[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

أهمية وأبعاد اجتثاث الحوثية

الاهتمام الدولي بما يحدث في اليمن يمتلك الكثير من المبررات المنطقية، المرتبطة باستقرار دول الجوار، ومصادر وممرات الطاقة، وبالأمن والمصالح الدولية الإستراتيجية في واحدة من أهم المناطق الحيوية للاقتصاد العالمي، حيث تلتقي وتتصادم الكثير من المصالح والتطلعات الدولية والإقليمية،

هذا الاهتمام اتسع نطاقه بالتزامن مع التحركات العربية والدولية المرتبطة بالقضايا اليمنية؛ ومع ظهور موقف عربي علني موحد وقوي داعم لجهود الحكومة اليمنية في الحفاظ على وحدة أراضيها وأمنها واستقرارها والقضاء على الفتنة.

الكل حاول أن يحلل ويستقرئ هذا الموقف والتحرك الجديد من منظور مصالحه وما قد يشكله من خطر على هذه المصالح، فالبعض قرأه بشكل غير دقيق واعتبره في سياق الوساطة بين الدولة والجماعات الإرهابية والانفصالية، ووجده البعض الآخر يحمل الكثير من المؤشرات عن بروز توجه عربي يحاول الدفع باتجاه إخراج القضية من إطارها وطابعها الوطني ونقلها إلى الإطار العربي ومن ثم تدويلها.

لا ننكر بأن هناك محاولات داخلية وخارجية عملت وتعمل منذ وقت مبكر باتجاه خلط الأوراق والاستعانة بالخارج والمنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، وسعت جاهدة إلى إفراغ القضية من طابعها الجنائي وتحويلها إلى قضية سياسية أو عقائدية مذهبية، أو حقوقية أو إنسانية تقتضي التدخل الخارجي بهدف تدويلها.

لقد تصدى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بقوة لكل محاولات التدخل الخارجي في الشأن اليمني، وأجهض مبكراً الكثير من المساعي الرامية إلى تجنيد قضية التمرد الحوثية والمطالب الانفصالية في خدمة أجندة سياسية خارجية موجهة ضد الغير، وتعاطى معها باعتبارها شأناً داخلياً، وصراعاً بين جماعة إرهابية متطرفة مسلحة ومتمردة وخارجة عن الدستور والنظام والقانون وبين الدولة التي تمارس واجباتها في الدفاع المشروع عن وحدة المجتمع الجغرافية والسياسية والاجتماعية وحماية حياة وأمن وسلامة المواطنين ونظامهم الجمهوري وخياراتهم السياسية الديمقراطية.

فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي رفض بقوة كل أشكال التدخلات والوساطات الداخلية والخارجية التي تتعامل مع هذه القضية من منظور سياسي، وتحاول أن تجعل من الحوثية نداً للدولة يتم محاورتها خارج إطار الدستور والثوابت الوطنية.

لم يرفض في يوم من الأيام أي شكل من أشكال الحوار والوساطة أيّاً كان مصدرها طالما تصب في سياق جهود الدولة في تحقيق السلام على قاعدة المواطنة المتساوية وتنفيذ مطالب الدولة المشروعة من هذه الجماعة وقبولهم العيش بسلام أسوة بغيرهم من أبناء الوطن اليمني.

هذا الموقف المبدئي الثابت في التعامل مع العصابة الإرهابية الحوثية لم ولن يتغير، وليس من قبيل المصادفة أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وبعد لقائه وزير الخارجية المصري، وقائد العمليات الخاصة بالولايات المتحدة، أن يتوجه إلى أحد المعسكرات ليودع بعض الوحدات العسكرية المتوجهة إلى ساحة المعركة.

ومثل هذا التوقيت كان اختياراً دقيقاً منه يحمل الكثير من المعاني والدلالات ليس أقلها توجيه رسالة للداخل والخارج لقطع دابر الإشاعات والتأويلات والمساعي ويؤكد ثبات موقفه ووضوح نهجه في التعامل مع قوى الإرهاب والتطرف ودعاة التمزق والفتن، وتصديه الحازم في الوقت ذاته لكل المحاولات والتدخلات الرامية لإدارة عجلة الصراع عن بعد، والدفع بها نحو مسارات التدويل تحت شعار الوساطة..

