم العدل، وصدق التدين وضاقت المساجد وحلقات العلم بروادها، ورخص السعر لشيوع الأمانة والقناعة في الناس.. فالناس على دين ملوكهم.

وقد شهد اليمن مصداق ذلك في تلك الالتماعة القصيرة الباهرة لعهد الرئيس المغدور الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.. فقد جاء إلى السلطة في وقت اقتسمت فيه مراكز القوى القبلية وحدات القوات المسلحة، فأزاحها جميعها وأعاد بناء الجيش اليمني ووجه عنايته إلى الإدارة الحكومية عبر برنامج التصحيح المالي والإداري، فأقام اعوجاجها، وانتظم الموظفون في اعمالهم يؤدونها بتفان واخلاص وجعل من الأجهزة الأمنية أجهزة حقيقية نزيهة وفعالة فاختفت ظواهر الرشاوى والأجرة، وقمعت الجريمة والفساد بكل مظاهرهما، واطلق شرارة البناء والتعمير بأيدي المواطنين في حركة التعاونيات الكبيرة وقد بلغ من طاعة الناس له لثقتهم به أن قبلوا منه أن يحدد مهور بناتهم، واضاء الأمل واشرق في الوجوه بمستقبل واعد، واستقامت أحوال الناس، فالناس على دين ملوكهم.

أما اليوم فالتذمر عم الجنوب بسبب السطو على الاملاك وغمط الناس حقوقهم من قبل قيادات ىالدولة ، ونرى حربا ضروسا في صعدة هلك فيها المساكين الذين تقصف الطائرات والمدفعية والدبابات وراجمات الصواريخ منازلهم دون رحمة أو شفقة ، أما المقاتلون فمتحصنون في مواقعهم المنيعة . ونحن نسمع ان عقارات الناس اغتصبت لبناء دار الرئاسة، وجامع الصالح، الذي تم التوجيه منذ أشهر قليلة بتعويض ملاك أرضيته من اوقاف الموقفين وهو ما لا يجوز شرعاً.

ثم نسمع بقضية اسرة الشهيد محمد شاهل الذي اغتصب ارضيته ثلاثة من عتاولة النظام.... ثم نسمع باملاك آل ابو سبعة التي اغتصبها شميلة من المقربين للرئيس ومن أبناء منطقته، وأملاك علي العماد التي اغتصبها قائد عسكري مهدي مقولة ثم نسمع بأملاك بيت الصديق المنهوبة في حدة.

فإذا كان هذا شأن الكبار فما القول في الصغار؟ والناس على دين ملوكها..

زر الذهاب إلى الأعلى