[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الحوثيون وبيان الإخوان المسلمين!

أصدر الإخوان المسلمون أمس بيانا يدعون فيه العاهل السعودي إلى الامتناع عن مواجهة جماعة الحوثي الشيعية اليمنية المتطرفة التي هاجمت مراكز حدودية جنوب المملكة وقتلت وأصابت عددا من الجنود والأهالي بما في ذلك نساء وأطفال..

بيان الإخوان طالب العاهل السعودي بأن يتوسط بين من أسماهم "الفرقاء في اليمن" لحقن الدماء وليس للدخول في القتال كطرف، البيان الغريب تحدث بنفس اللغة التي يتم التخاطب بها بين الدول، فهو يتحدث عن تنظيم الحوثيين المسلح بوصفه دولة ينبغي على "الفريق الآخر" في اليمن التحاور معها حقنا للدماء، وليس بوصفه تنظيما مسلحا خارجا على السلطة..

وأنه من المحال لأي دولة في العالم أن تقبل بوجود سلطة مسلحة في جزء من أراضيها تفرض قوانينها وسيطرتها وتجبر الدولة على الجلوس على طاولة المفاوضات، كما أنه من المثير للدهشة أن تطالب دولة قام تنظيم مسلح بالاعتداء على أراضيها وقتل مواطنيها بما يمثله ذلك من إهانة رمزية، تطالبها بعدم الرد، أيضا الملفت للنظر أن الإخوان حتى ساعتنا هذه لم يدينوا بأي شكل من الأشكال جماعة الحوثي وأعمالها، كما لم يطالبوها بالتوقف عن استعمال السلاح وإراقة الدماء قبل التحرش الأخير بالحدود السعودية.

وأنا أستغرب جدا سرعة تحرك الإخوان وإصداراتهم دائما كلما كان الأمر مرتبطا بالنتوءات الإيرانية في المنطقة، بينما تغيب بياناتهم عن الصدور في مواقف طبق الأصل من المواقف السابقة، إذا كان الأمر في أمور أخرى خاصة ما يكون قد تورط فيها بعض الفصائل المنتمية إلى الإخوان في بعض الدول فساعتها تختفي هذه الرقة وهذه الطيبة وهذا الحرص على حقن الدماء، وهو ما حدث بجلاء في أفغانستان.

فلم يحدث أبدا أن طالب الإخوان رجال فصيلهم في أفغانستان الذين دخلوا البلاد في صحبة الدبابات الأمريكية، لم يطالبوهم بالمطلب ذاته حقنا للدماء، بل باركوا تحالف رباني وكرزاي والأمريكان، ولم يتذكروا حكاية حقن الدماء والحوار والمساعي المشكورة والقلب الطيب.

وإن كنت أوقن أن بياناتهم عن أفغانستات ستتقاطر في المرحلة المقبلة عندما تبدأ تباشير النصر لحركة طالبان تعلن عن نفسها بوضوح، وقد بدت ملامحها الآن من اعترافات متتالية لقوات الغزو والاحتلال بعجزهم عن كسر الحركة أو تحقيق الانتصار وسط تعاظم خسائرها في الأشهر الأخيرة.

الأحداث التي تجري في جنوب السعودية وشمال اليمن الآن تكشف بوضوح عن الخطورة الشديدة للاختراقات الإيرانية في المنطقة، لقد صحا العالم على وجود تنظيم مسلح يخوض حربا مفتوحة مع دولة اليمن بجيشها ومدرعاتها وطيرانها ثم يتحرش بدولة أخرى ويتحرش بها ويهاجم أراضيها ويقتل حرس الحدود فيها..

هل هذا التنظيم يعبر عن مشروع سياسي محلي، من أين أتى ذلك التنظيم بتلك القدرات القتالية، من أين أتى بهذا التدريب على العمل المسلح المكثف وتحت ضغط كبير، من أين أتى بالسلاح الخفيف والثقيل ومضادات الدروع وصواريخ مضادة للطيران، من الذين سرب إليهم السلاح ومن الذي قام بتدريبهم طوال هذه السنوات ومن أين يأتيهم المال الهائل الذي ينفقون منه على عشرات الآلاف من المقاتلين..

هل كنا نمزح عندما قلنا بأن التمددات الإيرانية في المنطقة خطيرة للغاية، هل كنا نهزل عندما قلنا بأن الخلايا التي يحاول الإيرانيون زرعها في مصر أو غيرها مباشرة أو بوكالة حزب الله من شأنها أن تشكل خطورة كبيرة على الأمن القومي المصري إذا ترسخت وغفلنا عنها، لقد برر الإيرانيون تمدداتهم في لبنان مع حزب الله بحكاية مواجهة إسرائيل، فأين إسرائيل في تلك الحسابات التي يتمددون من أجلها في اليمن.

إيران تتصرف بمنطق لعبة الشطرنج لفرض الخوف على دول المنطقة بوصفها القوة الإقليمية الحاكمة بعد تدمير العراق، وتملك هي تحريك القطع الأهم في العراق أو لبنان أو فلسطين أو الخليج العربي أو اليمن، حتى الآن على الأقل، لأنها ما زالت في بداية تمدداتها في مصر والمغرب العربي، وإن كان قد وضح أنها تملك كما بدا في بيان الأخوان تغطيات سياسية مهمة في المنطقة العربية بالفعل .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى