[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الاعتداءات الحوثية على الأراضي السعودية.. أبعاد ودلالات

من المؤكد أن طهران دفعت الحوثيين دفعاً لاستهداف المملكة العربية السعودية بصورة مباشرة وعسكرية لتحقيق عدة أهداف تسعى إيران إليها، من أهمها التغطية على التورط الإيراني الواضح والسافر بدعم الإرهابيين الحوثيين وخاصة بعد تواتر الأدلة وتعدد البراهين التي تثبت الدعم المادي والعسكري الذي تقدمه طهران للمتمردين في اليمن.

بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتداءات التي قام بها الحوثيون في الأراضي السعودية تأتي عقب التصريحات التحريضية التي أطلقها المرشد الأعلى في إيران علي خاميني ضد المملكة ودعوته العلنية للقيام بالمظاهرات والفوضى أثناء موسم الحج.

وقد جاء الرد السعودي على هذه التحريضات صريحاً وقوياً وحازماً بأن المملكة لن تسمح بأي أعمال أو فعاليات تضر بأمن الحجاج وتثير الفوضى والشغب وتبع هذا الرد السعودي العلني والقوي، تبعه تصعيد إيران للحملة الإعلامية ضد المملكة في مختلف وسائل الإعلام الإيرانية والشيعية وفي مقدمتها وأهمها قناة العالم الفضائية التي خصصت فلاشات تحريضية ضد السعودية في برامجها الإخبارية والتحليلية بعنوان - السعودية تحت المجهر-..

وفي خضم هذا الصراع الإعلامي تم وقف بث قناة العالم على القمرين عرب سات ونايل سات كرد على الحملة الإيرانية والتحريضات العدائية، ومما يؤكد أن ما قام به الحوثيون جاء بتوجيهات إيرانية، إن قناة العالم قبل يومين من الاعتداءات على السعودية، بثت تقريراً إخبارياً بدأ بهذه العبارة "الحرب سعودية ولكن بقناع يمني" وأن "الحرب الدائرة تأتي خدمة للجار السعودي الذي اعتمد استراتيجية دموية من تلك المنطقة" ..

ثم تنشر القناة صوراً تقول أنها لأبرياء ومدنيين استهدفهم الطيران ..!! وتؤكد القناة إن الجيش اليمني يركز على الأبرياء والمدنيين في الأسواق والأماكن المزدحمة، وهكذا تآمرات السياسة والحرب، حسب تقرير قناة العالم التي أكدت على أن الحرب أصبحت إقليمية وأن السعودية تحاول إقناع الآخرين أن الحوثيين يهددون أمنها القومي!!

لقد كانت لغة وصياغة هذا التقرير الإخباري لقناة العالم بمثابة إعلان حرب ضد المملكة ودعوة صريحة للحوثيين للقيام بأعمال عسكرية ضدها، وخاصة بعد رفض اليمن أي وساطة إيرانية أو قطرية بل ورفض زيارة وزير الخارجية الإيراني بصورة واضحة وقاطعة..

وليس ذلك فحسب وإنما قامت الدبلوماسية اليمنية عقب رفض زيارة متكي بإرسال وفود رفيعة المستوى والأهمية إلى كل من السعودية والإمارات، ومصر للتنسيق وإيضاح الأمور وتطوراتها، كما قام وزير الخارجية اليمني بزيارة لسوريا وعقب ذلك قام وزير الخارجية الإيراني بزيارة لكل من سوريا وقطر لإقناعهما بالقيام بوساطة لوقف الحرب وإنقاذ الحوثيين..

تلا ذلك تصعيد الخطاب الإعلامي والسياسي الإيراني ضد اليمني والمملكة، وقيام وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري بزيارة لإيران هدفها المعلن التنسيق بين البلدين في القضايا الإقليمية ومنها التمرد الحوثي.

ولا يتنافى ما سبق مع ما يذهب إليه البعض من أن تضييق الخناق على الحوثيين وشدة المعارك في الأيام الماضية قد أدى بهم للفرار إلى الأراضي السعودية وفتح جبهة جديدة هناك من باب عليّ وعلى أعدائي..!!

وفي كل الأحوال فإن استهداف السعودية في سلم أولويات وأجندة الحوثيين، ومؤسس التمرد حسين بدر الدين الحوثي في ملازمه ومحاضراته يتحدث عن المملكة بصورة دائمة وطريقة تحريضية مستلهماً ذلك من خطابات وتوجهات الخميني والثورة الإيرانية..

وكثيرا ما يعقد حسين الحوثي المقارنة بين إيران والسعودية، ويدعو لأداء مناسك الحج وفق الرؤية التي نادى بها الخميني رفع الشعارات وإقامة المظاهرات ومؤكداً على ضرورة إعادة الحج إلى أصالته الإسلامية وتحويل الحج إلى حج إسلامي حسب تعبير حسين الحوثي الذي يقول: إن الخميني تحرك ليعيد الحج إلى أصالته..

وفي مواضع أخرى يذكر أن السعودية خدمت أمريكا، وقدمت كل الخدمات عملت كل شيء لأمريكا.. من ملزمة "لا عذر للجميع أمام الله"، وفي ملزمة "الصرخة في وجه المستكبرين" يقول حسين الحوثي: الإرهابيون الحقيقيون هم الوهابيون ..".

وفي ملزمة "خطر دخول أمريكا إلى اليمن" يقول : السعودية تدعم الوهابيين من كل المناطق، وفي هذه الملزمة يؤكد على أن كل من وقفوا ضد الثورة الإسلامية في إيران أيام الإمام الخميني رأيناهم دولة بعد دولة يذوقون وبال ما عملوا ..

