[esi views ttl="1"]
الفكر والرأي

التعايش بين المذاهب

تلف العالم الإسلامي هذه الأيام عاصفة خبيثة من الشحن والتعبئة المذهبية، تنفخ فيها أنظمة موالية للصهيونية والاستعمار ومتحالفة معهما، وتمنحها السلفية الحديثة بركتها..

ومن المعلوم أن السلفية الحديثة دعوى لا تمت بصلة إلى نهج السلف وإنما كانت نشأتها ذات دوافع سياسية مشبوهة أساسها إيجاد مبرر لشن الحرب بحجة التكفير ضد المسلمين الرافضين لسلطة شيوخ العشائر في نجد وحركتهم الرامية آنذاك إلى انتزاع السلطة من آل البيت الحاكمين في الحجاز واليمن.

وقد افسد السلفيون الجدد (الوهابيون) المذاهب السنية أو كادوا بادعائهم السنية واتباع بعض اتباع المذاهب السنية لهم . وحولوها إلى بشاعة رجعية تلغ في الدماء المحرمة بنشر القتل بالجمله بالسيارات المفخخة دون تمييز بين طفل وشيخ وامراة وبين عدو يقاتلونه. وروجوا لثقافة القمع المخزي وانتهاك حقوق الناس عبر نموذجهم الطالباني.

مع ان التمعن قي فتاوى الوهابية وكتب اعلامها تبين حقيقة أنهم خوارج يستحلون تكفير المسلمين وسفك دمائهم بحجج واهية متهافتة.

الصحابه وهم سلف هذه الأمة انشأوا مدارس فقهية، وكانت لهم اجتهاداتهم وآراؤهم فليس هناك أصل سلفي واحد، فدعوى السلفية إنما هي دعوى لا تثبت للتمحيص.

إن الجذر اللغوي لكلمة مذهب هو فعل ذهب، المستخدم في الفقه دلالة على الرأي، فيقال: ذهب فلان إلى أن الصواب في المسألة كذا وكذا، وذهب فلان إلى القول بأنها غير ذلك... إلخ. فالمذهب اجتهاد فقهي فكري عقلي في المسائل الشرعية، ومشروع غاية المشروعية يقع صاحبه بين الأجر والأجرين.

ومعلوم تاريخيا أنه كانت في اليمن مدرسة فقهيه على رأسها معاذ بن جبل، وفروة بن مسيك المرادي (رض). وقد تخرج منها: وهب وهمام ابنا منبه، وحنش بن عبدالله الصنعاني، ومعمر بن راشد، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق الصنعاني (الإمام) والذي أسس مذهبا اندثر بسبب عدم قيام تلاميذه ومريديه بإحيائه كما هو الحال في المذاهب التي كتب لها الاستمرار إلى يومنا هذا. وقد ميزت أئمة المذاهب المندثرة في هذا النص بإيراد لفظ الإمام بين هلالين عقب الاسم.

وانه كانت في مكة مدرسة كان على رأسها عبدالله بن العباس (رض)، تخرج منها: طاوس وعطاء، ومجاهد، وسفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد الزنجي، والإمام الشافعي الذي ينسب اليه المذهب الشافعي اليوم.

كما كانت للمدينة المنورة مدرستها وعلى رأسها زيد بن ثابت (رض)، وقد تخرج منها: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ابن شهاب الزهري، والإمام مالك الذي ينسب اليه المذهب المالكي المعروف.

وكذلك كان في البصرة مدرسة على رأسها أبوموسى الأشعري (رض)، وقد تخرج منها: الحسن البصري، وابن سيرين.

وكانت في الكوفة مدرسة من أهم المدارس على رأسها الإمام علي بن أبي طالب (رض)، وعبدالله بن مسعود(رض)، وقد تخرج منها: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وشريح والشعبي، والنخعي، وسعيد بن جبير، والإمام أبوحنيفة النعمان الذي ينسب إليه المذهب الحنفي.

ومدرسة أخرى هي مدرسة آل البيت وعلى رأسها الإمام علي (رض) أيضا، وتخرج منها: الحسن(رض)، والحسين(رض)، وعلي زين العابدين، والامام زيد بن علي الذي ينسب إليه المذهب الزيدي المعروف ، والامام جعفر الصادق الذي ينسب إليه المذهب الجعفري أو الاثني عشري كما يسميه البعض.

كذلك كان لمصر والشام مدرستاهما، ففي مصر كانت هناك مدرسة على رأسها عبدالله بن عمروبن العاص (رض)، وقد تخرج منها: يزيد بن حبيب، وجعفر بن ربيعة، وعبدالله بن أبي جعفر، وعبدالله بن أبي لهيعة والليث بن سعد (الإمام).

أما مدرسة الشام فقد كان على رأسها أبوالدرداء (رض)، وعبادة الأنصاري (رض)، وتخرج منها: أبو إدريس الخولاني، ومكحول الدمشقي، وعمر بن عبدالعزيز، وعبدالرحمن الأوزعي (الإمام).

وقد كانت كلها مدارس اجتهاد فقهي وفكري وعقلي ورث اللاحق فيها السابق، وكانت أساس المذاهب الإسلامية القائمة إلى يومنا هذا. إن التعصب المذهبي (السياسي) المقيت يروج الأكاذيب والافتراءات، وكمثال على ذلك الإسماعيلية التي تكال لها أشنع التهم.

مع أن فترة حكم الفاطميين الإسماعيلية لليمن كانت من أزهى فترات تاريخها ، وليس أمر الصليحيين والسيدة الصالحة اروي بنت احمد الصليحي بخاف على احد.

زر الذهاب إلى الأعلى