وبالتالي استثمارها ضمن أوراق الصراعات الإقليمية والدولية بتوازناتها وصفقاتها ومساوماتها التبادلية المشبوهة على حساب سيادة اليمن ومصالحه الإستراتيجية وعلى حساب أمنه واستقراره ووحدته، وفي كلمته أمام الجند خاطب أكثر من طرف، وأكد من خلالها أن الدولة ماضية في استكمال مهمتها في إخماد الفتنة وترسيخ الأمن والاستقرار في محافظة صعدة، وبأن جماعة الإرهاب الحوثية وغيرها من الجماعات الإرهابية والانفصالية لم ولن تكون في يوم من الأيام رقماً سياسياً أو اجتماعياً ندًّا للدولة، بل مجرد شرذمة شاذة وضالة حالمة بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، مؤكداً حتمية هزيمتها.

إن فتنة التمرد والإرهاب تتطلب معالجات جذرية وشاملة في وسائلها وأدواتها وضمن إطار زمني ليس بالقصير بهدف احتواء هذا الخطر ومنع تمدد شرارته إلى الجوار، ولكن أيضا في القضاء النهائي عليه، ومنع إعادة تجدده وتحوله إلى بؤرة للتدخلات الخارجية وأداة أجنبية لتهديد الأمن الإقليمي والدولي.

ففي المؤتمر العام الثالث للمغتربين اليمنيين جدد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح موقف الدولة في المُضي قدماً في الحرب ضد العصابات الإرهابية الحوثية حتى النهاية.

وفي خطابة في العيد الـ46 لثورة 14أكتوبر، أكد أن النصر على عصابة التمرد والإرهاب قادم لا محالة وفي وقت قريب بإذن الله، مشيرا في الوقت ذاته إلى الثمن الباهظ والتضحيات الجسيمة التي تستخلصها هذه الحرب قائلاً: "نستقبل أكثر من (120) ألف نازح، وتصرف عشرات المليارات من الريالات ومئات الملايين من الدولارات كانت مسخرة لكل أبناء الوطن للتنمية الشاملة والكاملة في جميع أنحاء الوطن".

هذا الخيار الوطني، وهذا الموقف اليمني الثابت في التعامل مع فتنة التمرد والإرهاب الحوثية يمثل نتاجاً منطقياً لفشل تجارب الحوار السابقة، وكل خيارات السلام التي قدمتها الدولة لهذه الجماعة على مدى السنوات الخمس المنصرمة من عمر الفتنة التي برهنت مراراً وتكراراً على وجود الطامعين الساعين لتقويض اليمن وضرب استقراره وتمزيقه، وتأزيم الوضع في المنطقة غير آبهين بمصالح اليمن والدول المجاورة .

وعملوا جاهدين على توسيع نطاق الفتنة وإطالة أمدها وتوفير مظلة حمايتها ومدها بعوامل القوة والبقاء والاستمرارية وتحويلها إلى (ثقب أسود) يستنزف إمكانات وموارد وطاقات اليمن المحدودة وإجهاض خططه التنموية ومشروعة الحضاري النهضوي، علاوة على تحويلها إلى ورقة من جملة أوراق الصراع الإقليمي والدولي وحروبه الباردة بأبعادها وتكتلاتها وحساباتها المختلفة سياسياً، اقتصادياً، عسكرياً، أمنياً، مذهبياً.

الخيار اليمني الممكن حالياً في التعاطي مع هذه العصابة، نابع من فهم يمني لحقائق العصر والواقع الجديد وطنياً وإقليمياً واحتياجاته في مواجهة التطورات الخطيرة المترتبة عن استمرار هذه الفتنة.. ومن هذا المنطلق يمكن فهم طبيعة الموقف اليمني واشتراطاته وأهدافه من خلال أبعاده التالية:

إن العصابة الحوثية من حيث جذورها التاريخية ومكونها ونشأتها وأجندتها وأهدافها السياسية الداخلية والخارجية وآلياتها الفكرية ووسائلها العملية، تمثل بيئة طاردة لكل قيم السلام والحوار مع الآخر، ولأنها مسخرة لتحقيق أجندة داخلية ماضوية قائمة على إيمانها المطلق بما تدعيه في حقها الإلهي المقدس في السلطة بحكم انتمائها إلى آل البيت، وتسعى إلى استعادة نظام الإمامة البائد التي تعتقد أنه سلب منها، ولا تخرج في أجندتها عن الأجندة الخارجية المبنية على منطلقات مذهبية متطرفة، تسعى إلى تحقيق هذه الأجندة السياسية الأمنية والاقتصادية من خلال إشاعة المذهب الاثني عشري في المنطقة بوسائل غير مشروعة دينياً وفكرياً وسياسياً.