من وقفوا مع العراق ضد الجمهورية الإسلامية، والسعودية واليمن من الدول التي وقفوا ضد إيران والإمام الخميني وحاربوا الثورة الإسلامية، !! وباختصار فإن موقف الحوثيين من السعودية لا يختلف عن موقف الإيرانيين والشيعة عموماً أن الجميع يحمل كراهية وروحا عدائية ضد الدول العربية وفي مقدمتها اليمن والسعودية..

وقد رأينا كيف أن الحوثيين منذ بداية الحرب الراهنة أواخر شهر شعبان وهم يتهمون السعودية بالمشاركة في الحرب ويرددون أكثر من مرة أن الطيران السعودي يشارك في القصف..

وخلال الأسابيع الماضية كان الحوثيون عبر ما يسمى بالمكتب الإعلامي يحاولون جر واستدراج السعودية إعلامياً وسياسياً تحت الضغط والدعم الإيراني، فالجمهورية "الإسلامية" ليست جمعية خيرية تدعم الحوثيين لسواد عيونهم أو حتى لتشيعهم وإنما تدعمهم لتحقيق أهداف وأجندة حكام طهران بالهيمنة الفارسية والتمرد الصفوي والسيطرة على العراق واليمن والخليج العربي.

ومن المهم الإشارة إلى أن الحوثيين لا يعترفون بمعاهدة الحدود الموقعة سنة 2000م بين اليمن والمملكة، وأنهم يعتبرون أنفسهم وتمردهم وريثاً شرعياً لحكم الأئمة وأن عليهم الثأر للإمام يحيى الذي تعرض لهزيمة من القوات السعودية سنة 1934م والحوثيون يتحدثون عن أقامة دولة شيعية في الحدود من عمران إلى نجران ومن الجوف إلى ميدي، وجازان..

وقد بدا واضحاً وجلياً أن الحوثيين لا يدافعون عن أنفسهم وليس لهم مطالب سياسية أو حقوقية أو فكرية أو حتى مذهبية، وإنما لهم أهداف توسعية وأحلام سلطوية وفق رؤية طائفية ونظرية عنصرية وما يجري هذه الأيام من معارك بين الحوثيين والقوات السعودية من قرى ومناطق وتباب سعودية، لهو دليل لا يقبل الشك بأن المتمردين يشكلون خطراً حقيقياً على الأرض والاستقرار في المنطقة وليس في اليمن والسعودية فحسب..

ها هو المدعو/ محمد عبدالسلام الناطق الرسمي للمتمردين يفاخر عبر قناتي الجزيرة والمنار بأنهم يحاربون دولتين وجيشين وقوتين كبيرتين "اليمن والسعودية" وأنهم يمتلكون تأييداً إلهياً ودعماً شعبياً و...!!

وهذا التحدي والفخر يستدعي التدخل الإيراني بصورة مباشرة وعلنية، وحتى كتابه هذا المقال مساء الجمعة 6/11 لم تتخذ إيران إجراءات عملية مقابل ما يحدث في الحدود السعودية وداخل الأراضي السعودية نفسها بصورة مواجهات عسكرية مباشرة بين المتمردين الحوثيين والقوات السعودية التي تفاجأت بالهجوم الحوثي.

ولم تكن هناك قوات عسكرية وإنما حرس حدود تعرضوا لهجوم واعتداء من قبل العصابات الحوثية التي وجدت في تأخير الحسم العسكري فرصة لتوسع رقعة الحرب والمواجهات لتشمل مناطق سعودية، مع ما تمثله هذه المواجهات من تحري للأمن القومي السعودي والخليجي بما يخدم المشروع الإيراني الذي بدأ تنفيذه في العراق ولبنان، ويجري العمل على تنفيذه في اليمن والسعودية والبحرين وغيرها من الدول التي لا تمتلك مشروعاً واضحاً في مواجهة المشروع الإيراني التوسعي.

لقد أخطأ العرب عندما تركوا العراق لإيران وأمريكا، وتركوا لبنان وتركوا اليمن لمواجهة التمرد الحوثي والدعم الإيراني بدون دعم اليمن الحسم المعركة مبكراً، لقد تحدثنا وكتبنا أكثر من مرة أن خطر التمرد الحوثي يتجاوز اليمن إلى دول الجوار، وها هي الأيام تثبت ما كنا نذهب إليه.

وها هو الخطر الحوثي يصل الجانب السعودي، وذلك قبيل موسم الحج لهذا العام الذي يعد له الحوثيون و الإيرانيون والشيعة عموماً للقيام بمظاهرات وفعاليات ورفع شعارات البراءة من المشركين واليهود والأمريكيين وشعار "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل " كشعار بينما الموت للسعوديين..

الموت للعرب، وفي مصادر الشيعة الأساسية والمعتمدة أن الإمام الغائب والمهدي المنتظر يحج إذا قام وخرج هدم المسجد الحرام وجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً ويقتل الحجاج بين الصفا والمروة،وغير ذلك من الأعمال الوحشية والإرهابية التي يزعمون أن المهدي يقوم بها، والخامئني وهو نائب الإمام الغائب فإنه يقوم بأعمال المهدي كما قام بها من قبل الخميني الذي كان أول نائب للمهدي المنتظر والإمام الغائب وفق نظرية ولاية الفقيه وتصدير الثورة الإيرانية إلى مختلف الدول العربية والإسلامية.

موضوع ذات صلة

أبعاد الهجوم الحوثي على السعودية

زر الذهاب إلى الأعلى