لقد ظلت رؤية الحوثية للسلام الوطني والاجتماعي، وحواراتها مع الدولة محكومة بهذه الأجندة والأهداف، وتعاطت مع دعوة الحوار والسلام كوسيلة من وسائل (التُّقية) التي تتحوصل بداخلها عند الضرورة لحماية ذاتها من الانهيار والهزيمة.. وقد أكدت الوقائع أن هذه العصابة قد استفادت من تجاربها الحوارية ومن الوقت لإعادة البناء وتقوية وجودها وزيادة تمددها الجغرافي والاجتماعي داخل محافظة صعدة وخارجها، وتعزيز مكانتها سياسياً وإعلامياً ومادياً وكسب أنصار وحلفاء جدد على الصعيدين الداخلي والخارجي.

معوقات الحوار:

ظلت معوقات الحوار والمبادرات السلمية للحل على مدى السنوات الماضية، نابعة من طبيعة مكوّن هذه الجماعة القائم على منظومة رباعية مدمرة، هي " التعصب، التطرف، العنف والإرهاب.

التعصب:
ما يميز هذه الجماعة عن غيرها من جماعات التعصب الفكري والديني أنها تقوم على العصبية السلالية التي تدعي تميزها ونقاءها، وحقها الإلهي في السلطة دون غيرها من الشرائح الاجتماعية، وكذلك تعصبها لفكر واحد يرفض القبول بالآخر والحوار معه، وانطلاقا من عصبيتهم السلالية يدّعون أنهم وحدهم على حق وكل الآخرين على ضلال، وأنهم وحدهم دون سواهم حماة هذا الدين، ومثل هذه النظرة المتعصبة والجامدة المتأصلة داخل الذات البشرية لقيادة هذه الجماعة هي المولدة للصراع والموجهة لتدمير كل قيم السلام والحوار.

التطرف:
هذه الجماعة التي بذرت بذورها الأولى داخل أحشاء المذهب الزيدي وحاولت احتواءه لصالحها تحت شعارات فضفاضة تدعي حماية هذا المذهب من أعدائه في المذاهب الأخرى، سرعان ما قادها تطرفها إلى افتضاح أمرها من قبل علماء هذا المذهب عندما حاولت جر البلد إلى دائرة الصراعات المذهبية،

وحين فشلت في ذلك جاهرت بحقيقتها في التخلي عن قيم ومبادئ وتشريعات المذهب الزيدي وتسامحه، وذهبت بعيداً في غلوها وتطرفها في التخلي كلياً عن الاعتدال والوسطية في الإسلام، واعتناق فكر متطرف مبني على الغلو والمغالاة والتشدد، برفض الآخر، ولم تترك أي سبل أو مجالات مفتوحة يمكن من خلالها اللقاء مع الآخر في فضاءات مشتركة..

فالحوثية التي اعتمدت منهجاً تكفيرياً للآخرين في الدين باعتبارهم (عملاء لأمريكا وإسرائيل يجب محاربتهم) لم تكن في أي حال من الأحول مهيأة للقبول بأي حوار وسلام.

العنف:
الحوثية مثل غيرها من الجماعات والحركات الإرهابية لا تمتلك أي مجال أو آفاق مرجوة لتحقيق أهدافها غير الوطنية وغير المشروعة بالوسائل السلمية، كما لا يمكنها النشاط في بيئة وطنية آمنة ومستقرة ووفق النظم والتشريعات السائدة والعقد الاجتماعي المعمول به، وقد جربت ذلك بوسائل وآليات سلمية مختلفة ولكنها فشلت وتآكلت قاعدتها الاجتماعية واضمحلت معتقداتها الفكرية والسياسية والمذهبية، وبلغت في فترة وجيزة مرحلة الأفول والغروب الكلي عن الساحة السياسية الوطنية، وللحفاظ على وجودها وفعلها واستمرارها في الساحة لبلوغ أهدافها، لم يكن أمامها سوى خيار العنف، الذي وصل ذروته في التمرد المسلح والخروج عن الشرعية الوطنية والدستورية.

العنف عند هذه الجماعة ليس ظاهرة عرضية، بل يمثل من ناحية جزءاً من المكوّن الثقافي والأخلاقي والتاريخي، والسيكولوجي والغرائزي لقيادة هذه الجماعة، وهو من ناحية ثانية يمثل إرادة قوى أجنبية تتولى احتضان ورعاية ودعم هذه الجماعة وتحديد أهدافها وتوجيهها لبلوغ هذه الأهداف.

قيادات العصابة الحوثية تولت الشرعنة والتبرير لهذا العنف والترويج له في المجتمع وتأصيله في أوساط أنصارها من الفتية والشباب، بتوظيف محرف للخطاب الديني وللشعارات السياسية، التي أقنعت من خلالها هؤلاء الشباب بأنه (أي العنف) مسخر وموجه ضد أعداء الأمة العربية والإسلامية وأعداء الدين الإسلامي من الأمريكان والإسرائيليين.

واستخدمت المدارس الدينية وحولتها إلى معسكرات لتربية وإعداد وتدريب طوابير واسعة من الشباب وفق هذه القناعات وحولتهم إلى آلة بشرية صماء لممارسة العنف والقتل والتدمير، موجهة ضد قيم السلام والحوار والتسامح، وتمكنت من تسخير وتوجيه هذه الآلة وهذه الطاقة الشبابية ضد شعبها ومجتمعها عبر توظيف مشاعر الإحباط والغضب وحالات الفقر والبطالة التي يعانيها قطاع من الشباب، وكذلك صعوبات الحياة وضغوطها وتعقيدات وإشكالات الوضع العام، مستخدمة بذلك خطاباً سياسياً دينياً وتربوياً وإعلامياً مضاداً ومعادياً لثقافة المحبة والإخاء والسلام.

وقد نجحت قيادة هذه الجماعة الإرهابية في أن توجه العنف الذي غرسته وبثته في نفوس الشباب وفق إرادتها ومصالحها وتحويله إلى قوة للشر وطاقة مدمرة للقيم الدينية والإنسانية والاجتماعية، وجعلت من العنصر المنتمي إليها إرهابياً محترفاً قاتلاً لأبيه وأخيه وأمه، دون تردد أو خوف.

الإرهاب:

مثل ظاهرة حتمية ولدتها المكونات السابقة التي مهدت الأرضية النفسية والفكرية والقناعات والوعي الضروري اللازم لتحويل هؤلاء الشباب إلى حاضنة وأداة ووسيلة للإرهاب والانتقال بهذا الارهاب من حيز الذات إلى حيز الواقع الاجتماعي والوطني؛ لاسيما بعد أن اكتمل عاملها وشرطها الموضوعي الخارجي المتمثل في الجهة الراعية لهذه الجماعة والتي توفر لها وسائل الإرهاب، ومختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي والسياسي والإعلامي واللوجستي والإمكانات والوسائل والأسلحة والخبرات العملية والتدريب اللازم.

مجمل هذه المكونات التي قامت عليها هذه الجماعة الإرهابية المتمردة، تجلت

أولاً: في رفضها لكل قيم ومبادرات السلام والحوار.

وثانياً: في رفضها للآخر كشعب ونظام سياسي وطني والسعي إلى تدميرهما واستئصالهما مادياً ومعنوياً وعقائدياً.

وثالثاً: في نهجها وسلوكها الشاذ وأجندتها غير الوطنية والتطلعات السلطوية غير المشروعة ونهج عملي يشيع الخوف ويدمر الأمن والاستقرار في الوقت الذي لا تمتلك فيه رؤية وطنية أو مشروعاً إنسانياً يخدم هذا الوطن وهذا الشعب..

..ولهذا كان لابد أن تفشل كل مساعي الدولة للسلام وتتبدد كل الخيارات السلمية الممكنة أمامها ، بل وفرضت على الدولة حتمية مواجهة هذا الخطر وبنفس الوسائل التي تتعامل بها هذه الجماعة مع إطارها الوطني والاجتماعي.

أهمية الموقف اليمني الثابت في التعامل مع فتنة التمرد والإرهاب الحوثية على الصعيد الإقليمي والعربي نابعة من حقيقة الإدراك العميق للقيادة والدولة اليمنية لوجودها ومسؤولياتها الإقليمية والدولية في التعاطي الايجابي والفاعل مع عالم واقعي متغير في تحالفاته ومصالحه وأساليب وأدوات صراعه..

عالم تتنامى مخاطره على شعوب المنطقة، وما تفرضه على دولها من واجبات وتحديات لا يمكن مجابهتها والتصدي لها بشكل منفرد.

هذا الموقف يعكس في مضمونه النهج السياسي الوطني في معالجة إشكالاته الداخلية ضمن رؤية شاملة تستوعب وتلبي المتطلبات الإقليمية والقومية وتستوعب الخصائص الملموسة لمرحلة التطور العالمي الحالية، يقوم على التحليل والاستقراء الخلاق لمتغيراته وتحدياته المحتملة والممكنة، وهو موقف نابع من الفهم السليم لمخاطر هذه الجماعة الإرهابية، والوسائل الأكثر فاعلية وجدوى لمواجهتها بنجاح، وتكمن أهمية هذا الموقف وهذا الخيار على الصعيد الإقليمي والعربي من خلال أبعاده المختلفة التي من أهمها:

- النجاح الذي يتحقق على الساحة اليمنية في القضاء على هذه الجماعة الإرهابية المتمردة، والذي سيصبح نصراً تاريخياً للأمن القومي العربي ولكل شعوب ودول المنطقة في حربها ضد التطرف والإرهاب، وهذا التوجه يمثل جوهر الإستراتيجية السياسية والأمنية للدولة اليمنية ودورها في صيانة الأمن الإقليمي والقومي والدولي وفي تعاملها مع قوى الإرهاب والتمرد والانفصال.

- قطع دابر المساعي وكل أشكال التدخل الخارجي في شؤون دولة عربية محورية في الأمن القومي باعتبار ذلك من الخطوط الحمراء التي يمثل تجاوزها تهديداً مباشراً وخطيراً للأمن الخليجي بالذات.. وهذا التوجه هو ما تحتمه وتطلبه بإلحاح مصالح اليمن ومصالح الدول المجاورة في تجفيف بؤر الأزمات والنزاعات الداخلية التي تمثل تربة خصبة لاستزراع ونمو العنف والتطرف والإرهاب، باعتبار ما يحصل في صعدة يمثل بكل مضامينه وأهدافه الوجه البشع للإرهاب الجديد الذي يتهدد المنطقة، ويحاول صنّاعه وملهموه ومصدروه والمستفيدون منه ستره بكل أشكال الاختلاقات والمبررات والمطالب الواهية.

هذا التوجه وهذا الموقف تقتضيهما الحاجة المشتركة للشعوب والدول العربية ونهجها في التصدي لكل محاولات تمزيق وحدة الأمة العربية وإذكاء الفتن والحروب غير المعلنة داخل هذه أو تلك من الأقطار العربية، وإحباط تآمرات القوى الخارجية على هذه الأمة ومساعيها في تصدير الثورات المضادة والاضطرابات وجماعات الإرهاب والعنف والتخريب بكل اشكالها وشعاراتها المذهبية والسياسية والحقوقية والإنسانية.

وهذا الموقف يشكل في أبعاده أحد أشكال المواجهة العربية مع أولئك الذين استداروا وبشكل حاد عن مبادئ حسن الجوار والتعايش السلمي، إلى سياسة القوة والابتزاز والتهديد والتدخلات المباشرة في شؤون الدول العربية متسلحين في ذلك بمذاهب عقائدية متطرفة ترفض قيم الإخاء الديني والسلام والحوار والتعاون المكرس لبناء مقومات راسخة للاستقرار والتطور الإقليمي.

الانتصار في مثل هكذا مواجهة لا يمكن بلوغه بالشكل الذي يراد له أن يكون إلا من خلال المشاركة الفاعلة والمباشرة للأشقاء في هذه المعركة التي تخوضها اليمن والتي ستكون نتائجها متجاوزةٍ لإطارها الوطني إلى بعدها الإقليمي والدولي ومسخرة في خدمة قضايا شعوب المنطقة والأمة العربية وأمنها وسلامها.

زر الذهاب إلى الأعلى